بعد اكتشاف النفط حديثا.. هذه الدولة توزع العوائد «نقدا» لكل فرد

قررت دولة صغيرة تقع في أمريكا الجنوبية، توزيع جزءا من عوائد ثرواتها النفطية "نقدا" لكل المواطنين الذين تتخطى أعمارهم 18 عاما، وذلك بعد مرورها بفترة رخاء إثر الاكتشاف الحديث للذهب الأسود.

وحسب موقع "بيزنس إنسايدر"، قررت غيانا، أسرع اقتصادات العالم نمواً ، منح ما يعادل 500 دولار لكل من مواطنيها البالغين (لمرة واحدة) في إطار عملها على تقاسم ثرواتها النفطية المكتشفة حديثاً وتخفيف وطأة تكاليف المعيشة المرتفعة.

وأعلن محمد عرفان رئيس غيانا التي يبلغ عدد سكانها 800 ألف نسمة فقط، أن حكومته ستبدأ في توزيع الأموال على من هم فوق سن 18 عاماً على الفور.

ووفقا لتقرير نشره موقع "بيزنس إنسايدر، قال عرفان إن البرنامج يهدف إلى الحد من الفوارق الاقتصادية في غيانا وتخفيف الضغوط المالية على السكان، وأن البرنامج سيضخ ما يعادل 287 مليون دولار من الدخل المتاح بالدولار الغياني في الاقتصاد.

وقال في وقت سابق إن كل أسرة ستحصل على ما يعادل 1000 دولار بالدولار الغياني، لكنه تحول إلى الدفع الفردي بعد أن أثار السكان المحليون مخاوف بشأن كيفية تعريف الأسرة وكيفية تقاسم الأموال داخل كل منزل.

• أسعار النفط نحو أكبر خسارة أسبوعية منذ سبتمبر رغم كل المحفزات
• «الطاقة الدولية» تخفض توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط 2024

وقال الرئيس إن "هذه هي الطريقة التي سيتم بها تحقيق الازدهار وتوسيع الملكية وتوزيع الثروة. وهذه هي الطريقة التي يتم بها إنفاق موارد وإيرادات هذا البلد كل يوم لرفع مستوى حياة الناس، وتوسيع الثروة الوطنية والثروة الساحلية وثروة المجتمع".

 خطوات سابقة

وكانت السلطات الغيانية اتخذت خطوات أخرى لمكافحة ارتفاع تكاليف المعيشة. فقد أزالت أكثر من 200 ضريبة ورسوم، بما في ذلك ضريبة الاستهلاك على الوقود وضريبة القيمة المضافة على المياه والكهرباء وبعض الأطعمة الأساسية.

وفي العام الماضي، قدمت السلطات أيضًا منحة لمرة واحدة معفاة من الضرائب بقيمة حوالي 120 دولارًا للشخص لمجموعة تضم مدرسين وموظفين حكوميين.

وقال نيكولاس سواريز، الخبير الاقتصادي الذي يغطي أمريكا اللاتينية في شركة "إس آند بي ماركت إنتلجنس"، إن الدفعة الأخيرة "ستزيد من متوسط الدخل المتاح للأسرة، مما يخفف من بعض القيود المفروضة على ميزانيتهم".

ويشير سواريز إلى أنه في الأمد القريب، يمكن أن يعزز هذا الإجراء نمو الاستهلاك الخاص، لكنه قد لا يخفف الضغوط التضخمية. فعلى العكس من ذلك، يمكن أن تؤدي النفقات الحكومية الأعلى إلى ضغوط تضخمية كبيرة على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة.

وقال إن التضخم في غيانا ارتفع من متوسط ما قبل الوباء البالغ 2.3٪ سنويًا إلى 3.3٪ في أغسطس/ آب.

ركوب موجة النفط

وغيانا، مستعمرة سابقة ناطقة باللغة الإنجليزية وكانت قد نالت استقلالها عن بريطانيا عام 1966، وتحدها فنزويلا من الغرب، والبرازيل من الجنوب، وسورينام من الشرق.

وصندوق الموارد الطبيعية الخاص بها يشبه صندوق النفط النرويجي، الذي تم إنشاؤه في التسعينيات لاستثمار الأرباح من قطاع النفط والغاز في الدولة الاسكندنافية، وحماية الاقتصاد من التقلبات في عائدات الطاقة، والعمل كاحتياطي مالي وخطة ادخار طويلة الأجل للنرويجيين.

وتتوقع شركة إكسون، التي اكتشفت ما يقدر بنحو 11 مليار برميل من المكافئ النفطي قبالة ساحل غيانا منذ عام 2015، أن تنتج البلاد حوالي 1.3 مليون برميل يوميًا بمجرد تشغيل مشاريع الشركة الستة في عام 2027. 

وستصنف غيانا بين أكبر 20 منتجًا للنفط في العالم. وزادت غيانا الإنتاج إلى أكثر من 600 ألف برميل يوميًا في وقت سابق من هذا العام، مما أدى إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 50٪ في النصف الأول ووضع غيانا على المسار الصحيح للنمو بنحو 43٪ هذا العام.

وارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 62٪ في عام 2022 ثم 33٪ في عام 2023، بينما ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 7000 دولار في عام 2020 إلى حوالي 26000 دولار هذا العام، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي.

وقال كارل ويدركويست، أستاذ الفلسفة في جامعة جورج تاون في قطر إن الدفع للأسر "أخبار رائعة"، ووصف التوزيع لمرة واحدة بأنه "رأس مال أساسي" أو "منحة أصحاب المصلحة" بدلاً من الدخل الأساسي، لكنه قال "إنها خطوة كبيرة في هذا الاتجاه إذا ما مضوا قدمًا في ذلك".