شائعة حظر الذكاء الاصطناعي لمن هم دون 18 عاما تشعل الجدل في فرنسا
أثار انتشار خبر مفبرك يدّعي أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرر "حظر الذكاء الاصطناعي على من هم دون 18 عاماً" موجة من السخرية والغضب على مواقع التواصل.
والحقيقة أنه لا وجود مطلقاً لمثل هذا القرار؛ إذ نتج الجدل عن خلط بين إشاعة ساخرة ونقاش سياسي حقيقي حول خطة لحظر الهواتف الذكية في المدارس الثانوية ابتداءً من عام 2026.
وفي وقت تعكف فيه الحكومة الفرنسية على دراسة لتوسيع حظر الهواتف المحمولة في المدارس، تحوّل القرار المرتقب إلى محور جدل واسع بين من يرى فيه "حماية تربوية" ضرورية، ومن يعتبره "رقابة غير مجدية" لا تمس جوهر المشكلات، وفق ما نقلته صحيفة لوباريزيان الفرنسية.
وقالت الصحيفة إنه ما إن تسربت الفكرة الأولية لحظر الهواتف الذكية في المرحلة الثانوية بدءاً من سبتمبر/أيلول 2026، حتى جاء رد فعل الطلاب فورياً ممزوجاً بالذهول والغضب والرفض. وعلّقت إحدى طالبات الصف الثاني الثانوي باندهاش: "ماذا؟ هل هذه مزحة؟"، قبل أن تتطلع إلى هاتفها بحزن، في مشهد بات رمزاً للقلق الذي أثاره الإعلان.
ووفق وزارة التربية الفرنسية، يجري حالياً "عمل تشاوري" بين الحكومة والنقابات التعليمية لبحث آليات تطبيق القرار، استناداً إلى التجربة التي انطلقت في أكثر من مئة مدرسة إعدادية منذ العام الدراسي 2024-2025.
ومع تصاعد الجدل، انتشرت على الإنترنت معلومة زائفة تزعم أن ماكرون يعتزم حظر الذكاء الاصطناعي على المراهقين، وهو ادعاء لا أساس له، ولم يصدر عنه أو عن الحكومة أي تصريح يشير إلى ذلك. وجاء الخلط من فقرة ساخرة دمجت بين حظر الهواتف وتقييد الذكاء الاصطناعي بهدف نقد "النزعة المتزايدة نحو المنع بدلاً من التربية".
وذكرت لوباريزيان أن إعلان الدراسة الحكومية لم يُثر توجّس الطلاب فحسب، بل أثار أيضاً غضب إدارات المدارس وخبراء التربية. فقد أشار مديرو المدارس إلى أن برنامج "الهاتف في الاستراحة" المطبّق في الإعداديات منذ 2025 غير قابل للتنفيذ عملياً بسبب نقص الموارد وصعوبة الرقابة.
من جانبها، وجّهت الباحثة آن كوردييه، أستاذة علوم المعلومات والاتصال، رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي تنتقد فيها اعتماد الحكومة على المنع بدلاً من التربية، مطالبةً بدراسات تُبرز المخاطر وتهدف إلى فهم الظواهر الرقمية بدلاً من محاصرتها. كما شددت على تجاهل السياسات الحالية لثراء التجارب الرقمية لدى الشباب وابتعادها عن دور المدرسة القائم على المرافقة لا القمع.
وتشير كوردييه إلى أن سبعة من كل عشرة شباب يتابعون الأخبار بانتظام، وأن 53% يعتمدون على شبكات التواصل الاجتماعي كمصدر للمعلومات، مستفيدين منها في مجالات متعددة تشمل الجغرافيا السياسية، والصحة، والتعليم، والتثقيف الذاتي.
وفي ختام رسالتها، خاطبت كوردييه ماكرون بلهجة حاسمة قائلة: "نحن عند مفترق طرق: هل نريد التربية أم المنع؟ هل نريد منح الثقة أم نشر الشك؟ إنني أختار المقاومة؛ المقاومة بالعلم، بالتربية، وبالثقة في شبابنا".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTExIA== جزيرة ام اند امز