هايتي على وشك السقوط.. «ميناء الأمير» في قبضة العصابات

فشلت الشرطة الوطنية وقوات الأمن المدعومة أمميا في وقف تمرد العصابات المستمر في هايتي منذ عام وأدى إلى نزوح أكثر من مليون شخص.
وشهدت بورت أو برنس عاصمة هايتي مستويات جديدة من أعمال العنف الإجرامية المستمرة منذ عام وسط تكهنات بأن المدينة على وشك الوقوع بأكملها في أيدي تحالف من العصابات المسلحة يُدعى "فيف أنسانم" أو (نعيش معًا).
ويحمل اسم بورت أو برنس أصداء الماضي الاستعماري الفرنسي لهايتي. أنشأها المستعمرون الفرنسيون عام 1749، واسم المدينة بالفرنسية، بورت أو برنس، وترجمته "ميناء الأمير".
ويحمل اسم "بورت أو برنس" أصداء الماضي الاستعماري الفرنسي لهايتي، وأنشأها المستعمرون الفرنسيون عام 1749، واسم المدينة بالفرنسية، بورت أو برنس، ومعناه "ميناء الأمير".
وتهيمن مشاعر الخوف على الجميع في ثالث أكبر مدينة في منطقة البحر الكاريبي.
وقال ضابط شاب عضو في وحدة مكلفة بإحباط تقدم العصابات لصحيفة "الغارديان" البريطانية "كان هناك ذعر، وإطلاق نار كثيف. الوضع متوتر طوال اليوم".
وأضاف "أخشى أن نستيقظ على خبر سقوط المدينة".
وأصبحت بورت أو برنس على شفا الانهيار مع فرار 60 ألف شخص على الأقل من منازلهم الشهر الماضي هربًا من القتال، وذلك وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة التي تشير إلى نزوح أكثر من مليون شخص منذ بدء أعمال العنف قبل عام.
وحذّر فرانز دوفال، رئيس صحيفة "لو نوفيليست" التي تعد أقدم صحيفة في هايتي من أن سقوط العاصمة قد يكون وشيكًا، وقال إنه منذ بدء أعمال العنف الإجرامية في فبراير/شباط 2024، "خرج الوضع عن السيطرة تمامًا".
وكتب دوفال "مثل بنوم بنه التي اجتاحها الخمير الحمر، وسايغون التي ابتلعتها قوات فيتنام الشمالية، ظلت بورت أو برنس معلقة بخيط طويل لدرجة أنه يجب على المرء الآن أن يخشى أن الشائعات وصرخات الألم ليست مجرد أصداء، بل هي صوت انهيارها النهائي".
وأضاف "في الساعات الأخيرة، فرّ عدد لا يحصى من موظفي الوزارات والخدمات العامة والأسر من مناطق كانت تُعتبر آمنة في السابق"، بينما واصل مقاتلو العصابات التقدم، وأحرقوا المباني وهددوا بالاستيلاء على العاصمة بالكامل.
وذكر أن "هجمات العصابات، التي تخللتها رشقات من إطلاق النار من أسلحة آلية تجعل الفرار الخيار الوحيد"، لكن الهروب الآن أصبح مستحيلًا، مشيرا إلى أن "كل مخارج العاصمة تحت سيطرة الجماعات المسلحة".
من جانبها، قالت روزي أوغست دوسينا، الناشطة في مجال حقوق الإنسان والتي تعمل مع ضحايا عنف العصابات "الخوف ظاهر على وجوه الناس. نشعر وكأن السكان يعانون بينما تقف السلطات مكتوفة الأيدي".
ويخشى مراقبون أن يكون الوضع الأمني الآن على وشك الانهيار التام، مع وقوع مناطق كانت آمنة في السابق، مثل سولينو ونازون، تحت سيطرة العصابات فضلا عن تعرض عمال الإغاثة التابعين لمنظمة أطباء بلا حدود الطبية لإطلاق نار، وإحراق مقر أقدم محطة إذاعية في هايتي.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أقر يوري شيفري عمدة بورت او برنس، بأن حكومته لا تسيطر إلا على حوالي 30% من المدينة، وأن العديد من المناطق الرئيسية "في حالة حرب".
والأربعاء الماضي، خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع للتنديد بالعنف وفشل الحكومة في احتوائه، بينما نصبت جماعات "الدفاع عن النفس" المسلحة حواجز في الطرق للدفاع عن المجتمعات التي لم تسيطر عليها العصابات بعد.
ونقلت صحيفة "لو نوفيليست" عن أحد المتظاهرين قوله "سنموت واقفين، دون استسلام"، وأضاف "نحن مستعدون للموت دفاعًا عن أحيائنا وعائلاتنا ومنازلنا. نحن مستعدون لتحمل المسؤولية إذا اضطررنا إلى ذلك".
ولا يعتبر ويليام أونيل، خبير الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان الذي زار بورت أو برنس في وقت سابق من الشهر، أن هناك أي مبالغة في مقارنة المدينة بسايغون وقال "الشعور بالخوف ملموس.. والشعور بأن المدينة على وشك الوقوع بالكامل في أيدي العصابات قوي للغاية".
وأشار أونيل إلى أن أحياء التلال الثرية المحيطة ببيتيونفيل أصبحت الآن "تقريبًا آخر المناطق الآمنة في العاصمة"، وتساءل"لكن إلى متى؟ هذا هو السؤال".
وكان من المفترض أن تسير الأمور على نحوٍ مختلف، ففي أبريل/نيسان الماضي، تشكلت حكومةٌ انتقاليةٌ بعدما أطاحت العصابات برئيس الوزراء أرييل هنري، وفي ذلك الوقت، أعرب أعضاء الحكومة الجديدة عن تفاؤلهم بإمكانية تغيير الوضع.
وبعد ثلاثة أشهر، نُشرت الدفعة الأولى من قوة أمنية مدعومة من الأمم المتحدة، قوامها 2500 جندي، مع إصرار قادتها على إمكانية استعادة السلام، ولكن حتى الآن لم يصل إلى هايتي سوى حوالي 1000 عنصر من تلك القوة التي تقودها كينيا.
ويقول الخبراء إن القوة الأمنية غير مجهزة بشكل كاف لمواجهة العصابات القوية كما هو الحال مع قوة الشرطة الوطنية المحاصرة في البلاد.
وقال أونيل "إنهم أقل عددًا وعتادًا. يحتاجون إلى طائرات هليكوبتر للتنقل بسهولة وأمان، ويحتاجون إلى نظارات رؤية ليلية، ودروع واقية، وما إلى ذلك ويحتاجون إلى المزيد من الأفراد"، داعيًا أيضًا إلى فرض حظر على الأسلحة لوقف تهريبها من الولايات المتحدة إلى هايتي.
وفي ظل يأسها، بدأت شرطة هايتي في استخدام تكتيكات دراماتيكية مثل تلك المستخدمة في ساحات المعارك بأوكرانيا فظهرت تقارير عن سلسلة من الهجمات الانتحارية بطائرات مسيرة تستهدف زعماء العصابات الذين يعيشون في عمق الأحياء الفقيرة الشبيهة بالمتاهة في بورت أو برنس، محاطين بالحواجز والحراس.
aXA6IDE4LjExNi42MC4xMjQg جزيرة ام اند امز