حبيب الصايغ لـ"العين": قانون القراءة قفزة كبيرة على طريق التنوير والمعرفة
"العين" في حوار خاص مع رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، حبيب الصايغ، حول قانون الإمارات للقراءة ومراميه على المستويين الثقافي والاجتماعي.
حينما يمسي لوعاء الحضارة قانوناً، يمكن للماضي أن يؤخر بنزاهة ويكتب الحاضر بوعي، ويرسم المستقبل بشفافية.. ذلك هو النهج الذي تضعه الإمارات بترسيم "قانون القراءة" على مشارف انتهاء العام الذي احتفت فيه بحضرة "الكلمة".. "العين" أجرت حواراً خاصاً مع رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، الأمين العام للاتحاد العام لأدباء والكتاب العرب، حبيب الصايغ؛ للوقوف على أهمية القانون ومراميه على المستويين الثقافي والاجتماعي.
• كيف سيعمل قانون القراءة على دعم وتنمية رأس المال البشري من خلال إقراره في دولة الإمارات؟
تعد القراءة العامل الأهم في التغيير وتقدم وتطور الشعوب؛ فهي أخطر العوامل في تغير أي شعب أو مجتمع أو وطن سلباً أو إيجاباً، ويعد أول أسباب تردي المجتمعات العربية إهمالها للقراءة، وقد كانت القراءة في الإمارات لا تختلف حالاً عن محيطها؛ حيث بدأ دور الكتاب يتقلص بشكل كبير منحصراً على مسائل الدراسة وهو ما أدى إلى تراجع دور المكتبات المدرسية التي باتت شبه خاوية، وتبعية أثر هذا على رؤية الإنسان العربي وتحديد آفاقه وانكبابه على التعليم الموجه بشكل يخل بفكرة التعلم، في مقابل تراجع الفكر التنويري المنفتح المبني على الاطلاع والمعرفة وتوسيع المدارك العقلية.
الآن من خلال قانون القراءة الذي تم إقراره تزول كثير من العواقب في اتجاه دعم وتنمية رأس المال البشري، من خلال انفتاح المواطن واطلاعه على كل ما يقع تحت يده وهو ما سيعمل على تعزيز تمييز المحتوى الذي سيتم تنميته بدعم المبادرات القرائية المهتمة بتقديم ورش عن القراءة وتقييم الفكر المقدم في الكتب، لقد انطلقت الإمارات بالفعل حتى قبل إصدار القانون بتخصيص عام 2016 للقراءة، لينتهي هذا العام الحافل بسن قانون داعم للقراءة.
إن إصدار أي قانون داعم لترويج الثقافة والقراءة دليل حضاري تقدمي على تقدم المجتمعات، واليوم تأخذ الإمارات بهذه الخطوة قفزة كبيرة على طريق التنوير والمعرفة وهو ما سيفتح الباب لأرقى وأكثر أنواع الاستثمار ديمومة، وهو الاستثمار في البشر.
• ما مدى تأثير القانون على حركة التأليف والترجمة بعد إعفاء مواد القراءة من الرسوم والضرائب لغايات النشر والطباعة؟
بلا شك سيشجع القانون بشكل عام وهذا الشق منه خصيصاً الناشرين الإماراتيين على بذل جهود أكبر لتحفيز حركة التأليف والترجمة ومن ثم صناعة النشر، وسنعمل الآن على الاستفادة من القانون في ترسيخ حقوق النسخ والملكية، وقد بدأنا بالفعل من خلال إصدار مذكرات تفاهم بين اتحاد كتاب وأدباء والإمارات وجمعيات الناشرين وجمعيات الملكية الفكرية لتفعيل حقوق النسخ وإدارة وتقنين النسخ ما يكفل حقوق المؤلف وحقه الأدبي.
يوجد حالياً أكثر من 100 دار نشر لمواطنين، لكن الفاعل الفعال منهم قليل، وأرى أن صدى القانون سيحفز تفعيل جميع هذه الدور، خاصة بعدما توجه عدد من الأدباء والكتاب المنتمين إلى اتحاد أدباء وكتاب والإمارات إلى صناعة النشر مؤخراً، وأعتقد أن من خلال الدعم الذي ستوفره الدولة الآن لصناعة النشر ستكون انطلاقة هذه الدور المستجدة أيسر من ذي قبل، ومن هنا يجب تفعيل دور المؤسسات والهيئات والدوائر الوطنية المعنية بالثقافة والمعرفة للوصول بصناعة النشر الناشئة إلى بر الأمان.
• انطلاقاً من دور دعم الدولة للثقافة عموماً والقراءة خصوصاً وتخصيص صندوق وطني لدعم مبادرات القراءة ضمن مرسوم القانون، كيف يسهم ذلك في ترسيخ القراءة كعادة مجتمعية؟
سيكون للصندوق دور كبير في تفعيل القانون على أرض الواقع وملامسة حياة الناس، لكن الجانب الأهم الذي يجب التركيز عليه هو دور المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص، فحتى الآن كثير من شركات ومؤسسات القطاع الخاص متخلفة عن ركب الدولة في مسألة اهتمامها بقيمة القراءة، وأتمنى أن أرى قريباً نوعاً من الإلزام لرجال الأعمال والشركات الخاصة بدعم وتشجيع القراءة والثقافة، ويمكن أن نبدأ ذلك بمبادرة تجعل من الشركات الداعمة للثقافة والمعرفة وتلتزم بمبادرات المسؤولية الاجتماعية الأفضلية عما سواها في تعاملها مع الهيئات والمؤسسات الحكومية، فكل هذه الخطوات الداعمة التي تتخذها الدولة والقوانين لا يمكن أن تحقق مراميها إلا بتضافر كل الجهود معاً للوصول إلى مجتمع يقرأ بوعي.
• كيف سيلعب القانون دوراً في تحفيز الاستثمار في المكتبات والمراكز الثقافية؟
لقد غاب دور المكتبات التجارية تقريباً في مجتمعنا لتتحول إلى محال لبيع القرطاسية ولوازم الدراسة نتيجة لانصراف الناس عن القراءة، وحتى إن احتوت هذه المكتبات كتباً فغالباً ما تكون الكتب كلاسيكية عتيقة، تفتقر لتنوع المواضيع وتعدد العنوانين والمحتوى في الحقل ذاته، لكن من خلال البدء في تفعيل القانون ستتحرك كثير من القطاعات المصاحبة ومنها أمور الترويج والتوزيع، وهو ما سيسهم في تحفيز قطاع المكتبات مرة أخرى، لنتوقع أن نرى قريباً مكتبات متكاملة على الطريقة الغربية، ناهيك عن الطفرة المتوقعة للمكتبة الإلكترونية على خطٍ موازٍ للمكتبات التقليدية.
• اتحاد كتاب وأدباء الإمارات أحد أذرع الثقافة في الدولة فما هي الآليات التي سيتبعها لترجمة قانون القراءة على أرض الواقع؟
نعمل حالياً على نشر القانون لكل أعضاء الاتحاد، من أجل تحقيق أعلى استفادة منه من خلال تطبيق بنوده والالتزام به، لكن أبعد من ذلك لقد قمنا اليوم بتصدير فكرة القانون وإرساله لكل الاتحادات العربية والروابط والجمعيات بصفتي الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، وسنقوم في المستقبل بتعميم أي دراسات خاصة ومتابعات صحفية تخرج كنتاج عن القانون بهدف الاستفادة والاسترشاد به، كي تبدأ هذه الروابط والجمعيات والاتحادات والنقابات بمطالبة حكوماتها بالاحتذاء والاقتداء بالإمارات في هذا الشأن، وحينما يمسي لكل دولة من دولنا العربية قانون داعم للقراءة وحماية الثقافة واللغة العربية فهذا سيؤثر إيجاباً على شكل المرحلة القادمة حتى تتخطى مجمعاتنا كبوتها التي عانت منها لعقود.
aXA6IDE4LjExNi45MC41NyA=
جزيرة ام اند امز