التفاصيل الكاملة لإنجاز COP28 بشأن الهيدروجين الأخضر
يُعلّق العالم آماله على الهيدروجين الأخضر كوقود للمستقبل، باعتباره البديل النظيف المحتمل للوقود الأحفوري، وهو ما لم تغفله قمة COP28.
دعمت قمة دبي التاريخية الاستثمار في مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر بطرق عدة، باعتباره من الركائز المهمة نحو الوصول للحياد الكربوني الصفري بحلول 2050، وهو شرط رئيس لتحقيق هدف اتفاق باريس بالحد من ارتفاع متوسط درة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل عصر الصناعة، مما يجنب البشرية أسوأ سيناريوهات تغير المناخ.
خلال المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، والذي عقد في دبي في الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى 13 ديسمبر/كانون الأول، طرحت رئاسة المؤتمر إعلان نوايا COP28 الحكومي الدولي بشأن الاعتراف المتبادل بخطط إصدار الشهادات للهيدروجين المتجدد ومنخفض الكربون ومشتقات الهيدروجين.
دعت الرئاسة الإماراتية دول العالم للتوقيع على التعهد إدراكا منها للدور الرئيسي للهيدروجين النظيف في إزالة الكربون عالميا وتلبية احتياجات الطاقة العالمية.
بالفعل، أعلنت 38 دولة عن تأييدها للإعلان المهم، الذي يسعى للعمل نحو الاعتراف المتبادل بخطط إصدار شهادات الهيدروجين للمساعدة في تسهيل السوق العالمية.
- ابتكار مذهل.. تسخير ضوء الشمس لالتقاط الكربون من الغلاف الجوي
- عجائب الدبلوماسية الإماراتية السبع في مؤتمر COP28 (تحليل)
ما هي شهادات الهيدروجين الأخضر؟
يمكن صنع الهيدروجين بعدة طرق، وقد ينطوي إنتاج الهيدروجين على انبعاثات الكربون، وقد لا ينطوي.
توجد 5 أنواع للهيدروجين كمصدر مستدام للطاقة، ثلاثة منها أكثر شيوعًا، وهم الأزرق والرمادي والأخضر.
ينتج الهيدروجين الأزرق عند استخدام الوقود الأحفوري لاستخلاص الهيدروجين من الغاز الطبيعي، عبر تقسيم الغاز إلى عناصر منفصلة من الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، ثم استخدام تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (“CCUS”)، لمنع ثاني أكسيد الكربون المتبقي من عملية الإنتاج من الانبعاث إلى الغلاف الجوي.
ويُنتج الهيدروجين الرمادي، بطريقة مشابهة للأزرق، لكن حاصل الانبعاثات أو ثاني أكسيد الكربون يطلق في الجو، ولا تستخدم فيه تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، مما يعني أنه أكثر الأنواع تلويثًا للمناخ.
أما الهيدروجين الأخضر، فيُنتج من خلال عملية التحليل الكهربائي للماء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، مما يعني أن ناتج الانبعاثات هو أكسجين نظيف يطلق في الجو، وهو الأنظف والأكثر أهمية لتحقيق أهداف المناخ.
يعد الاهتمام العالمي بالهيدروجين مدفوع برغبة البلدان في إزالة الكربون، لذلك سيكون من المهم وجود طريقة للدول المصدرة المحتملة لإظهار انبعاثات الكربون المرتبطة بالهيدروجين المنتج، كما أنه من المهم للعملاء الذين يريدون شراء الهيدروجين من السوق العالمية، معرفة ما يشترونه، أزرق أم رمادي أم أخضر.
من هنا تأتي أهمية تطوير الدول لنظام موثوق وشفاف لإصدار شهادات الهيدروجين، من أجل تحقيق أهدافها التصديرية، والتي توفر للعملاء دليلاً على مصدر الطاقة المستخدم في سلاسل توريد الهيدروجين، وتضمن أن المنتج نظيف وخالي من الانبعاثات الكربونية.
تطالب الكثير من الشركات الآن بهذه الشهادات من الدول المصدرة للهيدروجين، وذلك لاستخدامها كأثبات على التزاماتها بالحياد الكربوني، أو للحصول على إعفاءات ضريبية من حكومات الدول التي تحتضن نشاطها.
إعلان COP28 للهيدروجين
يقول يوشينوري كانيهانا، الرئيس المشارك لمجلس الهيدروجين، وهي منظّمة عالمية مقرها بلجيكا ويقودها عدد من الشركات الرائدة في مجال الطاقة والنقل والصناعة والاستثمار، إن مناقشات COP28 الأخيرة في دبي كان لها هدفين فيما يتعلق بهذا الوقود النظيف: تطوير سلاسل قيمة الهيدروجين الدولية، وتسهيل السوق العالمية.
يضيف: "لتحقيق هذه الأهداف، أطلقت الدول المشاركة مبادرات هيدروجينية رائدة ستعزز الحلول التكنولوجية والبنية التحتية اللازمة لتزويد العالم بالطاقة الهيدروجينية المستدامة والآمنة والمستقرة وبأسعار معقولة ".
يتابع: "أبرز وأهم هذه الاتفاقيات هو إعلان النوايا الحكومي الدولي بشأن الاعتراف المتبادل بخطط إصدار الشهادات الخاصة بالهيدروجين المتجدد ومنخفض الكربون ومشتقات الهيدروجين، الذي أطلقته الرئاسة الإماراتية للمؤتمر".
يوضح: "يهدف الإعلان، الذي حظى بدعم 38 دولة، إلى بناء سوق عالمية للهيدروجين المتجدد ومنخفض الكربون ومشتقاته، عبر 5 محاور رئيسة".
وفق كانيهانا، تهدف الدول الموقعة على الإعلان، أولاً، إلى تمهيد الطريق لتطوير سوق عالمية للهيدروجين المتجدد ومنخفض الكربون ومشتقاته، بالعمل نحو الاعتراف المتبادل بشهادات الهيدروجين الخاصة بكل دولة موقعة على الإعلان.
ثانيًا، تسريع تطوير الحلول التقنية، لتمكين الاعتراف المتبادل بخطط إصدار الشهادات.
يتضمن ذلك تعاون المشاركين مع وتحت إطار مظلتين: "الشراكة الدولية لاستخدام الهيدروجين وخلايا الوقود في الاقتصاد IPHE"، وهي شراكة حكومية دولية، و"برنامج التعاون في مجال تكنولوجيا الهيدروجين Hydrogen TCP"، وهو برنامج تعاون تكنولوجي تابع للوكالة الدولية للطاقة.
ثالثاً، يسعى الموقعون في الإعلان، حيثما أمكن، إلى ترشيح خبراء حكوميين للمظلتين سالفي الذكر، بهدف تسهيل تطوير حلول للاعتراف المتبادل بخطط إصدار الشهادات للهيدروجين المتجدد ومنخفض الكربون ومشتقاته.
رابعًا، سينظر المشاركون في اتخاذ المزيد من الخطوات في المستقبل لدعم عملية الاعتراف المتبادل بخطط إصدار الشهادات، وقد يشمل ذلك اعتماد المعايير المعترف بها عالميًا أو الاتساق معها.
أخيرا، يعتزم المشاركون رصد التقدم المحرز في هذا التعاون، لتحقيق جميع الأهداف على أساس سنوي.
منهجية ISO الجديدة لتحديد الانبعاثات
يعترف الإعلان صراحةً بمشروع المواصفات الفنية الجديد لمنهجية تحديد انبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة بإنتاج ونقل الهيدروجين، وتعرف اختصارًا بـ (ISO/DTS 19870).
أطلقت هذه المنهجية الجديدة في COP28 أيضًا، كمعيار دولي محتمل لتحديد انبعاثات غازات الدفيئة أثناء إنتاج الهيدروجين ونقله.
تقول ماري فون أرمانسبيرج، شريك وخبير بمؤسسة فريشفيلدز بروكهاوس ديرينجر للاستشارات الدولية: "توفر هذه المنهجية معيار عالمي مشترك للاعتراف المتبادل بالهيدروجين الأخضر، بدلًا من المعايير المنفصلة التي تستخدمها كل دولة أو تكتل على حدى، وما يترتب على ذلك من تعقيدات في السوق العالمية للهيدروجين".
يعني ذلك أن الموقعين على الإعلان سيجتمعون على معيار واحد ومنهجية واحدة، تحدد مدى نظافة الهيدروجين، وبالتالي تعترف كل دولة مشاركة بشهادة الهيدروجين الصادرة عن الدول المشاركة الأخرى.
تضيف أرمانسبيرج: "على سبيل المثال، وضع الاتحاد الأوروبي بالفعل مجموعة شاملة من المعايير لتعريفه الداخلي للهيدروجين المتجدد، وفي الوقت نفسه، نشرت وزارة الخزانة في الولايات المتحدة، اقتراحها بشأن ما ينبغي اعتباره "هيدروجين نظيف"، كي يصبح مؤهلًا للحصول على الإعفاءات الضريبية بموجب قانون الحد من التضخم في 22 ديسمبر/كانون الأول 2023".
هناك أيضًا دول أخرى تستخدم شهادات وطنية أو إقليمية بمعايير مختفة، لتحديد كون الهيدروجين متجددًا أم لا، وفق أرمانسبيرج.
توضح هذه الأمثلة أن التزام كل دولة أو إقليم بمعايير منفردة خاصة بها، سيؤدي إلى مشهد متباين ومرتبك، قد يكون من الصعب التنقل فيه بالنسبة لمنتجي وتجار الهيدروجين.
تقول أرمانسبيرج: "في حين أن هناك أوجه تشابه بين نماذج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فإن النهج الأساسي لتصنيف الهيدروجين على أنه "متجدد" أو "نظيف"، والمعايير المستخدمة خلاله، مختلفة لحد كبير".
من هنا تأتي أهمية نظام الاعتراف المتبادل الذي أطلقته قمة دبي، والذي وصفه العديد من الخبراء الدوليين بـ "المهم"، لأنه يسعى لإدماج هذه المعايير في معيار واحد يلتزم به الجميع، وبناء عليه تعترف كل دولة بالشهادة الصادرة عن الدولة الأخرى، وذلك لتنظيم السوق العالمية وتوسيعها.
قالت الدول الموقعة على الإعلان التاريخي، في بيانها بـ COP28: "نعتبر أن التقارب نحو الحد الأدنى من مجموعة مبادئ التصميم الأساسية لخطط إصدار الشهادات يمكن أن يعالج مخاطر تجزئة السوق المحتملة مما يؤدي إلى تأخير تطوير سوق عالمية لمشتقات الهيدروجين والهيدروجين المتجددة ومنخفضة الكربون".
تابع البيان: "بالنظر إلى دور الشهادات في زيادة ثقة المستثمرين في الهيدروجين كفئة أصول جديدة؛ نؤكد أهمية الاعتراف المتبادل بخطط إصدار الشهادات استنادا إلى المبادئ الأساسية التي تعترف بخيارات السياسات المتنوعة فيما يتعلق بالاستراتيجيات وخرائط الطريق والسياسات والتشريعات المتعلقة بالهيدروجين المتجدد ومنخفض الكربون ومشتقات الهيدروجين التي اعتمدها المشاركون".
aXA6IDE4LjExNy4xMDUuNDAg
جزيرة ام اند امز