«الحريديم» إلى التجنيد قريبا.. آلية تفعيل «القنبلة الموقوتة»
يبدأ الجيش الإسرائيلي قريبا في تجنيد آلاف الطلاب من "الحريديم"، الأمر الذي من المحتمل أن يثير ردود فعل غاضبة داخل البلاد.
والأسبوع الماضي، أمرت محكمة العدل العليا، بالبدء في تجنيد طلاب المدارس الدينية في الجيش، بعد عقود على إعفاءات جماعية من الخدمة العسكرية الإلزامية.
وتعتبر الخدمة العسكرية إلزامية للذكور في إسرائيل، في حين كان يعفى منها المتدينون من مجتمع "الحريديم" بهدف التفرغ للدراسة في المعاهد الدينية و"الحفاظ على هوية الشعب".
وبعد عدة ساعات من حكم المحكمة، أصدر مكتب النائب العام تعليماته إلى وزارة الدفاع بتنفيذ القرار، قائلا إن “التزام مؤسسة الدفاع بتجنيد طلاب المدارس الدينية موجود بالفعل في الأول من يوليو/تموز”.
ولكن ماذا يعني ذلك عمليا، وهل سيبدأ الجيش بإرسال الآلاف من أوامر التجنيد، اليوم الإثنين، إلى طلاب المدارس الدينية الحريدية؟
موقع "تايمز أوف إسرائيل" استبعد أن يبدأ الجيش بهذه الخطوة، اليوم الإثنين، أو حتى في المستقبل القريب.
غير أنه سيتعين على وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي البدء في وضع آلية تجنيد يمكنها إصدار إشعارات بسرعة والبدء في تجنيد حوالي 4800 مجند أرثوذكسي متشدد خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
وأمس الأحد، تظاهر آلاف المتدينين من الحريديم، في مدينة القدس، ضد قرار المحكمة.
ويقول مراقبون إن احتمالية أن يبدأ الجيش، مدعوما من وزير الدفاع يوآف غالانت، في تجنيد طلاب المعاهد الدينية قد تؤدي إلى توسيع الانقسامات في الائتلاف الحكومي الذي يزداد هشاشة.
واعتبرت صحيفة "نيوز ويك" الأمريكية أن حكم المحكمة والتعهد الفوري من جانب بعض اليهود الحريديم بتحديه، يؤكدان على المعركة الداخلية التي تعيشها إسرائيل بين القوى العلمانية والدينية في حين تشن حرباً في قطاع غزة منذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
كيفية الالتزام
وردا على سؤال حول كيفية الالتزام بأوامر المدعي العام غالي باهاراف ميارا، رفضت وزارة الدفاع التعليق، وفق ما ذكره الموقع.
وفي حكمها الصادر الأسبوع الماضي، ذكرت المحكمة العليا أنه منذ انتهاء صلاحية القانون الذي يسمح بإعفاءات الخدمة العسكرية الشاملة لطلاب المدارس الدينية الحريدية في نهاية يونيو/حزيران 2023، لم يعد هناك أي إطار قانوني لمنح هذه الإعفاءات.
ويوجد حاليا 63 ألفا من هؤلاء المؤهلين للخدمة العسكرية والقابلين للتجنيد، بحسب حكم المحكمة وأوامر النائب العام.
لكن وفقا لشلوميت رافيتسكي تورباز، مديرة برنامج الدين والدولة في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، هناك 14 ألف شاب حريديم آخرين سيبلغون 18 عاما خلال سنة التجنيد الحالية، التي بدأت في يونيو/حزيران، والذين سيبقون في الخدمة. تصبح مؤهلة للمسودة خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
عند جمعهم معا، هناك حوالي 77 ألف شاب من الحريديم يمكن للجيش الإسرائيلي إرسال أوامر التجنيد إليهم قانونيا خلال العام المقبل.
ومع ذلك، أبلغ الجيش النائب العام خلال إجراءات المحكمة العليا أنه يمكنه استيعاب حوالي 3000 مجند إضافي من الحريديم في صفوفه في عام التجنيد القادم، بالإضافة إلى المتوسط التقريبي البالغ 1800 الذين التحقوا بكل من السنوات القليلة الماضية.
وبناء على ذلك، أصدر النائب العام تعليماته للجيش بالبدء في تجنيد 4800 طالب في المدارس الدينية، رغم أن الجيش يجب أن يقرر الآن من سيتلقى أوامر التجنيد ومن سيظل معفيا من الخدمة العسكرية.
اختيار عشوائي أم يد مرشدة؟
أمام الجيش خياران رئيسيان، الأول إجراء قرعة عشوائية بين المؤهلين للتجنيد مهما كان عددهم، وحسب الرقم الذي يتم استدعاؤه.
لكن تنفيذ مثل هذه الآلية من شأنه أن يخاطر بمواجهة مباشرة مع مجتمع "الحريديم" وقياداته، إذ قد ينتهي الأمر بتجنيد طلاب المدارس الدينية "النخبوية" الذين يُنظر إليهم على أنهم "جوهرة" هذا المجتمع. وفق الموقع الإخباري نفسه.
أما البديل الثاني الذي أشارت له رافيتسكي تور باز، فهو "تجنيد الفئات الأقل أهمية، أي الشباب من مجتمع (الحريديم الحديث)"، وأولئك الذين يلتحقون بـ"المدارس الدينية المنقطعة"، التي لا تلتزم بالدراسات الدينية بشكل كامل.
ويشكل مجتمع "الحريديم المعاصر أو الحديث"، بما في ذلك أولئك الذين يلتحقون بالمدارس التي تدرّس المواد الأساسية، وأولئك الذين ينتمون إلى أُسر مهاجرة، ما بين 11 إلى 15 بالمئة من إجمالي مجتمع الحريديم، بحسب بيانات المعهد الديمقراطي الإسرائيلي.
علما أن هذه الشريحة أكثر اندماجا في المجتمع الإسرائيلي من التيار الحريدي السائد، وفق "تايمز أوف إسرائيل"، ويُنظر لها على أنها "أقل عداء لفكرة الخدمة العسكرية".
وهناك مصدر آخر محتمل للمجندين يتمثل في "المدارس الدينية المنقطعة"، وهي مؤسسات أنشأها المجتمع الحريدي "لتوفير بيئة للشباب الذين لا يهتمون بالدراسة الدينية الدائمة، ويُعتبرون معرضين لخطر ترك المجتمع بالكامل"، وفق الموقع.
ماذا يقول القانون؟
القانون الإسرائيلي يلزم معظم اليهود الإسرائيليين بالخدمة في الجيش من سن 18 عاما لمدة ثلاث سنوات للذكور وسنتين للإناث.
أما أبناء الأقلية العربية، ونسبتها 21% من سكان إسرائيل، فهم معفيون ومع ذلك يؤدي بعضهم الخدمة.
كما استمر إعفاء طلاب المعاهد الدينية اليهودية الملتزمين دينيا إلى حد كبير منذ عقود.
والعام الماضي انتهى سريان القانون الذي يمنح الإعفاء لطلاب المعاهد الدينية، غير أن الحكومة استمرت في إعفائهم.
يقول الجيش إنه في حاجة ماسة إلى مزيد من المجندين، إلا أن زعماء اليهود المتدينين يرون أن الإعفاءات ضرورة وجودية للمحافظة على التزامهم.
aXA6IDMuMTUuMTQ5LjI0IA== جزيرة ام اند امز