"تسييس الحج".. حكمة السعودية تواجه تعنت قطر وإيران
طهران تصر على إقامة مراسم ما يعرف بـ"البراءة من المشركين"، والدوحة تواصل منع القطريين من أداء الحج
تواجه إيران الدعوات والحكمة السعودية بعدم تسييس فريضة الحج بتعنت شديد، وإصرار على إقامة مناسك طائفية لا تمت للعبادة بصلة، فيما تحاول قطر الزج بالفريضة المقدسة في مربع أزماتها السياسية.
وتصر طهران على إقامة مراسم ما يعرف "بالبراءة من المشركين"، أما الدوحة فتواصل منع القطريين من أداء الحج، وتوظيف ذلك في أزمتها، للزعم بأن المملكة هي من تمنعهم.
ودعت السعودية، في بيان السبت، قطر إلى إزالة العقبات التي تفرضها لمنع الحجاج القطريين من القدوم لأداء الحج، إلا أن صحف "الحمدين" خرجت، الأحد، لتردد الأكاذيب القديمة نفسها، وتستعين بأسماء منظمات وهمية لدعم موقفها الهش، ردا على الدعوة السعودية.
المملكة وجهت دعوة أيضا لعدم رفع أي شعارات سياسية أو مذهبية خلال الحج والتفرغ للعبادة، إشارة إلى الشعارات التي يرفعها الإيرانيون بإيعاز من نظام المرشد علي خامنئي.
تلك الدعوة أكدتها الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء ومجمع الفقه الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي، مؤكدة أن إثارة الشعارات السياسية والحزبية والطائفية في هذه الشعيرة "يعد من الرفث والفسوق والجدال في الحج".
طائفية إيران
ومع بدء توافد ضيوف الرحمن على المملكة لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام تواترت دعوات إيران لحجاجها بإقامة مراسم ما يسمى بـ"البراءة من المشركين".
وإعلان "البراءة من المشركين" هو شعار طائفي ألزم مرشد إيران الخميني الحجاج الإيرانيين برفعه وترديده في مواسم الحج، من خلال مسيرات أو مظاهرات "تتبرأ ممن يعتبرونهم مشركين"، باعتبار أن الحج يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية إلى فريضة سياسية.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، السبت، عن مسؤول بعثة الحج الإيرانية عبدالفتاح نواب التمسك بإقامة تلك المراسم، زاعما أن "قضية البراءة من المشركين لا تضر العالم الإسلامي بل تؤدي إلى تقويته".
وبين أن تلك المراسم "ستجري في موسم العام الجاري".
وكان المرشد الإيراني الحالي علي خامنئي جدد قبل عدة أيام دعوته لتسييس الحج، وذلك خلال استقباله المسؤولين والمعنيين بشؤون الحج في إيران.
ونقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" عن خامنئي قوله إن "الحج عمل سياسي وتكليف ديني"، زاعماً أن "البراءة من المشركين فريضة إلهية".
تحذيرات مشددة
وفي مواجهة الإصرار الإيراني على تسييس الحج، وإطلاق شعارات سياسية ومذهبية، جاء الموقف السعودي واضحا وحاسما وحازما، وسط دعم وتأييد ومساندة لهذا الموقف من مختلف المؤسسات الدينية في المملكة والعالم الإسلامي، حرصا على أمن وأمن حجاج بيت الله الحرام.
وفي هذا الصدد جدد مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعه، الثلاثاء الماضي، دعوته حجاج بيت الله الحرام "ليتفرغوا لأداء شعائر الحج ومراعاة إخوانهم وخصوصية الأماكن المقدسة وروحانيتها والابتعاد عن كل ما يعكر صفو الحج وسكينته برفع أي شعارات سياسية أو مذهبية".
وشدد على أنه "أنه لن تقبل مثل هذه التصرفات بأي حال من الأحوال، وسيتخذ بشأنها الإجراءات اللازمة كافة، للحيلولة دون القيام بها وتطبيق ما تقضي به الأنظمة والتعليمات، حيال من يقدم على ذلك".
أما وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، فأكد أن هذه الدعوة جاءت متوافقة مع ما أمر به الله من وجوب أداء فريضة الحج بسكينة واطمئنان والبعد عن الرفث والفسوق والجدال.
بدورها أكدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء أهمية المحافظة على مقاصد الحج الإيمانية، وتعظيم شعيرة الحج واستغلاله في بذل الطاعات والعبادات تقربًا لله، وعدم الخروج عن شعيرة هذا النسك العظيم برفع أي شعارات سياسية أو مذهبية.
على الصعيد ذاته، حذر الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى من إثارة الشعارات السياسية والحزبية والطائفية في الحج، مؤكداً أن ذلك يعد من الرفث والفسوق والجدال في الحج المشمول.
بدورها أكدت أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي أهمية تعظيم قدسية الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة والحرص على السكينة والأمن لحجاج بيت الله الحرام.
كما أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين أن الحج اجتماع إيماني، وليس محفلًا سياسياً لرفع الشعارات، ما يؤدي إلى إيذاء بقية الحجاج.
قطر تواصل منع الحجاج
وفي إطار حرصها أيضا على التيسير على حجاج بيت الله من كافة بقاع الأرض ومن مختلف الجنسيات لأداء الحج، تواصل السعودية جهود مضنية لإثناء الحكومة القطرية عن منع مواطنيها من أداء الحج.
ودعت وزارة الحج والعمرة السعودية، السبت، قطر إلى تسهيل إجراءات قدوم القطريين الراغبين في أداء مناسك الحج، وإزالة العقبات التي تفرضها لمنعهم من القدوم لأداء هذه الشعيرة العظيمة.
وأكدت وزارة الحج والعمرة الحرص على تسخير كافة الإمكانيات لتسهيل قدوم الحجاج والمعتمرين من دولة قطر، أسوة بما تقوم به تجاه عموم المسلمين الراغبين في أداء مناسك الحج والعمرة.
ورفضت وزارة الحج والعمرة الادعاءات الصادرة من وزارة الأوقاف القطرية، بأن حكومة المملكة تضع العراقيل أمام من يرغب في زيارة المشاعر المقدسة من قطريين أو مقيمين على أرض دولة قطر.
وأكدت أن هذه الادعاءات تنافي الحقيقة، وبينت أنها أطلقت عدة روابط إلكترونية لتمكين المواطنين القطريين والمقيمين في دولة قطر من حجز أماكن إقامتهم والتعاقد على الخدمات التي يرغبونها، والقدوم عبر أي خطوط جوية غير الخطوط القطرية لأداء مناسك العمرة.
وبينت أن الحكومة القطرية قامت بحجب هذه الروابط عن المواطنين القطريين والمسلمين المقيمين في قطر.
وشددت في الوقت ذاته على رفض المملكة التام لأي محاولة لتسييس الحج، واستنكارها إقحام المواقف السياسية المقررة والمعلنة بين البلدين، والتي لها ظروفها ومسبباتها السياسية في أمور الحج والعمرة.
وأكدت أنه يجب على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر تمكين الحجاج والمعتمرين القطريين والمقيمين في قطر من القدوم لأداء المناسك، من خلال جميع خطوط الطيران العالمية، ما عدا الخطوط القطرية، وعدم منعهم، ومساعدتهم على أداء مناسك الحج والعمرة دون إقحامهم في الأمور السياسية.
لكن الدعوة السعودية قوبلت بإصرار قطري على ترديد المزاعم نفسها، وخرج إعلام الحمدين في الصحف الصادرة، اليوم الأحد، ليردد مزاعمه القديمة.
وفي كذب مفضوح استعانت جريدة "الشرق" القطرية ببيان منسوب لمنظمة وهمية تحمل اسم الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين.
وسبق أن فضحت ماليزيا مؤامرة قطر للمطالبة بتدويل الحرمين، بعد أن نشرت "الجزيرة" ووسائل إعلام "الحمدين" بيانات لمؤسسة وهمية تحمل اسم "الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين في ماليزيا"، تطالب بتدويل الحرمين.
كما زعمت "الشرق" القطرية، في تقريرها الصادر اليوم، أن الروابط التي أطلقتها السعودية هي روابط وهمية، متجاهلة قيام الدوحة دائما بحجب الروابط الإلكترونية التي تخصصها وزارة الحج والعمرة السعودية لاستقبال طلبات القطريين الراغبين في أداء مناسك الحج والعمرة.
ويكثف إعلام الحمدين خلال تلك الأيام تقاريره المفبركة التي تستهدف تفزيع القطريين من أداء الحج، فيما تسعى الدوحة لعرقلة تسجيل الحجاج.
ومنذ إعلان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب في 5 يونيو/حزيران 2017 مقاطعة قطر لدعمها للإرهاب، حرصت السعودية على عدم تأثر الشعب القطري بأفعال حكومته الداعمة للإرهاب، وقامت بتيسير كل السبل أمامهم لزيارة البيت الحرام وأداء مناسك الحج والعمرة.
ومع كل مناسبة دينية، مثل موسم الحج أو شهر رمضان، تعيد السعودية التذكير بإجراءاتها لتيسير أداء مناسك الحج والعمرة، مع إضافة استثناءات وتسهيلات جديدة متنوعة لمواجهة العراقيل التي يضعها تنظيم الحمدين أمام القطريين لزيارة بيت الله الحرام.
ويرى مراقبون أن تنظيم "الحمدين" يقوم بمنع القطريين من أداء الحج والعمرة، والزعم أن المملكة هي من تقوم بمنعهم، لتحقيق عدد من الأهداف، أولها استخدام تلك الأكاذيب في حملته التي تستهدف تشويه صورة السعودية ومحاولته تسييس الحج والعمرة.
كما يستهدف تنظيم "الحمدين" استغلال تلك الأكاذيب كورقة ضغط في المحافل الدولية لتقديم شكاوى حقوقية كيدية ضد المملكة، إلا أن المملكة بحكمتها أيقنت الأهداف الخبيثة القطرية ودحضت حججها وأبطلت مكائدها.
aXA6IDE4LjIyMC4yMDAuMTk3IA== جزيرة ام اند امز