الإمارات وأهل غزة.. ملحمة دعم
ملحمة سياسية وإنسانية تدونها الإمارات في مجلدات التاريخ بمداد دعم لا ينضب لسكان غزة وفلسطين.
ملحمة يقودها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ضمن جهود دبلوماسية وإنسانية تبلورت منذ الساعات الأولى لتجدد التصعيد في غزة.
جهود شملت مباحثات مع قادة العالم حول ضرورة وقف التصعيد والتهدئة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس لحماية جميع المدنيين والحفاظ على أرواحهم قبل أن يصدر توجيهات فورية بإرسال مساعدات عاجلة للفلسطينيين بمبلغ 20 مليون دولار.
جهود القيادة السياسية واكبها حراك دبلوماسي إماراتي على أكثر من صعيد لتحقيق نفس الهدف، من خلال مباحثات وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مع نظرائه حول العالم، أو من خلال حراك الإمارات في مجلس الأمن الدولي.
كما تبعتها جهود ومبادرات إنسانية متتالية، حيث أطلقت الإمارات، أمس الجمعة، تباعا، حملة لإغاثة الفلسطينيين المتأثرين من الحرب في قطاع غزة، تحت شعار "تراحم من أجل غزة "، قبل أن ترسل طائرة مساعدات طبية عاجلة لإغاثة أهل القطاع.
أيضا على الصعيد الإنساني، وجه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتقديم مساعدات عاجلة للفلسطينيين بمبلغ 50 مليون درهم، عن طريق مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية.
ومنذ السبت الماضي، تتعرض غزة لقصف إسرائيلي عنيف متواصل، في أعقاب هجوم مباغت وغير مسبوق لحركة "حماس" على مستوطنات ومدن إسرائيلية في غلاف القطاع.
وتسبب القصف الإسرائيلي في تدمير واسع النطاق في قطاع غزة، وحصيلة قتلى ترتفع باطراد، ونزوح مئات الآلاف، وتداعيات إنسانية كارثية.
مباحثات
وفي أعقاب اندلاع الحرب، قاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بنفسه، جهودا واسعة للتهدئة، حيث أجرى خلال الأيام الماضية اتصالات هاتفية مع رؤساء أمريكا جو بايدن، وتركيا رجب طيب أردوغان، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ومصر عبدالفتاح السيسي.
كما أجرى مباحثات مع رؤساء سوريا بشار الأسد، وفرنسا إيمانويل ماكرون، ومستشار النمسا كارل نيهامر، إضافة إلى رئيس إسرائيل إسحاق هرتسوغ، وجاستن ترودو رئيس وزراء كندا، ومارك روته رئيس وزراء هولندا، في مناقشات تتعلق بتطورات الأوضاع التي تشهدها المنطقة.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع القادة - خلال الاتصالات - ضرورة وقف التصعيد والتهدئة، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس لحماية جميع المدنيين وتجنيب تعريضهم للمزيد من المخاطر بجانب تأمين ممرات تضمن إيصال المساعدات الإنسانية.
كما بحث أهمية التحرك العاجل من قبل المجتمع الدولي لاحتواء التوتر ودفع الجهود المبذولة تجاه مسار السلام الشامل والعادل الذي يضمن عدم إدخال المنطقة في أزمات جديدة تهدد أمنها واستقرارها.
ومتابعة لتلك الجهود، بحث الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي، خلال اتصالات ولقاءات، تطورات الأوضاع التي تشهدها المنطقة مع سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا الاتحادية، والشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح وزير خارجية دولة الكويت، وإيلي كوهين وزير خارجية إسرائيل، ويائير لابيد زعيم المعارضة في إسرائيل.
كما أجرى مباحثات مع كل من أنتوني بلينكن وزير خارجية أمريكا، ويوكو كاميكاوا وزيرة خارجية اليابان، وجيمس كليفرلي، وزير الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية، وحسين أمير عبد اللهيان وزير خارجية إيران، وجورجوس جرابيتريتيس وزير خارجية اليونان.
وتناقش أيضا مع هاكان فيدان وزير الخارجية التركي، وجليل عباس جيلاني وزير خارجية باكستان، وجوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية.
وتم خلال تلك الاتصالات بحث المساعي المبذولة لفتح ممرات آمنة لتأمين المساعدات الإنسانية للمدنيين بشكل عاجل.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أهمية تعزيز الحراك الإقليمي والعالمي من أجل حماية المدنيين كأولوية قصوى مع دفع الجهود المبذولة لخفض التصعيد الذي تشهده المنطقة وإنهاء التطرف والعنف المتصاعد.
وشدد على أن الوضع الراهن يتطلب تحركا عاجلا من كافة الأطراف الدولية الفاعلة من أجل تخفيف حدة التوتر والحيلولة دون خروج الوضع عن السيطرة.
كما أكد ضرورة ممارسة أعلى درجات الحكمة، مشدداً على أهمية تهدئة الأوضاع، مشددا على أن المنطقة بحاجة ماسة للاستقرار وهو ما لم يتحقق دون تبني خيار السلام الشامل والعادل والأمن المستدام.
حراك بمجلس الأمن
وواكب تلك الجهود أيضا حراك إماراتي في مجلس الأمن الدولي الذي عقد اجتماعا مغلقا، الأحد، حول الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية، لبحث التطورات الأخيرة وتصعيد الوضع.
وأكدت السفيرة لانا زكي نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، بعد الاجتماع المغلق، أهمية أن يستخدم أعضاء المجلس القنوات الدولية وكذلك الثنائية للدعوة إلى الهدوء وتهدئة التصعيد بالتركيز على حماية المدنيين على الجانبين.
وشددت على "أن الكثيرين من أعضاء المجلس يؤمنون بأن فتح الأفق السياسي في المستقبل، الذي يؤدي إلى تطبيق حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل هذا الصراع".
وشهد مجلس الأمن الدولي على مدار الفترة الماضية حراكا متواصلا لدعم القضية الفلسطينية، والدفع نحو تحقيق سلام شامل وعادل.
وسبق أن حذرت الإمارات من أن أعمال العنف الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين معتبرة أن ذلك "يُهدد بحدوث اشتباكات أكثر خطورة وحالة عارمة من الفوضى"، وشددت على " السلام العادل والشامل والدائم".
ودعت دولة الإمارات في بيان سابق أمام مجلس الأمن الدولي الذي تعد عضوا به عن الفترة 2022-2023، المجتمع الدولي لأن يضع ثقله في التعامل مع المسألة الفلسطينية كملف ذي أولوية، عبر المساعدة في استئناف مفاوضات جادة وفعالة، تستند إلى المرجعيات الدولية المتفق عليها، وفي مقدمتها حل الدولتين.
مبادرات إنسانية
على الصعيد الإنساني، أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، الثلاثاء، بتقديم مساعدات عاجلة إلى الأشقاء الفلسطينيين بمبلغ 20 مليون دولار .
ويأتي هذا الدعم من خلال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي تحرص على توفير التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، حيث يتم تمويل الوكالة بالكامل تقريباً من خلال مساهمات الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.
ومع استمرار التصعيد، أطلقت دولة الإمارات، الجمعة، حملة لإغاثة الأشقاء الفلسطينيين المتأثرين من الحرب في قطاع غزة، تحت شعار " تراحم من أجل غزة".
وتهدف الحملة إلى إقامة مراكز لتجميع وتعبئة حزم الإغاثة الإنسانية بمشاركة المؤسسات الإنسانية والخيرية ومراكز التطوع والقطاع الخاص وكافة أطياف المجتمع في الدولة، ووسائل الإعلام.
ويأتي إطلاق هذه الحملة بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي، وبالتنسيق مع وزارة الخارجية ووزارة تنمية المجتمع وذلك في إطار الجهود الإنسانية التي تقوم بها دولة الإمارات لتقديم المساعدات العاجلة للشعب الفلسطيني.
كما تهدف حملة “تراحم من أجل غزة" للتضامن مع الأطفال الفلسطينيين والأسر المتأثرة من الحرب الدائرة والعمل على التخفيف من حدة الأوضاع الإنسانية، ورفع المعاناة عن الفئات الأكثر ضعفا وخاصة الأطفال الذين يشكلون ما يقرب من نصف سكان القطاع (ما يزيد على مليون طفل) من خلال توفير الاحتياجات الأساسية لهم ولأمهاتهم إضافة إلى المستلزمات الصحية ومواد النظافة العامة.
وتنطلق الحملة غدا الأحد في أبوظبي تحت إشراف هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بقاعة موانئ أبوظبي في ميناء زايد من الساعة 9:00 صباحا إلى :16:00 عصرا بالتوقيت المحلي، على أن يتم تنظيمها في باقي الإمارات لاحقا.
أيضا أرسلت دولة الإمارات ، الجمعة، طائرة تحمل على متنها مساعدات طبية عاجلة إلى مدينة العريش شمالي مصر ليتم إدخالها إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، وذلك لتقديم الدعم الإغاثي للشعب الفلسطيني الشقيق.
وقال سلطان محمد الشامسي مساعد وزير الخارجية الإماراتي لشؤون التنمية والمنظمات الدولية، إن هذه المبادرة تأتي ضمن الجهود المتواصلة التي تقوم بها دولة الإمارات في تقديم الإمدادات الإغاثية للشعب الفلسطيني الشقيق في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها.
وأكد أن هذه المبادرة وغيرها من المبادرات تعكس مواقف دولة الإمارات الأخوية ونهجها الراسخ تجاه دعم الأشقاء في مختلف الظروف.
وأضاف أن دولة الإمارات بادرت بشكل عاجل إلى إرسال المساعدات نتيجة الحاجة الملحة للشعب الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة.
ونوه بأن المساعدات الطبية التي أرسلتها الدولة بالتنسيق مع مصر في انتظار إدخالها بشكل عاجل إلى قطاع غزة تهدف إلى تخفيف المعاناة الإنسانية التي يواجهها سكان قطاع غزة وخاصة الأطفال والنساء.
وفي دعم إضافي للفلسطينيين، وجه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الجمعة، بتقديم مساعدات عاجلة إلى الأشقاء الفلسطينيين بمبلغ 50 مليون درهم، عن طريق مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وذلك في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها الأشقاء الفلسطينيون.
دعم يتواصل في إطار مواقف الإمارات الأخوية ونهجها الأصيل تجاه دعم الأشقاء في مختلف الظروف ومد يد العون لهم والذي يعد من ثوابت الدولة.
عطاء إنساني
مواقف إنسانية وسياسية متتالية، تأتي ضمن جهود إنسانية ودبلوماسية متواصلة لدعم الشعب الفلسطيني.
ولا تمر فترة قليلة إلا وتوجه القيادة الإماراتية بتقديم دعم ومساعدات للفلسطينيين.
وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، قد وجه 6 يوليو/ تموز الماضي، بفتح حساب مشترك والمساهمة بمبلغ 15 مليون دولار لدعم عمليات وكالة "أونروا" وخدماتها، ولتوفير المساعدات العاجلة للأسر الفلسطينية، خاصة إعادة تأهيل الخسائر في مدينة جنين ومخيمها والتي شهدت خلال الفترة الماضية اعتداءات إسرائيلية كان لها تداعيات على آلاف الأشخاص.
جاء هذا الدعم بعد نحو أسبوعين من توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بتقديم مبلغ 7.3 مليون درهم دعماً لبلدية مدينة الخليل الفلسطينية.
وفي 3 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت دولة الإمارات عن مساهمتها بمبلغ وقدره 20 مليون دولار؛ لدعم وكالة الأونروا.
دعم استبقه توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في 16 مارس/آذار الماضي، بتقديم 3 ملايين دولار لدعم إعادة إعمار بلدة حوارة الفلسطينية.
ذلك الدعم جاء بعد نحو 3 أشهر من تسليم قطاع غزة أكبر قافلة مساعدات طبية، تضم أدوية ومستلزمات طبية ضرورية، بتبرع سخي من دولة الإمارات.
وجاء إرسال القافلة الطبية لغزة بعد نحو شهر من قيام دولة الإمارات بتوقيع اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية، لدعم مستشفى المقاصد الذي يعد أكبر مستشفى أهلي خيري تعليمي في القدس الشرقية بـ25 مليون دولار.
مواقف تأتي جميعها ضمن جهود دولة الإمارات المستمرة لدعم قدرات المؤسسات الصحية الفلسطينية وتلبية متطلبات الشعب الفلسطيني في المجالات الإنسانية والمعيشية والصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها.
وبلغ إجمالي المساعدات الإماراتية لفلسطين خلال الفترة من 2010 حتى 2021، مبلغ 1.14 مليار دولار أمريكي، منها مبلغ 254 مليون دولار لوكالة الأونروا.
مواقف ودلالات
مواقف إنسانية تناغمت مع أخرى سياسية ودبلوماسية قوية، عبر بيانات متتالية تصدرها وزارة الخارجية الإماراتية، متى استدعت التطورات، تناشد فيها إسرائيل بالوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات حازمة ومكثفة، تسهم في تهدئة الأوضاع على الأرض وإحياء عملية السلام.
مواقف تحمل رسائل قوية تؤكد من خلالها دولة الإمارات أن دعمها للقضية الفلسطينية لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يصاحبه دعم إنساني وتنموي يستهدف تعزيز صمود الفلسطينيين، بما يساهم بالدفع في تحقيق حل الدولتين من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
تحركات متتالية على مختلف الأصعدة تؤكد من خلالها دولة الإمارات دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها اتفاق سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وإنما توظفها دولة الإمارات دائما لدعم حقوقه.
aXA6IDMuMTYuMTM1LjIyNiA=
جزيرة ام اند امز