«الحج خلسة».. جهود سعودية جديدة لمواجهة ظاهرة متكررة

"الحج خلسة"، "الحج دون تصريح"، "الحج غير النظامي"، "الحج المخالف".. مسميات عدة لظاهرة واحدة تبذل السعودية جهودا متواصلة لمكافحتها.

جهود تتواصل على مختلف الأصعدة الأمنية والدينية والإعلامية في إطار سعي المملكة للارتقاء بالخدمات المقدمة للحجاج النظاميين، ومنع الظواهر السلبية والأضرار والمخاطر الناتجة عن الحج بلا تصريح.

نجحت تلك الجهود في تقليص أعداد الحجاج غير النظاميين بشكل كبير على مدار الأعوام المتعاقبة، دون أن تتمكن من السيطرة عليها بشكل كامل.

وخلال حج العام الجاري 2024، أضافت السعودية إجراءات جديدة، في سبيل مكافحة تلك الظاهرة، أبرزها إطلاق بطاقة نسك للتمييز بين الحاج النظامي وغير النظامي، وتشديد العقوبات والغرامات بحق المخالفين، إضافة إلى إطلاق حملة دولية للتوعية بخطورة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج والحملات الوهمية.

وتبذل السعودية جهودا حثيثة للارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن وتوفير كل ما من شأنه إعانتهم على أداء المناسك في أمن وأمان وسلامة وطمأنينة.

خدمات ترتبط بالتحكم في أعداد الحجاج لتوفير مرافق وخدمات مناسبة لأعدادهم وإدارة تفويجهم وتنقلاتهم عبر المشاعر المقدسة، فضلا عن ضمان حصولهم على اللقاحات اللازمة حرصا على صحتهم وصحة الحجاج المخالطين لهم لمنع حدوث أي عدوى أو وباء.

إلا أنه قد يعكر صفو هذه الجهود، الحجاج غير النظاميين، الذين يتسللون إلى الحج خلسة، بعيدًا عن أعين رجال الأمن، دون أن يحصلوا على التصاريح اللازمة لأداء الفريضة.

ويعد السبب الأبرز لتلك الظاهرة هو رغبة البعض في الحج مع عدم القدرة على تحمل تكاليفه، وعادة ما يلجأ الحجاج المخالفين- إذا كانوا خارج مكة- إلى اللجوء إلى مهربين يقومون بتهريبهم عبر طرق فرعية وعرة لتلافي النقاط الأمنية.

أيضا يلجأ البعض إلى السفر لأداء العمرة قبل موسم الحج بأشهر قليلة، ثم البقاء هناك حتى يحين وقت الحج، وأداء المناسك.

مخاطر وتداعيات

ظاهرة ينتج عنها مخاطر وتداعيات عدة من أبرزها:

- الحاج غير النظامي لا يحصل على اللقاحات اللازمة، الأمر الذي يجعله يشكل خطرا على صحته والآخرين.

- ينتج عن الحج غير النظامي ظاهرة الافتراش، حيث يفترش الحجاج غير النظاميين الطرق والشوارع لعدم وجود خيام أو أماكن نظامية تأويهم، الأمر الذي قد يعرضهم لحوادث الدهس ويهدد سلامة الحجاج النظاميين.

- يلجأ بعض النشالين إلى التسلل خلسة كحجاج غير نظاميين لممارسة أعمال السرقة والنشل.

- لا يستطيع الحاج بطريقة غير نظامية قضاء حاجاته الأساسية كالنوم وغيره إلا على الطرقات والأرصفة الأمر الذي ينتج عنها مشاكل صحية وبيئية.

- التأثير على خطط إدارة الحشود وتفويج ضيوف الرحمن عبر المشاعر المقدسة.

جهود شاملة

وحرصا على تلافي تلك المخاطر والأضرار، تبذل السعودية جهودا شاملة ومتكاملة وعلى أكثر من صعيد لمكافحة تلك الظاهرة، ومن أبرز تلك الجهود.

  إطلاق بطاقة نسك

أطلقت وزارة الحج والعمرة خلال حج هذا العام بطاقة «نسك» حيث تتيح البطاقة لجميع الحجاج الدخول والتنقل في المشاعر المقدسة والكثير من المزايا والخدمات مع توفر نسخة رقمية منها على تطبيقي «نسك» و«توكلنا»، وهي مصممة لتكون سهلة القراءة آلياً؛ مما يتيح للعاملين في الحج التعرف والتحقق من هوية كل حاج، كما تساعد على منع دخول الأفراد غير المصرح لهم إلى المشاعر المقدسة، وبالتالي ضمان سلامة جميع الحجاج وأمنهم.

 وتعد «نسك» بطاقة تعريفية رسمية تُميّز الحاج النظامي في المشاعر المقدّسة وهي بمثابة تطبيق متكامل يتيح لحاملها تسجيل بياناته الشخصية والصحية والمعلومات المهمة والاستفادة من مجموعة واسعة من الخدمات، وتُسلّم لضيف الرحمن بوساطة مكاتب الحج بعد إصدار التأشيرة لحجاج الخارج، ومقدّمي الخدمة لحجاج الداخل بعد إصدار تصريح الحج.

جهود أمنية

على الصعيد الأمني، أعلنت وزارة الداخلية تطبيق عقوبة مخالفي أنظمة وتعليمات الحج لمن يتم ضبطهم دون تصريح حج داخل مدينة مكة المكرمة والمنطقة المركزية والمشاعر المقدسة ومحطة قطار الحرمين بالأرصفة ومراكز الضبط الأمني ومراكز الفرز ومراكز الضبط الأمني المؤقتة، وذلك اعتبارًا من 2 يونيو/حزيران الجاري وحتى 20 من الشهر نفسه.

وأكدت الوزارة تطبيق عقوبة الغرامة بقيمة (10,000) ريال على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج دون تصريح بحق كل من يضبط من المواطنين والمقيمين والزوار داخل النطاق الجغرافي ولا يوجد لديه تصريح حج، وترحيل المقيمين منهم لبلادهم والمنع من دخول المملكة وفقًا للمدد المحددة نظامًا.

 وشددت وزارة الداخلية على أنه سيتم إيقاع غرامة مالية مضاعفة على المخالفين قدرها (10,000) ريال في حال تكرار المخالفة، مؤكدة أهمية الالتزام بأنظمة وتعليمات الحج لينعم ضيوف الرحمن في أداء نسكهم بالأمن والأمان والراحة والطمأنينة.

وتصل عقوبة كل من يتم ضبطه وهو ينقل مخالفي أنظمة وتعليمات الحج بلا تصريح إلى السجن لمدة تصل إلى (6) أشهر وغرامة مالية تصل إلى (50,000) ريال، والمطالبة بمصادرة وسيلة النقل البرية بحكم قضائي، وترحيل الناقل المخالف إن كان وافدًا بعد تنفيذ العقوبة، ويمنع من دخول المملكة وفقًا للمدد المحددة نظامًا، وتتعدد الغرامة المالية بتعدد المخالفين المنقولين.

وبالفعل أعلنت وزارة الداخلية على مدار الأيام الماضية عن ضبط قوات أمن الحج بمداخل العاصمة المقدسة عن عدد من المخالفين لأنظمة وتعليمات الحج (الحج بلا تصريح)، بينهم مواطنين ومقيمين لنقلهم العشرات من المخالفين.

ودعت وزارة الداخلية جميع المواطنين والوافدين إلى التقيد والالتزام بأنظمة وتعليمات الحج لينعم ضيوف الرحمن في أداء نسكهم بالأمن والأمان والراحة والطمأنينة.

- أيضا على الصعيد الأمني يتم استحداث نقاط أمنية في مداخل مكة المكرمة وفي المشاعر المقدسة مع نشر كاميرات مراقبة متطورة ودوريات تفتيش على مدار الساعة .

رسائل حازمة

وفي رسائل حازمة بهذا الشأن، أكد الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية، أن لا حج دون الحصول على تصريح وستطبق الأنظمة بحزم بحق أي مخالف للتعليمات.

 جاء ذلك لدى إطلاقه مايو/أيار الماضي حملة "الحج عبادة وسلوك حضاري" في موسمها السادس عشر، تحت شعار "لاحج بلا تصريح".

 وأشار إلى أن انطلاق حملة "الحج عبادة وسلوك حضاري" تـحـت شـعـار "لاحج بلا تصريح" في موسمها السادس عشر يؤكد على ما حققته خلال الأعوام الماضية في منع مخالفي الأنظمة الذين يحاولون تأدية الشعيرة بلا تصريح، كما أسهمت في تقليص السلوكيات المخالفة، والكشف عن الحملات الوهمية، وكل ذلك كان له أثره في تقليص أعداد الحجاج غير النظاميين، وساعد الجهات ذات العلاقة على تجويد الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، ووفّرت لهم المناخ الإيماني ليؤدوا ركن الإسلام الخامس في راحة وسكينة.

ودعا الأمير سعود بن مشعل جميع القطاعات العاملة في الحج إلى رفع مستوى التنسيق ودرجة الجاهزية لاستقبال وخدمة ضيوف الرحمن احتساباً للأجر من المولى سبحانه، وإنفاذاً لتوجيهات وتطلعات القيادة كما جدد التأكيد على ضرورة تطبيق الأنظمة وعدم التهاون مع المخالفين للوصول إلى حج آمن ومميز بإذن الله.

من جهته، أكد مدير الأمن العام الفريق محمد البسامي جاهزية قوات أمن الحج بقطاعاتها كافة لموسم حج 1445هـ لمواجهة كل ما يمس الإخلال بالأمن أو النظام ومنع جميع الأعمال المؤثرة في أمن وسلامة ضيوف الرحمن، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أنه سيتم ضبط المخالفين وتطبيق العقوبات المقررة نظاما وفقاً لما نصت عليه الأنظمة والقوانين.

 وقال: إن رجال الأمن باشروا مهامهم لضبط مداخل مكة المكرمة من الخامس عشر من شهر شوال، وسيكون هناك تركيز بشكل كامل على المخالفين، ولن نسمح بتجاوز الميقات إلا بتصريح الحج.

جهود توعوية

على الصعيد التوعوي داخل المملكة، أقامت وزارة الداخلية، المعرض المتنقل (لا حج بلا تصريح) في العديد من محافظات ومناطق المملكة، للتوعية بأهمية الالتزام بأنظمة وتعليمات الحج لينعم ضيوف الرحمن في أداء نسك الحج بالأمن والأمان والراحة والطمأنينة

على الصعيد التوعوي خارج المملكة، أعلن وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة، إطلاق حملة دولية للتوعية بخطورة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج والحملات الوهمية وممارسات الاحتيال الإلكتروني في أكثر من 20 دولة حول العالم.

فتاوى دينية

 أيضا على صعيد التوعية الدينية، أكدت هيئة كبار العلماء، في بيان أصدرته في أبريل/نيسان الماضي أن الالتزام باستخراج تصريح الحج والتزام قاصدي المشاعر المقدسة بذلك يتفق والمصلحة المطلوبة شرعاً، والشريعة جاءت بتحسين المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها، وأوضحت بأنه لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح ويأثم فاعله.