«حتّا».. الوجهة الواعدة للمشاريع الناشئة ورواد الأعمال الطموحين
تشهد منطقة حتّا حراكاً تنموياً واسع النطاق على مختلف الأصعدة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وذلك في إطار مسيرة التطوير الشاملة لإمارة دبي وضمن الأهداف الطموحة التي حددتها القيادة الرشيدة لمستقبل دبي والتي تم توثيقها في كل من "أجندة دبي الاقتصادية D33" و"أجندة دبي الاجتماعية 33" و"خطة دبي الحضرية 2040"وهي الأطر التي تم صياغتها لتشكل مجتمعة مساراً تنموياً شاملاً ومتكاملاً للسنوات العشر المقبلة.
وتحظى "حتّا" بالعديد من مقومات التميز التي تمنحها حدوداً تنافسية متقدمة سواء على صعيد الموروث الثقافي وما تتمتع به من معالم تراثية تعكس ملامح مهمة من تاريخ وثقافة دولة الإمارات، أو على مستوى بيئتها الطبيعية التي تشكلها الجبال والوديان والسهول وما تضمه من مناظر طبيعية ساحرة، إذ يتضافر المخزون التاريخي والثقافي والبيئي في جعل حتّا نقطة جذب سياحي واستثماري وحضاري رفيع المستوى.
وعلى الرغم من إيقاع الحياة الذي يتسم بهدوء وسكينة تلفها هذه البيئة الجبلية والطبيعة الآسرة الغنية بتنوعها البيولوجي، لا يمكننا تفويت الصورة الأكبر وما تحمله من ملامح المكاسب الاقتصادية التي يمكن أن تجنيها تلك المنطقة من وراء كل ما تتفرد به من مقومات التميز، وهو ما تعوّل عليه حكومة دبي في "خطة التطوير الشاملة لمنطقة حتّا" التي اعتمدها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في الربع الأخير من العام 2021، ويتواصل العمل على تحقيق أهدافها وما تضمنته مشاريع التي تخدم أهل حتّا وتلبي احتياجاتهم، بالتركيز على أربعة محاور استراتيجية، هي: جودة الحياة، والسياحة، والرياضة والأنشطة، والاستدامة.
وفي الوقت الذي تعقد فيه قيادتنا الرشيدة الكثير من الآمال العريضة على الشباب وتولي اهتماماً واضحاً لزيادة مساحة مشاركتهم في تعزيز قواعد اقتصاد قوي ومتنوّع ومستدام، يأتي دور الشباب كركيزة مهمة من ركائز قيادة هذا الجهد التنموي الكبير الذي تشهده دبي عموماً، ومنطقة حتّا على وجه الخصوص، إيماناً بما يتمتع به الشباب من قدرات الابتكار والإبداع والتي تعد من أهم متطلبات بناء منظومة اقتصادية متطورة تواكب تطلعات دبي لريادة المستقبل وطموحها للوصول إلى درجات أعلى من التميز وصولاً إلى مرتبة عالمية متقدمة كواحدة من أهم وأفضل ثلاث مدن اقتصادية في العالم بحلول العام 2030.
- «أدنوك» تقر زيادة استثمارات مشاريع خفض الانبعاثات والتقنيات منخفضة الكربون إلى 23 مليار دولار
- تمكين الغد.. هذا ما حققه COP28 لشباب العالم
مجلس للتجار
وانطلاقاً من هذه القناعة الراسخة بقدرات الشباب والحرص على منحهم كل الفرص اللازمة لإثبات ذاتهم وتأكيد مشاركتهم الإيجابية في بناء مستقبل اقتصادي واعد ومتنوع، اعتمد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي تشكيل "مجلس تجار حتّا" في أبريل/نيسان من العام 2022، ويندرج تحت مظلة "غرفة دبي"، دعماً للفرص الاقتصادية القادمة لحتّا وإشراك شبابها في إنشاء وإدارة المشاريع التنموية والسياحية وتسريع نموها.
وأوضح مانع الكعبي، رئيس مجلس تجار حتّا أن المجلس يمثل حلقة وصل بين التجار في حتّا والجهات الحكومية لتطوير منظومة ريادة الأعمال، ودعم تجّار حتّا والتعريف بقصص نجاحهم، وإيجاد بيئة محفزة تعينهم على تبادل الأفكار والخبرات والتجارب الناجحة ومشاركة الموارد وتشجيع الفكر الريادي للشباب للمساهمة بإيجابية في تنمية الأنشطة الاقتصادية والسياحية والتجارية لمنطقة حتّا ومن ثم لدبي بشكل عام.
وأشار الكعبي إلى تنامي الوعي بين الشباب في منطقة حتا بأهمية قطاع ريادة الأعمال وهو ما يتضح في زيادة أعداد المشاريع الناشئة في المنطقة إلى أكثر من 100 مشروع حالياً، والأعداد في زيادة من خلال التعاون القائم بين مجلس تجار حتّا ومؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة التابعة لدائرة الاقتصاد والسياحة بدبي، لافتا إلى أن المجلس يركز على فئات التجار ورواد الأعمال الشباب، والشركات والمشاريع التجارية، والأسر المنتجة والمشاريع المنزلية، والمزارعين وأصحاب العِزَب ومربي الثروة الحيوانية.
تنمية المشاريع
وتشارك "مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة" في بناء مجتمع ريادة الأعمال في منطقة حتّا، وتحقيق مستهدفات هذه الرؤية الشاملة لاقتصاد مستقبلي يقوم على الأفكار المبدعة ويستفيد من مقومات التميز التي تتفرد بها حتّا.
وتتنوع أوجه الدعم المقدمة من المؤسسة بدءاً من تنظيم البرامج التثقيفية في مجال ريادة الأعمال وتأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة وورش العمل والدورات والبرامج المتخصصة لتدريب الشباب ومساعدتهم على النجاح في هذا المجال، وصولاً إلى الإجراءات الميسرة في إصدار تراخيص الأعمال، بما يسهل على الشباب الانخراط في المجالات السياحية والتجارية والأنشطة الاقتصادية عموماً.
وتعمل مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التابعة لدائرة الاقتصاد والسياحة بدبي، من خلال تلك الجهود، على تنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة لغرس الثقة في الشباب في حتّا، وتعزيز قدرتهم على إنجاح أفكارهم التجارية الخاصة، وصقل مهاراتهم وتمكينهم من تبني أساليب إبداعية جديدة تعود بالنفع على مشاريعهم ومجتمعهم.
وأكد عبد الباسط الجناحي، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، أن دعم المؤسسة لمواهب ريادة الأعمال في حتّا يعزز دمج المواهب المحلية في القطاعات الرئيسية ويسهم في تأكيد مشاركتهم في تحقيق أهداف أجندة دبي الاقتصادية (D33).
وأشار الجناحي إلى أهمية الخطة المتكاملة الرامية لتمكين رواد الأعمال الشباب من طرح أفكارهم وتأسيس وإطلاق مشاريع ذات جدوى اقتصادية حقيقية فيما تساند المؤسسة رواد الأعمال والشركات الإماراتية الناشئة بتقديم مختلف أوجه الدعم التي تمكنهم من الارتقاء بمشاريعهم الناشئة إلى مستويات متقدمة.
تثقيف وتدريب
ونظمت المؤسسة الدبلوم المهني المعتمد لريادة الأعمال في المجالين "التجاري" و"الزراعي" كونهما من الأنشطة الاقتصادية وثيقة الصلة بمنطقة حتّا، شارك فيهما أكثر من 100 مواطن يديرون أكثر من 50 مشروعاً.
وتعنى المؤسسة بتدريب وتأهيل شباب حتّا لتمكين الراغب منهم في الدخول إلى مجال ريادة الأعمال سواء بالبدء بمشاريعهم الخاصة أو توسيع نطاق ما هو قائم منها، حيث نظمّت دورات تدريبية وبرامج تخصصية قدمت خلالها الكثير من النصائح والإرشادات والمعلومات المفيدة لرواد الأعمال من أهالي حتّا، بما في ذلك تنظيم 19 ورشة عمل حضرها أكثر من 400 مشارك، فيما تم تنظيم برنامجين تخصصين، إضافة إلى تنظيم العديد من دورات التدريب استهدفت رواد الأعمال وركزت على التفكير الإبداعي في ريادة الأعمال، والإدارة القائمة على الإبداع، والتجارة الإلكترونية، بهدف تطوير مهارات المتدربين وصقل مهاراتهم.
ولا يقتصر دور مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة على تقديم النصح والإرشادات المتخصصة في مجال ريادة الأعمال، ولكنها تحرص أيضا على تقديم التمويل لعدد من المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية وتمثل إضافة جديدة لقدرات حتّا الاقتصادية، لتمكينها من الانطلاق والتوسع وترحّب دائماً بتوفير الدعم المادي للمشاريع التي تضيف قيمة لمنطقة حتّا وأهاليها وتشجع رواد الأعمال المواطنين على الوصول إليها، والتقدم بطلبات التمويل.
«بكل فخر من دبي في حتّا»
وبتوجيهات الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي رئيس مجلس دبي للإعلام، نظّم المكتب الإعلامي لحكومة دبي، وبالتعاون مع اللجنة العليا للإشراف على تطوير منطقة حتا، مهرجان "شتانا في حتا" خلال الفترة ما بين 15 حتى 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي ضمن الموسم الشتوي لحملة "وجهات دبي"، والذي ضم العديد من الفعاليات المتنوعة بهدف إلقاء الضوء على المميزات التي تتفرد بها حتّا كوجهة سياحية متميزة.
وحرص "براند دبي"، الذراع الإبداعية للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، بالشراكة مع اللجنة العُليا للإشراف على تطوير منطقة حتّا، على إشراك مجموعة من المشاريع الناشئة من أعضاء مبادرة "بكل فخر من دبي" في فعاليات المهرجان، الذي اختتم في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأعربت شيماء السويدي، مدير براند دبي عن اعتزازها بالنجاح الذي حققه المهرجان الذي استقطب أعدادا كبيرة من الزوار، وكذلك نجاح فعالية "بكل فخر من دبي ماركت" ضمن المهرجان والتي ضمت أكثر من 30 مشروعاً تراوحت بين المطاعم والمقاهي والمنتجات المحلية، ويعود جانب كبير منها لرواد الأعمال من أهالي منطقة حتّا، بالتعاون مع "مجلس تجار حتّا" وهيئة تنمية المجتمع بدبي.
وأوضحت السويدي أن فكرة تنظيم هذا السوق جاءت في إطار رسالة مبادرة "بكل فخر من دبي" والتي أطلقها "براند دبي" بهدف تشجيع رواد الأعمال ومنح مشاريعهم مساحة أكبر من الظهور الإعلامي للتعريف بما يقدمون من خدمات ومنتجات متنوعة، ومن ثم توسيع دائرة عملائهم.
للنجاح قصص
نجاحات رواد الأعمال في حتّا عديدة وتأتي ضمن قطاعات متنوعة تتراوح بين السياحة والضيافة والترفيه والزراعة والمنتجات الغذائية الأغذية ومراكز اللياقة البدنية وغيرها الكثير.
وقد وقّعت دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي ممثلة بمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة اتفاقية تعاون مع هيئة تنمية المجتمع بهدف تطوير موقع مركز تسهيل لريادة الأعمال ودعم مشاريع شباب حتا ضمن "مركز حتا المجتمعي"، وتم إنشاء مركز تسهيل لريادة الأعمال ودعم مشاريع شباب حتّا في "مركز حتّا المجتمعي" لتمكين الشباب من سكان أهالي حتّا من بدء مشاريعهم والمضي في طريق إنجاحها، مع الاستفادة من خدمات المؤسسة الذكية في الطابق الأرضي في مركز حتا المجتمعي لإصدار الرخص التجارية المعفاة والتي تشمل رخص انطلاق عبر منصة استثمر في دبي، وأيضا تتوافر في المركز قاعات متعددة الاستخدام وغرفة الاجتماعات كمركز لرواد الأعمال، علاوة على إتاحة صالة الألعاب في الطابق الأرضي من المركز لعمل معارض متخصصة، وغيرها من أوجه الدعم المختلفة.
وأسهمت مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تسجيل قصص نجاح لمواطنين ومواطنات من خلال الدعم المادي والفني الذي قدمته لهم، وهنالك نماذج من أهالي حتّا شاهدة على ذلك وتمكنوا من البدء بمشاريعهم الخاصة وحققوا نتائج استثنائية، وتنوعت المجالات التي عملوا بها لتشمل قطاع البناء والمقاولات، والحدادة والنجارة ومنتجات الألمنيوم، والمواد الغذائية، والمؤسسات السياحية والترفيه، والمزارع المنتجة، وبيوت العطلات والفنادق، والمطاعم والمقاهي، ومراكز اللياقة، والخدمات، والمشاريع المنزلية وغيرها.
مشروع مناحل حتا الجبلية (الدرور للعسل والتمور)، هو أحد النماذج الناجحة لمشاريع ريادة الأعمال التي توظف الإمكانات والمميزات الطبيعية للمكان بما يتفرد به من طبيعة تحيطها الجبال؛ حيث تعد أصناف العسل الذي ينتجه النحل الجبلي من أفضل أنواع العسل.
منحل "الدرور للعسل والتمور" يضم أكثر من 3000 خلية نحل، بقدرة إنتاجية تصل إلى أكثر من 20 طناً من العسل في السنة الواحدة.
"حتا كاياك" شركة تمكنت من تحقيق نجاح لافت من خلال تقديم باقة متنوعة من الخدمات التي تركز على السياحة والأنشطة المجتمعية.
ودعمت مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة الشركة في الحصول على الموافقات التشغيلية اللازمة وترخيص الأعمال وقد أسهم هذا المشروع في دعم التنمية الاقتصادية والمجتمعية المحلية.
وحقق مشروع "تنور" وهو مطعم يقدم الأطباق المحلية، نجاحًا كبيرًا وتوسع في أعماله، إذ يخدم المطعم عملاءه في أجواء مميزة تسلط الضوء على الثقافة المحلية.
وتتنوع الفرص وتزداد في أعدادها في ظل الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة إلى حتّا كوجهة تمتلك من المميزات ما يؤهلها أن تكون مركزاً سياحيا واقتصادياً رئيسياً على مستوى دولة الإمارات بل والمنطقة، وهي الحقيقة التي تعززها خطة التطوير الشاملة لمنطقة حتا، المنبثقة عن خطة دبي الحضرية 2040.
وكذلك أجندة دبي الاقتصادية D33 والتي تركز ضمن أولوياتها على توفير مناخ عالمي لممارسة الأعمال والاستدامة، ضمن بيئة أعمال مثالية للمستثمرين ورواد الأعمال، إضافة إلى استهداف مشروع "تجار دبي" الذي تضمنته الأجندة إلى إبراز وتمكين الجيل الجديد من تجار دبي في مختلف القطاعات الرئيسية مثل الصناعة والاستدامة والاقتصاد الرقمي والابتكار، ودعم توسع أعمالهم عالمياً، تأكيداً لمكانة دبي نقطة انطلاق أصحاب الطموحات الكبيرة إلى العالمية.