صراع الأجيال بين حماقي وتامر حسني وويجز.. مَن يقرأ شفرة الجمهور؟ (خاص)
"الثابت في الحياة هو التغيير" تنطبق هذه المقولة على المناخ الموسيقي بمصر، إذ تغير ذوق الجمهور كثيرا في السنوات الأخيرة، فظهرت أغاني المهرجانات، ولمعت أسماء في هذا الاتجاه منها على سبيل المثال عمر كمال، وحمو بيكا وحسن شاكوش.
وتصدر المشهد في مصر بجانب نجوم المهرجانات، عدد من مطربي الراب، وأبرزهم ويجز، ومروان بابلو، وشاهين، المدهش أن أغانيهم تم اختيارها مؤخرا ضمن قائمة الأكثر استماعا، والأكثر تأثيرا في الشرق الأوسط، فيما تراجعت أسماء كبيرة تقدم الأغاني التقليدية مثل محمد حماقي، وتامر حسني.
وفي هذا التقرير تحاول "العين الإخبارية" معرفة أسباب سطوع جيل ويجز ومروان بابلو، وتراجع جيل حماقي وتامر حسني، وما هي المحددات التي توجه شفرة الجمهور نحو الأعمال الأكثر شعبية.
الناقد الموسيقي المصري أمجد مصطفى تحدث في الموضوع لـ"العين الإخبارية" قائلا: "بداية يجب الاعتراف أن موسيقى وأغاني (ويجز ومروان بابلو) يحبها ويفضلها شريحة من الجمهور، وليس كل الجمهور، وتحديدا فئة المراهقين الأقل من 20 عاما، وبمعنى أكثر دقة جمهور الجامعات والمرحلة الثانوية".
وواصل أمجد مصطفى حديثه قائلا: "في تصوري موسيقى هذا الجيل لن تدوم طويلا، فهي أشبه بموجة ستختفي بمرور الوقت، لكن ما يقدمه حماقي وتامر حسني سيظل باقيا، لأن المنتج الغنائي الصادر منهما، صالح للجمهور الأكثر نضجا، لو تأملت أعمال تامر فهمي تجمع بين اللحن الجيد، والكلمات التي تخاطب العاطفة، وكذلك حماقي، لكن ويجز وبابلو لديهما رهان على شريحة عمرية محددة، ولذا يجب أن يبذل جيل ويجز وبابلو جهدا كبيرا لتطوير منتجهم الغنائي، حتى لا يكون مصير موسيقاهم الاختفاء".
وأضاف أمجد مصطفى قائلا: "لو تأملت مسيرة عمرو دياب، والذي يبلغ من العمر 60 عاما، ستجد أنه يمتلك الذكاء الذي جعله يستمر حتى الآن، فهو يقدم الأغنية الرومانسية والحالمة، ويراهن على الإيقاع في بعض الأوقات، وعلى جيل ويجز وبابلو، التغيير وعدم الثبات على موجة واحدة يفضلها جيل المراهقين".
وفي سياق الموضوع تحدث الناقد الموسيقي أحمد السماحي لـ "العين الإخبارية" قائلا: "الكون بكل ما يحتويه من مجـرات، ونجـوم وكواكب ومخلـوقات حيـة قائم عـلى قـانون الصـراع والتوازن مـن أجـل بقـاء الأصلح، والأصلح ليس بمعناه النوعي بل بمعنى القـوة والقـدرة علـى التكيف مع المتغيرات".
والصراع في الموسيقى والغناء يمثل جانبا مـن صـراع الأجيـال، وهـو الصـراع التقليدي والأزلي بين القديم والجديد والـذي تفـرضـه حـركـة التغيير والتطور التاريخي".
واستكمل السماحي حديثه قائلا: "الحال اليـوم كما هـو الحـال بالأمس، يوجـد صراع محتدم بين تيـارين، أحـدهما، وهـو التيار التجديدي الذي يمثله (ويجز ومروان بابلو) ورفاقهما، يروا أن ما يقدمونه وما يطرح عـلى السـاحـة في الوقت الحاضـر من ألوان الموسيقى والغناء هـو ما يتطلبه تطـور العـصر وهـو انتقال طبيعي وحتمي لمرحلـة يجب أن تفرض وجـودها، وأنه لا بأس من أن تأخـذ الأغـنية العـربية مسـارا مختلفـا عـن المسـار الموروث، وأن الأغنية يجـب ألا تقف عـند نقطـة معـينة، وألا ترتبط بالإرث المـوسيقي وقـوالبه ومقـاماته، حـتى وإن اسـتدعى ذلك الانسـلاخ الكلي مـن الماضي بكل مافيـه مـن قيم فنيـة وأدبيـة وثقـافيـة بل بعضهم يطالب بتخـلي الموسـيقى العـربيـة عـن الربـع تـون (ما يميز نغمات الموسيقى الشرقية والعربية) لكـي تتقبلهـا وتسـتسـيغها الأذن".
وتابع السماحي حديثه قائلا: "تامر حسني، وحماقي وغيرهما يحاولون المحافظة على اللون الذي نجح مع الشباب في الماضي وإضافة بعض المشهيات الغنائية من لحن يشبه ألحان المهرجانات، أو مفردات جذابة متداولة بين الشباب، وبحكم دراستهم للموسيقى العـربيـة يحاولون الالتزام بقوالب وقـواعـد أصـول ومقامات الموسيقى الشـرقيـة، وعـدم المساس بها أو تطويرها أو تحديثها".
وتوقع أن تشهد المعركة بين الجيلين (ويجز وبابلو، وحماقي وحسني) تطورا في الفترة القادمة والغلبة ستكون للأذكي الذي يعمل على تطوير فنه من حيث الكلمة واللحن والتوزيع.
كما علق الأستاذ الدكتور أحمد عاطف بأكاديمية الفنون في مصر، على قضية الصراع بين الجيلين قائلا: "تتوهج موهبة الموسيقي وتصل للناس إذا كان يمتلك الذكاء، ويستطيع بمهارة قراءة شفرة الجمهور، فهو دائما يضبط ما يقدمه على موجة الجمهور، وأرى أن جيل حماقي وتامر حسني يمتلك موهبة الذكاء، لذا لا يزال مستمرا، ولديه مظلة جماهيرية كبيرة، وحفلاتهم وصورهم لا تغيب".
واستطرد المايسترو أحمد عاطف في حديثه لـ"العين الإخبارية" قائلا: "بصراحة شديدة لا أتابع ويجز ومروان بابلو بشكل دقيق، لكن في رأيي أن هذا الجيل صنع نجوميته في وقت قصير جدا، والفضل يعود لمواقع التواصل الاجتماعي، التي ساهمت في انتشار أعمالهم، ومن هنا أستطيع القول إن جيل حماقي وتامر يعرف كيف يرضي جمهوره لأنه في ظل سطوع (بابلو وويجز) لا يزال موجودا ومتصدرا أيضا.