أسرار خارج الأسوار.. كيف "حفرت" حماس ثغرة في جدار إسرائيل؟
عملية منظمة ومخطط لها بدقة تستبطن فهما عميقا بنقاط ضعف إسرائيل ومعرفة لا يستهان بها لأسرارها.
ووفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، كان مسلحو حماس العشرة يعلمون على وجه التحديد على كيفية العثور على مركز المخابرات الإسرائيلية – وكيفية الدخول إليه.
وعقب عبورهم إلى إسرائيل، اتجهوا شرقا على متن 5 دراجات نارية، بحيث كل اثنين على كل دراجة.
وبعد عشرة أميال، انحرفوا عن الطريق إلى منطقة من الغابات، ونزلوا خارج بوابة إلى قاعدة عسكرية غير مأهولة. وقاموا بتفجير البوابة بعبوة ناسفة صغيرة، ودخلوا القاعدة وتوقفوا لالتقاط صورة شخصية جماعية.
لوهلة، بدا المهاجمون غير متأكدين من المكان الذي سيتوجهون إليه بعد ذلك، ثم أخرج أحدهم شيئًا من جيبه: خريطة مرمزة بالألوان للمجمع.
بعد إعادة توجيههم، وجدوا بابًا مفتوحًا لمبنى محصن. وبمجرد دخولهم، دخلوا غرفة مليئة بأجهزة الكمبيوتر - مركز الاستخبارات العسكرية.
تم التقاط هذا التسلسل بكاميرا مثبتة على رأس المسلح الذي قُتل لاحقًا. وقامت صحيفة "نيويورك تايمز" بمراجعة اللقطات، ثم التحقق من الأحداث من خلال إجراء مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين والتحقق من الفيديو العسكري الإسرائيلي للهجوم أيضًا.
تفاصيل مذهلة
ويقدم الفيديو تفاصيل مذهلة عن كيفية تمكن حماس من مباغتة أحد أقوى جيوش الشرق الأوسط - حيث اقتحمت الحدود واجتاحت أكثر من 30 ميلاً مربعاً واحتجزت أكثر من 150 رهينة وقتلت أكثر من 1300 شخص.
وعبر التخطيط الدقيق والفهم الواسع لأسرار إسرائيل ونقاط ضعفها، تمكنت حماس من اجتياح جبهة إسرائيل مع غزة بعد وقت قصير من الفجر، الأمر الذي صدم أمة طالما اعتبرت تفوق جيشها عقيدة إيمانية.
وباستخدام طائرات بدون طيار، دمرت حماس أبراج المراقبة والاتصالات الرئيسية على طول الحدود مع غزة، مما أدى إلى فرض نقاط عمياء واسعة على الجيش الإسرائيلي.
ويقول المسؤولون إن حماس قامت، باستخدام المتفجرات والجرارات، بتفجير فجوات في الحواجز الحدودية، مما سمح لـ 200 مهاجم بالتدفق في الموجة الأولى و1800 آخرين في وقت لاحق من ذلك اليوم.
وعلى متن دراجات نارية وشاحنات صغيرة، اقتحم المهاجمون إسرائيل، واجتاحوا ما لا يقل عن ثماني قواعد عسكرية وشنوا هجمات في أكثر من 15 قرية ومدينة.
فهم متطور
وتُظهر وثائق تخطيط حماس ومقاطع الفيديو الخاصة بالهجوم والمقابلات مع مسؤولي الأمن أن المجموعة كان لديها فهم متطور بشكل مدهش لكيفية عمل الجيش الإسرائيلي، وأين تتمركز وحدات معينة، وحتى الوقت الذي سيستغرقه وصول التعزيزات.
وحطم الهجوم هالة إسرائيل التي لا تقهر، وتسببت بهجوم إسرائيلي مضاد على غزة أدى إلى مقتل أكثر من 1900 فلسطيني في أسبوع واحد، وهو هجوم لم يسبق له مثيل في القطاع.
وقال علي بركة، أحد قادة حماس، في مقابلة تلفزيونية يوم الإثنين، إن الحركة جعلت الإسرائيليين يعتقدون أنها "منشغلة بحكم غزة. لكنها طوال الوقت، ومن تحت الطاولة، كانت تستعد لهذا الهجوم الكبير".
وعلى طول الحدود، كان مسلحو حماس قد اجتاحوا بالفعل معظم القواعد الحدودية الإسرائيلية، إن لم يكن كلها.
معرفة دقيقة
وأظهرت لقطات من الكاميرات المثبتة على رؤوس المهاجمين، بما في ذلك فيديو الغارة على مركز المخابرات، مسلحين من حماس – من لواء النخبة المدرب تدريبا عاليا – وهم يقتحمون حواجز عدة قواعد في ضوء الصباح الأول.
وبعد اختراق القواعد العسكرية كانوا يعرفون على وجه التحديد مكان خوادم الاتصالات وقاموا بتدميرها، وفقًا لضابط كبير في الجيش الإسرائيلي.
ومع تعطل الكثير من أنظمة الاتصالات والمراقبة، لم يتمكن الإسرائيليون في كثير من الأحيان من رؤية قوات الكوماندوز قادمة. لقد وجدوا صعوبة في طلب المساعدة والرد. وفي كثير من الحالات، لم يتمكنوا من حماية أنفسهم، ناهيك عن القرى المدنية المحيطة بهم.
وأظهرت وثيقة تخطيط تابعة لحماس – عثر عليها الجيش الإسرائيلي – أن المهاجمين تم تنظيمهم في وحدات محددة جيدًا ذات أهداف وخطط معركة واضحة.
كما أظهرت أن أحد الفصائل قام بتعيين ملاحين ومخربين وسائقين، بالإضافة إلى وحدات هاون في المؤخرة لتوفير غطاء للمهاجمين.
هدف
وكان للمجموعة هدف محدد يتمثل في اقتحام أحد المستوطنات وتصوير العملية من زوايا محددة. وكانت لديهم تقديرات لعدد القوات الإسرائيلية المتمركزة في المواقع القريبة، وعدد المركبات التي كانت تحت تصرفهم، والمدة التي ستستغرقها قوات الإغاثة الإسرائيلية للوصول إليهم.
الوثيقة مؤرخة في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، تشير إلى أنه تم التخطيط للهجوم منذ عام على الأقل.
وفي مكان آخر، تمركز مهاجمون آخرون على تقاطعات طرق رئيسية لنصب كمين لتعزيزات إسرائيلية، وفقا لأربعة ضباط ومسؤولين كبار.
بعد استعادة إسرائيل توازنها، كان مركز المخابرات القريب من غزة من أوائل الأماكن التي استعادتها إسرائيل.
وفي ظهيرة ذلك اليوم، وصل جنود وجنود احتياط من وحدات مختلفة إلى القاعدة من اتجاهات مختلفة، وتغلبوا على المسلحين العشرة الذين قاموا بتصوير هجومهم بالفيديو.
وفي أجزاء أخرى من جنوب إسرائيل، جاءت التعزيزات الرسمية الأولى من وحدة كوماندوز إسرائيلية وصلت بطائرات هليكوبتر، وتبعتهم وحدات عمليات خاصة أخرى، بما في ذلك قوات البحرية الإسرائيلية ووحدة استطلاع مدربة على العمل في عمق خطوط العدو.