حسان دياب المكلف بحكومة لبنان.. ثوب "حزب الله" الجديد بدون غطاء سني
حسان دياب تعهد في كلمة وجهها للبنانيين بأنه سيمنح "الأولوية للاختصاصيين" في تشكيل الحكومة الجديدة بعد تكليفه بها
لم يكن أول تصريحات حسان دياب المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، والمتضمن تعهده بـ"وزارة اختصاصيين مستقلة"، كافيا لنيل ثقة التيارات السنية؛ بل تصاعدت التحذيرات من تحوله إلى مجرد أداة لمليشيا حزب الله في دوائر الحكم.
ففي كلمة وجهها بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، مساء الخميس، دعا دياب اللبنانيين إلى أن يكونوا شركاء في إطلاق عملية الإنقاذ، متعهداً بالعمل على تشكيل الوزارة في أسرع وقت ممكن.
رئيس الحكومة المكلف حاول النأي بنفسه عن أي "تحزب"، قائلا: "أنا مستقل، وبالتالي الجميع سيكون موجوداً بالحكومة، وجهودنا جميعًا يجب أن تركز على وقف الانهيار واستعادة الثقة".
حسان دياب أكد كذلك في كلمته أن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة سيمنح "الأولوية للاختصاصيين".
حكومة لون واحد
ورغم سلسلة التعهدات التي أطلقها دياب، لكن لم تلقَ تسميته ترحيبا وقبولا من عدد كبير من الفرقاء السياسيين، خصوصا المعارضين لمليشيا حزب الله وحلفائها، وهو ما عكسه توزيع أصوات الكتل النيابية، وكذلك المجتمع المدني والمتظاهرين.
وأمام تصاعد الدعوات لتحرك المتظاهرين رفضاً لتكليف حسان دياب، سارت الأجهزة الأمنية إلى نشر عناصرها بشكل مكثف في محيط منزله بالعاصمة بيروت.
موقف المتظاهرين برفض دياب استند إلى خلفيته السياسية، ومحاصرة بعض اتهامات الفساد له، رغم طلبهم بحكومة اختصاصيين من غير السياسيين.
أما رفض الفريق المعارض لمليشيا حزب الله، فكانت أبرز عناصره "تيار المستقبل، وحزب القوات اللبنانية، واللقاء الديمقراطي (الحزب التقدمي الاشتراكي)، وحزب الكتائب"؛ إذ حملوا رئاسة الجمهورية اللبنانية مسؤولية ما آلت إليه الأمور بعد رفض شرط رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بتشكيل وزارة تكنوقراط.
وحذر الفريق المعارض أيضاً من نتائج اختيار دياب؛ حيث سيؤدي إلى تشكيل حكومة من لون واحد أي من "فريق 8 آذار"، انطلاقا من الكتل التي سمّته وأبرزها "(مليشيا حزب الله، وحركة أمل، والتيار الوطني الحر، وكتل أخرى حليفة له".
وكان دياب أستاذا جامعيا، ويعدّ أساسا غير محسوب على حزب معين، لكنه سبق وتولى وزارة التربية في الحكومة اللبنانية التي ترأسها نجيب ميقاتي عام 2011، والتي سميت حينها بـ"حكومة حزب الله".
من هنا وفي غياب الغطاء السني للرئيس المكلف وما يوصف في لبنان بـ"الميثاقية عرفا"، بحصوله فقط على أصوات 6 نواب سنة، فإن تشكيل الوزارة الجديدة لن يكون مهمة سهلة، خصوصا أنه بات واضحا أنها ستكون حكومة "8 آذار" أو حزب الله.
يأتي كل ما سبق في ظل إعلان عدد من الفرقاء السياسيين توجههم إلى مقاطعة حكومة حسان دياب، وعلى رأسها تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري وحزب القوات اللبنانية.
مصادر مطلعة قالت بدورها لـ"العين الإخبارية" إن كتلة المستقبل أبلغت الرئيس ميشال عون أنها لن تشارك في الحكومة وليتحمل المسؤولية من سار في هذا الخيار.
ووفق ما ذكرته مصادر متابعة للمباحثات الحكومية اللبنانية، فإن الطرح الحالي يدور بين تشكيل حكومة تكنوسياسية من 24 وزيراً بينهم 6 سياسيين أو من 18 وزيرا بينهم 4 سياسيين، مشيرة إلى أن دياب كان قد اتفق مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون على مسودة تشكيلة الوزارة.
وفيما حذّر رئيس حزب الكتائب اللبناني النائب سامي الجميل، بعد تسميته السفير نواف سلام، من العودة إلى الاصطفافات السياسية، اعتبر النائب نهاد المشنوق الذي سمى أيضا سلام، أن "الذهاب إلى حكومة برئاسة دياب يفتقد إلى الميثاقية التي كانت خلف اعتذار الحريري".
ولعل موقف الجميل والمشنوق، تحدث عنه أيضا النائب نعمة أفرام، قائلا: "الدكتور دياب يتمتع بكل المواصفات المطلوبة لكننا فقدنا الميثاقية في تكليفه".
كما ربط النائب ميشال معوض عدم تسميته دياب وترشيحه نواف سلام، بعدم تمتعه بالميثاقية، محذرا من تشكيل حكومة لبنانية من لون واحد.
غياب الحل
في الإطار نفسه، عدّ النائب في تيار المستقبل، وليد البعريني، أنه في الوقت الذي احترم فيه الحريري موضوع الميثاقية واعتذر عن التكليف عندما لم تسمّه أكبر كتلتين مسيحيتين، فإن الفريق الآخر لم يراعِ هذا الأمر ومضى بخياره رغم عدم تسمية أكبر كتلة سنية لدياب، بحيث بات مرشح حزب الله والعهد.
وقال البعريني لـ"العين الإخبارية" إن تيار المستقبل سيكون في جانب المعارضة البناءة بعيدا عن الشارع، وفق ما شدد عليه الحريري في اجتماع الكتلة قبل الاستشارات.
ودعا إلى ترقب ما ستكون عليه ردة فعل المتظاهرين على هذا التكليف ومن ثم تأليف الحكومة، إضافة إلى المجتمع الدولي الذي يصر على أهمية تشكيل وزارة اختصاصيين.
من جهته، رجّح النائب هادي أبوالحسن في "الحزب الاشتراكي اللبناني" الذي سمّت كتلته أيضا سلام، أن تكون حكومة دياب هذه "من لون واحد" انطلاقا من أصوات الكتل التي حصل عليها.
وقال أبوالحسن لـ"العين الإخبارية": "رغم أنه من المبكر الحكم على الحكومة الجديدة، لكن يبدو أنها ستكون من لون واحد، وهي بالتالي ستواجه صعوبات وتحديات؛ أبرزها من الشارع اللبناني والمتظاهرين الذين خرجوا مطالبين بوزراء مستقلين، كما أنها قد لا تلقى دعما من المجتمع الدولي".
ويرى أبوالحسن أن تكليف دياب بتشكيل الحكومة لا يعني أن هناك توجها إلى إيجاد حل، مضيفاً: "قد نكون تحركنا يمينا أو يسارا، لكننا لا نزال في الدائرة نفسها".
وأشار إلى ضرورة العمل على حكومة إنقاذ وطني للعمل على عملية إصلاح جذري واستعادة الثقة بالدولة.
وأضاف: "لنكن واقعيين، إن عدم التوافق الداخلي على اسم الرئيس المكلف سينعكس على مسار التأليف، إضافة إلى الاشتباك الدولي بين إيران وأمريكا الذي سيكون له أيضاً انعكاس سلباً أو إيجاباً".
وبالوتيرة نفسها، أكد مسؤول الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبناني، شارل جبور، أن حزبه لن يشارك في الحكومة انطلاقا من مطلبه في تشكيل وزارة اختصاصيين من غير السياسيين.
وأضاف جبور لـ"العين الإخبارية"، أنه من الواضح أن فريق العهد يريد حكومة بأي ثمن، قائلا: "بدا ذلك جليا في ظل غياب التوافق على حكومة اختصاصيين مستقلين، فبعد رفض الحريري الخضوع لشروط العهد وحزب الله بتشكيل حكومة تكنوسياسية، فإنهم قرروا المضي قدما في تشكيل حكومة من لون واحد".
وتابع: "من هنا يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن هذه الحكومة من مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد؟ وهل ستنال ثقة الشارع اللبناني وتحصل على استثمارات خارجية؟.. بالتأكيد لا".
ومضى مسؤول الإعلام والتواصل في حزب القوات في قوله: "ذاهبون إلى الانهيار نتيجة الإصرار على حكومة لم تأخذ بالاعتبار شروط المرحلة المالية والاقتصادية وكان التعامل معها بشكل كلاسيكي".
وشدد على أن حكومة اللون الواحد لا تستطيع إنقاذ لبنان ماليا واقتصاديا، لافتاً إلى أن الوضع المتردي هو نتيجة هذه السياسيات المستمرة لتحويل لبنان إلى بلد فاشل ومنكوب وأخذ اللبنانيين إلى المجاعة.
ترقب المتظاهرين
وعلى خط المجتمع المدني ومجموعات المتظاهرين، بدا أن هناك ترقبا في صفوفهم، فيما بدأت الأصوات الرافضة وحملة ضد حسان دياب تتزايد على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الإطار، قال الناشط اللبناني إبراهيم منيمنة إن "المشكلة في دياب هو أنه جزء من المنظومة السياسية التي أثبتت فشلها، وهو كان وزيرا في حكومة سابقة، وبالتالي لا ثقة به، كما أي شخصية سياسية وهذه أهم الأسباب التي كانت خلف الحملة التي بدأت ضده".
وأشار منيمنة إلى أن هناك بحثا في التحركات التي سيدعو لها المتظاهرون في الساعات المقبلة بعد تكليف دياب.
من جهته، قال العميد المتقاعد جورج نادر أن هناك رضا في بعض الأماكن على دياب وصمتا وانتظارا في أخرى، بحسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء المركزية في لبنان.
وأضاف: "سنكون أمام حكومة مواجهة، تتشكل من قبل فريق 8 آذار، وهذا أمر خطر جداً، فعندما تحصل مواجهة بين فريقين في السلطة، ونحن ضدهما معاً، لا نريد أن تتحول الثورة عن مسارها، وقلنا: كلن يعني كلن".
وردا على سؤال عن رأيه في حسان دياب شخصياً، قال: "نسمع عنه قضايا رشا وطبع كتابا عن إنجازاته، وغير ذلك من الأمور تتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لم نتأكد من صحتها، لذا سننتظر للتأكد من المعلومات".
وأتى تكليف دياب بعد نحو شهرين من استقالة الحريري ورفضه القبول بإعادة تكليفه ما لم تكن حكومة تكنوقراط، وهو ما رفضه الفريق الآخر، وتحديدا حزب الله وحركة أمل ورئاسة الجمهورية متمسكة بحكومة تكنوسياسية، لينتهي الأمر بإعلان الحريري اعتذاره عن قبول التكليف مساء الأربعاء، أي قبل ساعات من موعد الاستشارات النيابية التي كانت قد أجلت مرتين قبل ذلك.
يشار إلى أن رئيس الحكومة اللبنانية المكلف حسان دياب قد حصل على 69 صوتا منهم فقط 6 نواب من الطائفة السنية، ورفض تسميته من "كتلة المستقبل" ورؤساء الحكومة السابقين، ما يطرح علامة استفهام حول ميثاقية هذا التكليف.
وفي المقابل، نال السفير السابق نواف سلام 15 صوتاً، وهو الذي طرحه الحريري ورفضه حزب الله والتيار الوطني الحر، فيما امتنع 42 نائبا عن تسمية أي شخصية.
aXA6IDE4LjE5MS4xNzguMTYg جزيرة ام اند امز