تمكين الغد.. هذا ما حققه COP28 لشباب العالم
مراقبون: قمة دبي شهدت أكبر مشاركة للشباب في تاريخ مؤتمرات الأطراف
شهد COP28 إنجازات غير مسبوقة فيما يتعلق بدمج الشباب في العمل المناخي، وتأهيلهم للمشاركة في عملية المفاوضات الرسمية لمؤتمرات الأطراف.
يشارك الشباب في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد في مكافحة تغير المناخ، سواء كناشطين، أو خبراء، أو معلمين وطلاب، أو عاملين في مجال الرعاية الصحية، أو أصحاب رؤى، أو رواد أعمال، أو في العديد من الأدوار الأخرى.
بالنظر إلى أن هذا هو أكبر جيل من الشباب في التاريخ، 1.8 مليار شخص تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 24 عاما، فإن لديهم إمكانات هائلة لإحداث فرق كبير في كيفية التعامل مع هذه القضية الحاسمة.
لذا وضع مؤتمر الأطراف (COP28)، الذي انعقد في دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، في الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 13 ديسمبر/كانون الأول 2023، معايير غير مسبوقة لإدماج الشباب والمشاركة النشطة في المناقشات المتعلقة بالعمل المناخي.
بالفعل، شكلت المشاركة النشطة للأفراد الشباب في حوارات الاستدامة بقمة دبي، إلى جانب تسهيل مشاركتهم في المفاوضات الرسمية، خطوة حاسمة نحو سد الفجوة بين التركيبة السكانية للشباب وعملية صنع السياسات.
- تغير المناخ يمحو مدناً عالمية خلال عقود.. أمستردام وبانكوك في المقدمة
- التفاصيل الكاملة لإنجاز COP28 بشأن الهيدروجين الأخضر
الأكثر حضورًا للشباب
شهدت القمة التاريخية أكبر مشاركة على الإطلاق للشباب في تاريخ مؤتمرات الأطراف، وفق ما أكده العديد من الخبراء والمراقبين.
قالت رئيسة إيرلندا السابقة ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ماري روبنسون، في تصريحاتها خلال إحدى الفعاليات التي ضمت مجموعة من المندوبين الشباب في دبي: "آخر مرة شاركت فيها في مؤتمر الأطراف كانت في عام 2017 في الدورة الثالثة والعشرين لمؤتمر الأطراف في بون، بألمانيا، لكن هنا في دبي المؤتمر تغير كثيرًا، فالشباب يبدو أنهم موجودون في كل مكان".
في حديثها أشارت إلى أنه من المحتمل أن يكون عدد الشباب الذين حضروا الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف ضعف عدد المشاركين في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في 2022.
تابعت: "يحسب لرئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف أنها أعطت الأولوية لإقامة روابط بين المفاوضات السياسية واهتمامات الشباب".
رائد المناخ للشباب
ضم مؤتمر COP28 أول رائد للمناخ من الشباب على الإطلاق، وهو منصب على المستوى الوزاري يهدف إلى سد الفجوات بين الحكومات والمسؤولين الآخرين من جانب، ونشطاء المناخ الشباب من جانب أخر، فضلًا عن تبسيط تنسيق الشباب بين الحكومات واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وقع الاختيار على شما بنت سهيل المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع بدولة الإمارات، كأول رائدة مناخ للشباب على الإطلاق، تتولى منصبًا وزاريًا، لتكون مسؤولة عن التعامل مع الشباب على مستوى العالم قبل وأثناء انعقاد مؤتمر الأطراف COP28 في دبي.
تولت المزروعي مسؤولية تعميم مشاركة الشباب وصوتهم في عملية مؤتمر الأطراف COP28 وحشد مدخلات ونتائج جوهرية لسياسات الشباب.
نجحت رائدة المناخ في COP28 في إيصال أصوات الشباب، خاصة المنتمين إلى المجتمعات الأكثر ضعفًا مثل الشعوب الأصلية وذوي الإعاقة والمجتمعات الأكثر عرضة للخطر، من خلال برنامجين، أول تقييم للشباب في مؤتمرات الأطراف، وأول برنامج دولي للمندوبين الشباب.
أول تقييم للشباب
شهد (COP28) إجراء أول تقييم عالمي لاتفاق باريس، لتقييم جميع التزامات البلدان بشأن العمل المناخي.
تزامنًا مع التقييم العالمي، نظمت قمة COP28 أول تقييم عالمي للشباب على الإطلاق، بمشاركة الدائرة الرسمية للأطفال والشباب في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ YOUNGO.
تساهم YOUNGO، التي تضم ناشطين من الأطفال والشباب وكذلك المنظمات غير الحكومية الشبابية، في تشكيل السياسات الحكومية الدولية المتعلقة بتغير المناخ، وتسعى لتمكين الشباب من إيصال أصواتهم رسميًا إلى عمليات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
انطوت العملية على إجراء تقييم للتطور والفجوات الموجودة في تمكين وإشراك الشباب في عمليات التفاوض الخاصة باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وإدراج اهتماماتهم في تنفيذ السياسات.
خلال يوم الشباب والأطفال والتعليم والمهارات، شارك الحاضرون في مؤتمر COP28 في عملية التقييم لتحديد مستوى إشراك الشباب في مفاوضات المناخ وتطوير طرق لإسماع أصواتهم بشكل أفضل في المستقبل.
أصدرت YOUNGO خلال الفعالية "بيان الشباب العالمي" الذي تم تسليمه إلى المندوبين في COP28، وهو وثيقة سياسة بنيت على أكثر من 750.000 مشاركة تلقتها الشبكة من أكثر من 150 دولة.
كشفت نتائج التقييم عن مجموعة من التحديات، أبرزها نقص الموارد المخصصة للمتطوعين، وبناء القدرات، والانفصال بين احتياجات الشباب ومساحات التفاوض الرسمية، من بين أمور أخرى.
من أجل مكافحة هذه التحديات المعقدة، دعا الشباب في COP28 اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) إلى مراجعة إجراءات مدخلات السياسات الدولية المتعلقة بالشباب، وإنشاء مستودع يسهل الوصول إليه لموارد بناء القدرات.
أول برنامج لمندوبي الشباب
كما شهد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون أيضًا إنشاء أول برنامج دولي لمندوبي الشباب المعنيين بالمناخ، والذي يمول بالكامل المشاركة والعمل على بناء القدرات لـ 110 شاب من جميع أنحاء العالم، بهدف تمكينهم من المشاركة في المفاوضات.
يعد برنامج مندوبي المناخ الشباب أكبر مشاركة شبابية في تاريخ مؤتمر الأطراف، وأهم وأكبر مبادرة لتوسيع مشاركة الشباب في عمليات المفاوضات الدولية بشأن المناخ حتى الآن.
يهدف البرنامج لتوسيع مشاركة الشباب من الفئات الممثلة تمثيلا ناقصا في صنع سياسات تغير المناخ، مع إعطاء الأولوية للمندوبين من البلدان الأقل نموا (LDCs)، والدول الجزرية الصغيرة النامية (SIDS)، والشعوب الأصلية، ومجموعات الأقليات الأخرى في جميع أنحاء العالم.
قادت البرنامج بطلة المناخ للشباب COP28، شما المزروعي، بالتعاون مع YOUNGO، الدائرة الرسمية للأطفال والشباب في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وصفت سارة يركس، وهي زميلة أولى في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، البرنامج الذي استضافه مؤتمر الأطراف في دبي بأنه "مثير للإعجاب".
أكدت أن المؤتمر بدا مختلفًا عن الدورات السابقة، موضحة أن ذلك يرجع جزئيًا إلى جهود البلد المضيف لتوسيع مظلة الحضور، من خلال تضمين مجموعة أكثر تنوعًا من الأصوات، على رأسهم الشباب والمرأة، سواء على طاولة المفاوضات أو في الاجتماعات الجانبية المختلفة، أو في أي مشاركات أخرى طوال فترة انعقاد المؤتمر الذي استمر لمدة أسبوعين.
على طاولة المفاوضات
على جانب أخر، كان حضور الشباب على طاولة المفاوضات كجزء من الوفود الرسمية للدول لافتًا بدرجة كبيرة في قمة دبي، بعدما بذلت وفود عدد من الدول المشاركة في المؤتمر جهودًا ضخمة لضم الشباب إلى صفوفها، بناء على توصيات من الرئاسة الإماراتية لـ COP28.
قالت سارة يركس: "أثناء تجولي في مكان انعقاد COP28، رأيت الشباب في كل مكان، وتحدثت مع المندوبين الشباب من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين أوضحوا أن مشاركاتهم تؤخذ على محمل الجد إلى حد كبير، وأن إدارة المؤتمر تمنحهم صوتًا حقيقيًا على طاولة المفاوضات".
أضافت: "أخبرني المندوبون الشباب أنهم كُلفوا بمهام موضوعية وأدوار تفاوضية، وقال لي بعض المندوبين الأكبر سناً إنهم شجعوا نظراءهم الأصغر سناً على أخذ زمام المبادرة أثناء الاجتماعات، وغالباً ما كانوا يتدخلون فقط لمساعدتهم على صياغة رسائلهم بشكل أكثر فعالية".
تابعت: "على عكس العديد من المندوبين الأكبر سنًا، الذين يأتون في الغالب من خلفيات علمية أو دبلوماسية، كان تمثيل الشباب أكثر تنوعًا، وعبر مجموعة أكبر من الأصوات، من نشطاء المجتمع المدني والأكاديميين إلى رؤساء الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، الذين هم في طليعة الابتكار المناخي".
تذكر يركس أيضًا أنه قبل انعقاد المؤتمر، كانت هناك بعض المخاوف المشروعة مما أسمته بـ "غسل الشباب"، أي إشراك الشباب في دور أدائي وليس دورا جوهريا، إلا أن ما حدث في دبي كان غير ذلك على الإطلاق، وأفسحت الوفود المجال للجيل الأكثر تأثراً بتغير المناخ، إلى جانب أولئك الذين يتمتعون بخبرة علمية أو مهنية.
تمكين الغد
لن ينتهي إنجاز تمكين الشباب عند مؤتمر الأطراف الأخير كما أوضحت رئاسة COP28، التي كشفت عن نواياها لمواصلة مبادرة بطل المناخ للشباب في مؤتمرات الأطراف المستقبلية.
قالت المزروعي خلال مناقشة أول تقييم للشباب: "في مؤتمر الأطراف هذا، شهدنا مبادرات غير مسبوقة لتعزيز إدماج الأطفال والشباب".
أضافت: "مع وجود 110 مندوبين متفانين على الأرض، لم يُحدث شبابنا تأثيرًا كبيرًا من خلال العديد من المشاركات والمفاوضات فحسب، بل قاموا أيضًا بتمثيل مجتمعاتهم بشكل فعال. واليوم، وكل الأنشطة التي أدت إلى ذلك، تركز على تحفيز التغيير التحويلي الذي سيكون بمثابة إرث دائم لمؤتمرات الأطراف في المستقبل".
تعهدت الرئاسة الإماراتية، بالشراكة مع أبطال المناخ الشباب، بتقديم خارطة طريق شاملة تهدف إلى تعزيز أطر مشاركة الشباب ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC).
أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مؤتمر الأطراف COP28، أن القيادة في دولة الإمارات تضع تمكين الشباب في مقدمة أولوياتها، وتركز على تمكينهم وتعزيز مهاراتهم للمشاركة بصورة فعّالة في تحقيق الازدهار الاقتصادي، وبناء مستقبل أفضل للبشر وكوكب الأرض.
مشيراً إلى أنه تماشياً مع هذه الرؤية، تحرص رئاسة المؤتمر على تفعيل مشاركة الأجيال الشابة في العمل المناخي، لتقديم استجابة شاملة للحصيلة العالمية، والحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.
أوضح الدكتور سلطان الجابر أن COP28 يعمل على ترك إرث عالمي، يسهم في بناء مستقبل أفضل للشباب والأجيال القادمة، لافتاً إلى أن هذه النسخة من مؤتمرات الأطراف، ستشكل نقلة نوعية، تضمن التركيز على احتواء الجميع، ووضع هذا المبدأ في صميم جهود العمل المناخي.
علقت سارة يركس على هذه الخطوات قائلة إن دبي صنعت إنجازاً كبيراً على مسار العمل المناخي، كمضيفة لمحادثات الأمم المتحدة الثامنة والعشرين بشأن المناخ COP28، خاصة فيما يتعلق بجهود إدماج الشباب والمرأة في مؤتمر الأطراف، التي تُعد بمثابة خطوة إيجابية من أجل المناخ.
aXA6IDMuMTQ2LjE3OC44MSA= جزيرة ام اند امز