سياسة
تجميد وتهديد.. انتفاضة حمدوك ضد "الفساد والإخوان" بالسودان
انتفاضة لرئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك ضد "الفساد والمحسوبية وفلول الإخوان"، إثر موجة غضب على منصات التواصل الاجتماعي.
وأصدر حمدوك، الأحد، قراراً قضى بتجميد تعيين نحو 50 دبلوماسياً جديداً بوزارة الخارجية.
وأكد أنه لن يحمي أي فساد ولا كبير على القانون في بلاده، في حين أمهل والي ولاية القضارف المتهم بالانتماء للإخوان يوما واحدا للاستقالة أو الإقالة، ضمن تحركات وصفت بـ"الانتفاضة".
وأتى قرار حمدوك عقب جدل كبير أثارته هذه الوظائف وسط اتهامات بأن فسادا ومحسوبية صاحبتها كاختيار أشخاص راسبين في المعاينات واستبعاد متقدمين ناجحين في كافة الاختبارات.
وقال مجلس الوزراء السوداني، في بيان، إن حمدوك أمر بتشكيل لجنة برئاسة الدكتور صديق أمبدة وعضوية القيادي السوداني البارز محجوب محمد صالح وآخرين، لمراجعة التعيينات الأخيرة بوزارة الخارجية.
وأعطى القرار اللجنة مهمة "مراجعة الإجراءات التي تم اتباعها في اختيار وتعيين المتقدمين للوظائف التي تمت مؤخراً بوزارة الخارجية".
ومنحها الحق في الاطلاع على كافة الوثائق والمستندات التي تعينها في أداء مهامها، والاستماع لإفادات الجهات ذات الصلة وأي جهة ترى أن لها علاقة بالموضوع، على أن ترفع تقريرها الختامي لرئيس مجلس الوزراء خلال أسبوعين من تاريخ صدور القرار.
وأشار البيان إلى أن حمدوك استمع إلى تقارير مفصلة من وزارة الخارجية ولجنة الاختيار للخدمة المدنية التابعة لوزارة العمل، وقرر تجميد قرار التوظيف، للسماح للجنة بالقيام بمعالجة هذا الملف بكل الشفافية والوضوح، وبما يضمن مبدأ العدالة.
وأكّد رئيس الوزراء التزامه بتوخي العدل، قائلاً: "في ظل الثورة دي ما عاوزين نظلم زول"، مُبيناً أن اللجنة بتكوينها هذا تستطيع مراجعة هذا الملف والخروج بقرار نفتخر به جميعاً".
والي القضارف
وفي السياق، قال حمدوك، في مؤتمر صحفي بالخرطوم، الأحد، إن حكومته ستتخذ قراراً حاسماً بشأن والي القضارف المتهم بالانتماء لجماعة الإخوان الإرهابية خلال 24 ساعة، وتخييره بين أن يتقدم باستقالته أو إقالته.
وتداول ناشطون في السودان مقطع فيديو يعود إلى عام 2009 أظهر والي القضارف الحالي سليمان علي، وهو في منشط يتبع لحزب المؤتمر الوطني، مقدما لبرنامج سياسي داعم للرئيس المعزول عمر البشير وجماعته الإرهابية، الشيء الذي خلف موجة غضب عارمة في البلاد.
وعلى الفور، قرر المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير قطاع ولاية القضارف، سحب الثقة عن الوالي سليمان، وأوصى إلى رئيس الوزراء بإقالته.
وبشأن مزاعم فساد أثيرت الأيام الماضية حول مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية الحكومية مبارك أردول، قال حمدوك: "لا يوجد كبير على القانون، ونحن على الإطلاق لن نقوم بحماية أي فاسد".
وأضاف: "لكن هذا يظل مكانه القانون وليس وسائط التواصل الاجتماعي، وأي معلومة تصلنا ويثبت فيها أن هناك فسادا في أي مكان، فنحن مستعدون نشتغل عليه، وهذا أمر لا لعب فيه".
وكان رئيس الوزراء استدعى رئيس شركة الموارد المعدنية في مكتبه الأسبوع الماضي، على خلفية قيام الأخير بطلب تبرعات من الشركات العاملة في قطاع التعدين عن الذهب تحت مسمى "بند المسؤولية الاجتماعية" لصالح حفل تنصيب حاكم إقليم دارفور.
والشركة السودانية للموارد المعدنية مملوكة بالكامل للحكومة، ومهمتها الرقابة على الشركات العاملة في قطاع التعدين عن الذهب في البلاد.
واعتبر حمدوك يومها أن ما قام به مدير شركة الموارد المعدنية ينم عن شبهة تضارب مصالح، فضلا عن أنه يتم تحريك مال عام خارج الأطر المحاسبية الرسمية.
آلية وطنية
وفي صعيد آخر، أعلن رئيس وزراء السودان عن تشكيل آلية وطنية برئاسة اللواء معاش فضل الله برمة ناصر وعضوية 70 آخرين لتنفيذ مبادرته التي أطلقها الشهر الماضي والتي تهدف إلى تحصين الانتقال الديمقراطي ومعالجة أزمات البلاد.
وأوضح حمدوك، في مؤتمره الصحفي، أن تشكيل الآلية تم بعد تشاور عريض لعكس التنوع والتعبير عن ثراء الساحة السياسية، والهدف هو تمثيل أكبر عدد من المجتمع السوداني وقطاعاته المختلفة.
وشدد على أن الآلية هي جسم يسعى لتحقيق أكبر قدر من التوافق داخل المجتمع السوداني، وتوقع أن تدفع المبادرة خلال شهرين بمقترحات عملية ممكنة التنفيذ في محاورها السبعة.
وأضاف: "أخضعنا المبادرة للحوار بشكل مفصل مع السودانيين داخل وخارج البلاد، وهذا منحنا فرصة لتطويرها، فهي ملك للشعب السوداني ومن حقه أن يتعامل معها بالإضافة أو الحذف، وتحاورنا مع المجتمع الدولي، وكل الردود كانت إيجابية".
وأشار إلى أنه طرح المبادرة كخارطة طريق إلى الأمام بسبب عدم النجاح في خلق المشروع الوطني المتوافق عليه، فهذه فرصة تاريخية، وحال استطاعتهم توظيفها بشكل جيد سيتمكن السودان من الخروج من الأزمة التاريخية التي تواجهه.