الحصاد بـ«إذن».. وسيلة الحوثي لحصار مزارعي اليمن
لم يعد المزارع اليمني حراً في ملكه؛ فقرار الحصاد المرتبط بنضج الثمار، أصبح قراراً حوثياً بيد «المشرف» في سابقة تاريخية تعيد البلد إلى ما قبل 63 عاماً.
فقبل 6 عقود، كان نظام الحكم الإمامي في شمال اليمن هو المسؤول عن تحديد موعد الحصاد للمزارعين بهدف تحديد حجم الجباية وهي خطوة سعى الحوثيون لإحيائها مؤخرا مشترطين أذنا مسبق لحصد الثمار على نهج أسلافهم.
ويرى مراقبون أن الحوثيون يستهدفون تجريد المزارع اليمني من حقه في إدارة محصوله و"إحياء نمط اقتصاد نظام الإمامة البائد، الذي كان يرهن أرزاق المزارعين بتقديرات الجباة لضمان حصته قبل حصة المنتج".
ما القصة؟
وكانت مليشيات الحوثي أصدرت فرمان يمنع المزارعين في تهامة المشهورة بـ"سلة غذاء اليمن" من قطف محصول المانجو بزعم أنها لم تنضج بعد.
وأصدر مدير المنطقة الزراعية الوسطى، وما يسمى مسؤول الصادرات بهيئة تطوير تهامة القيادي الحوثي يحيى حاتم فرمان يمنع بحصد ثمار المانجو "قبل نضجها الفسيولوجي".
وبرر الفرمان بانخفاض جودته "وقيمته الغذائية وتصديره يؤدي للإساءة و الاضرار بالسمعة الممتازة للمانجو اليمني بالأسواق الخارجية".
وأقر الحوثيون، وفقا للفرمان، "عدم السماح بافتتاح موسم تصدير المانجو هذا الموسم حتى إشعار آخر" في قرار يستهدف ابتزاز المزارعين ماليا.
ويعكس فرمان مليشيات الحوثي بمنع المزارعين من حصد محاصيلهم وعدم تصدير منتجاتهم إلا بعد الحصول على "إذن مسبق" هوس "الجماعة بجمع المال" واتخاذها وسيلة لإخضاع المزارعين وربط لقمة عيشهم بموافقتها.
وقال مزرع في تهامة لـ"العين الإخبارية"، إن قرار الحوثيين بمنع تصدير منتجات المانجو يرتبط بتحديد المليشيات موعد محدد للحصاد من قبل هيئة الزكاة.
وأوضح أن "المحاصيل الزراعية (خاصة الفواكه والخضروات) لها وقت حصاد دقيق جداً وجميع المزارعين في تهامة مدركين ذلك، مشيرا إلى أن "أي تأخر للحصاد قد يعرض المحصول للتلف، والخسائر".
من جانبه، قال ناشط يدعى يوسف مدحدح إن المانجو يعد الثمرة الأكثر زراعة في تهامة بعد الموز وان إيقاف تصديرها وحصادها إلا بموحد محدد يهدد المزارعين بخسارة فادحة.
تعميم مسبق
قرار الحوثيين بخصوص مانجو تهامة جاء بعد أسابيع من فرمان آخر لهيئة الزكاة الحوثية والتي عممت "على عدد من مديريات تعز الخاضعة للإنقلابيين، بعدم حصاد الزروع حتى يتم إبلاغهم بذلك رسميا.
وقضى التعميم الحوثي الموجّه إلى "العدول في القرى التابعة لمديرية حيفان، بمنع عملية الصراب (الحصاد) قبل اكتمال نضوج الثمرة وعدم الاستعجال".
وذكر مصدر إعلامي أن "الهدف من التعميم هو منح موظفي هيئة زكاة الحوثي الوقت الكافي للنزول إلى القرى وتقدير زكاة الزروع التي تُجبى في كل موسم زراعي"، مؤكدًا أن هذا الإجراء يُتبع منذ 5 سنوات.
وأوضح أن "المختصين بزكاة الزروع يقومون بتقدير المبالغ المستحقة على كل فلاح، ثم يرفعون تلك التقديرات إلى مكتب الهيئة في المديرية، الذي يتابع العدول لإلزام المزارعين بتسديدها بعد انتهاء موسم الحصاد".
وتعيد هذا الإجراءات إلى الأذهان أعمال النظام الإمامي الذي سقط بدعم مصري عام 1962، والذي كان يقوم بتحديد زكاة الزروع وعدم السماح بالحصاد إلا بعد موافقة "عامل الإمام" المسؤول على جبايات المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية.