حمدوك.. اقتصادي يقود سفينة السودان في بحر الأزمات
عبدالله حمدوك الخبير الاقتصادي السوداني الذي همشه نظام البشير واستنجد به في آخر حكوماته يترشح لتولي رئاسة وزراء البلاد.
عاش مرارة اليتم والفقر في صغره، طارده نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، وأغلق أبواب النجاح بوجهه، ولكنه فتحها بعلمه ومثابرته ليكون الورقة الرابحة عند الأزمات ويهرع إليه الجميع للإبحار بمركب متهالك يبحث عن الطفو من جديد.
- "لوبوان" الفرنسية: السودان يشهد تحولا تاريخيا نحو الديمقراطية
- يوم تاريخي.. السودان يبدأ عهدا جديدا نحو الديمقراطية
إنه عبدالله حمدوك، رئيس الحكومة الجديدة في السودان والخبير الاقتصادي الذي همشه نظام البشير، واستنجد به في آخر حكوماته طمعاً في خبراته لإنقاذ أعمدته المتهاوية.
وبعد عقود من الفساد والأزمات الاقتصادية التي كلفت البشير حكمه الممتد على نحو 3 عقود، اتجهت الأنظار مجدداً نحو حمدوك، لتعلن قوى الحرية والتغيير، ترشحه لرئاسة الوزراء بالحكومة الانتقالية، ليعود الرجل الذي فصله البشير ذات يوم من وظيفة صغيرة إلى الواجهة عبر بوابة واحدة من أرفع المناصب.
فمن هو حمدوك؟ وما مؤهلاته التي جعلته موضع توافق مختلف الأطياف في السودان لقيادة واحدة من أصعب مراحل البناء بالسودان.
ولد حمدوك في 1956، العام الذي استقل فيه السودان وأصبح جمهورية، ومنذ ولادته عاش حمدوك مرارة اليتم؛ حيث توفي والده تاركاً مهمة إعالة الأسرة الفقيرة على عاتق والدته، ولم تكن بالمهمة اليسيرة.
ولأنه يدرك جيداً أن التخلص من الفقر يمر حتماً عبر الدراسة، فبرز ذكاؤه وولعه بها منذ الصغر، ومر بمراحلها المختلفة حتى تخرج معلماً، ولأن طموحه لا يزال يتسع المزيد، فتوجه نحو مدرسة "خور طقت" العريقة ليستكمل دراسته الثانوية.
وهناك اطلع حمدوك على أدبيات التيارات الكلاسيكية اليسار واليمين قبل قبوله بجامعة الخرطوم؛ حيث درس الاقتصاد الزراعي وتخرج عام 1981.
وبجانب شهادته الجامعية، غادر حمدوك الجامعة مشبعاً بالأفكار السياسية، ومطلعاً على النزاعات الفكرية بين التيارات والاتجاهات، وتلك كانت اللبنة الأولى لتكوينه السياسي كما يقول مقربون منه.
أولى المحطات الخارجية
ورغم تقلده مناصب حكومية ببلاده، إلا أن حمدوك أدرك أن طموحه أكبر فغادر متوجهاً نحو بريطانيا؛ حيث التحق بجامعة مانشستر وحصل منها عام 1989 على شهادة الماجستير في علم الاقتصاد ثم الدكتوراه عام 1993.
وفي تصريحات إعلامية، قال حمدوك إن حكومة البشير فصلته من وظيفة صغيرة عام 1990، حين كان طالباً بالدراسات العليا في جامعة مانشستر، وأنهت بعثته الجامعية، غير أن تميزه جعله يحصل على منحة من الجامعة أنقذت مستقبله.
اختار حمدوك التوجه إلى زيمبابوي؛ حيث انضم لشركة "ديلويت آند توش" التي تقدم الخدمات الاستشارية والإدارية، واستمر حتى عام 1993، قبل أن يلتحق بمنظمة العمل الدولية بالبلد نفسه، ثم انضم إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
ولاحقاً، عمل لمدة 5 سنوات بالبنك الأفريقي للتنمية (من 1997 إلى 2001) في كوت ديفوار (ساحل العاج)، ليعود للأمم المتحدة، لكن هذه المرة عبر بوابة اللجنة الاقتصادية الأفريقية.
وفي 2003، غادر اللجنة متوجهاً إلى جنوب أفريقيا ومنها إلى إثيوبيا؛ حيث عمل منذ 2008 باللجنة الاقتصادية لأفريقيا من مقرها بالعاصمة أديس أبابا وظل حتى 2018.
الحكومة الانتقالية
وبدخول السودان مرحلة انتقالية تمهد لأخرى دائمة، يستعد حمدوك لتقلد منصب يختزل مسؤوليات جمة بعد اختياره لتولي منصب رئيس الوزراء، على أن يؤدي القسم أمام مجلس السيادة ورئيس القضاء اليوم الأربعاء.
وبهذا التعيين يعود الخبير الاقتصادي حاملاً في جرابه خبرة سنوات، أملاً بمشاركة أبناء بلاده بناء مرحلة جديدة، وترميم الخراب الذي خلفه نظام البشير ما أدى لاختلالات اقتصادية هيكلية أشعلت شرارة ثورة اقتلعت نظاماً فاسداً من جذوره.
والثلاثاء، اعتبر الاتحاد الأفريقي أن التوافق على عبدالله حمدوك رئيسا لوزراء الحكومة الانتقالية في السودان تتويج للإنجاز التاريخي بعد أشهر من المفاوضات بين جميع الأطراف في البلاد.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، إن اختيار حمدوك "تتويج للإنجاز التاريخي حول المرحلة الانتقالية بين العسكري السوداني وقوى الحرية والتغير، ونتيجة عزم الشعب السوداني الثابت، وخاصة النساء والشباب، على الانتقال الديمقراطي".
aXA6IDMuMTQ1LjU5LjI0NCA= جزيرة ام اند امز