هاريس أمام مهمة صعبة.. استبعاد ترامب واحتواء أنصاره
في خطابها الختامي، أقرت كامالا هاريس، بحقيقة سياسية أكيدة وهي أن دونالد ترامب ليس شخصية هامشية داخل حزبه أو البلاد.
على مدار ما يقرب من عقد سعى الديمقراطيون إلى تصوير دونالد ترامب على أنه انحراف عن المعايير الديمقراطية والتقاليد السياسية في البلاد ففي 2016 اعتبرته وزيرة الخارجية السابقة والمرشحة الديمقراطية آنذاك هيلاري كلينتون بأنه يشن "هجومًا غير مسبوق" على الديمقراطية الأمريكية وبعد 4 سنوات، زعم جو بايدن أن ترامب تسبب في تآكل "روح الأمة".
ولم يختلف الأمر كثيرا مع نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية لسباق البيت الأبيض كامالا هاريس التي وقفت في موقع الخطاب الأكثر شهرة لترامب، والذي أثار أنصاره لاقتحام الكابيتول، فحاولت لمرة ثالثة توحيد الأمة ضده وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز".
وصفت هاريس خصمها الجمهوري الرئيس السابق بأنه "طاغية تافه"، وأنه يسعى إلى العودة إلى "السلطة غير المقيدة" كما وصفته بأنه مجرم مدان مصمم على مقاضاة أعدائه السياسيين وإبقاء الأمريكيين "منقسمين وخائفين من بعضهم البعض".
ومع ذلك، كانت هناك علامات تشير إلى تغير في نبرة الهجوم حيث سعت هاريس بصورة أكبر من كلينتون وبايدن إلى تحقيق التوازن وربط حجتها مع المخاوف الاقتصادية التي تحرك المزيد من الناخبين الأمريكيين.
وقالت هاريس "هذا ما أعدكم به: سأستمع إليكم دائمًا، حتى لو لم تصوتوا لي".
وأضافت "في اليوم الأول، إذا انتُخب، سيدخل ترامب إلى المكتب بقائمة أعداء.. عندما يتم انتخابي، سأدخل، ومعي قائمة بالمهام التي يجب القيام بها".
ويعني نهج هاريس الاعتراف الضمني بواقع سياسي لا مفر منه، وهو أن ترامب ليس شخصية هامشية، وهو ما عكسه التصفيق الحاد والمدوي الذي حصل عليه عندما ألقى خطابه الأحد الماضي في حديقة ماديسون سكوير في نيويورك.
لقد أصبح ترامب روح الحزب الجمهوري وسواء فاز أو خسر يوم الثلاثاء المقبل، فقد احتشد حوالي نصف الأمريكيين خلفه بالفعل.
وفي الأيام الأخيرة من حملتها، تحاول هاريس فصل ترامب عن أنصاره، لقد انتهى زمن تأطير الجمهوريين باعتبارهم حركة "ماغا" المتطرفة (نجعل أمريكا عظيمة مجددا)، وهو الهجوم الجذاب الذي تبناه الرئيس جو بايدن خلال انتخابات التجديد النصفي لعام 2022.
وبدلاً من ذلك، وبطرق متعددة تمد هاريس يدًا مفتوحة للجمهوريين الذين ربما صوتوا لترامب في الماضي وسافرت المرشحة الديمقراطية إلى الولايات المتأرجحة لحضور فعاليات مع الجمهوريين، بما في ذلك النائبة السابقة ليز تشيني، التي تعد واحدة من أشد معارضي ترامب.
كما وعدت هاريس بتعيين جمهوري في إدارتها ووجهت حملتها سلسلة من المناشدات المباشرة لأولئك الذين صوتوا سابقًا لصالح ترامب، وذكرتهم بأنه لا أحد يرى ما يحدث داخل حجرة التصويت.
لكن نهج هاريس لا يزال الكثير من الديمقراطيين ومن بينهم بايدن بعيدين عن هذا النهج فقبل صعودها على المسرح مباشرة بدا وكأن الرئيس يشير إلى أنصار ترامب باعتبارهم "قمامة" وهو ما انتشر بسرعة عبر الإنترنت واستغله الجمهوريون.
وسرعان ما سعى بايدن إلى توضيح ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ قال إنه يقصد فقط الممثل الكوميدي في تجمع ترامب يوم الأحد والذي وصف بورتوريكو بأنها "جزيرة قمامة".
لقد بذلت هاريس قصارى جهدها لتجنب أي ارتباك من هذا القبيل حتى عندما تصف ترامب بأنه مثير للانقسام، فإنها تضعه في إطار سياسي أكثر تقليدية لسياسي ثري حيث تزعم أن خصمها مستعد لبيع الاحتياجات الاقتصادية للطبقة المتوسطة لأصدقائه من أصحاب المليارات.
وركزت مقترحات هاريس السياسية على قضايا اقتصادية ملموسة، مثل زيادة تغطية رعاية المسنين، وخفض تكاليف رعاية الأطفال، وخلق إعانات للمشترين الجدد للمنازل ومكافحة أسعار البقالة المرتفعة وحتى الإجهاض يتم التركيز عليه من منطلق الحرية الشخصية والحقائق الطبية بدلاً من الأسئلة الأكثر نبلاً حول الإيمان أو الأخلاق.