تقرير دولي: الإمارات والسعودية تقودان سوق الهيدروجين الأزرق العالمي
قال تقرير صادر عن مؤسسة CMS لاستشارات الاستدامة، إن الإمارات والسعودية تقودان الجهود لريادة العالم في تطوير الهيدروجين الأزرق المستدام.
يشير التقرير، الذي حمل عنوان "مستقبل الهيدروجين الأزرق في الشرق الأوسط"، إلى أن مشهد الطاقة العالمي، في السنوات الأخيرة، شهد تحولاً كبيراً، مع التركيز المتزايد على الاستدامة والحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
أحد التطورات الواعدة في هذا المجال هو ظهور سوق الهيدروجين الأزرق في الشرق الأوسط وأوروبا، بعدما كان في الغالب يستخدم في أمريكا الشمالية وشرق آسيا.
في أعقاب تحول أوروبا نحو الهيدروجين الأزرق مؤخرًا، مع تصاعد الضغوط للابتعاد عن الطاقة الروسية، يشهد الشرق الأوسط أيضًا تحولًا كبيرًا في مجال الهيدروجين، مستفيدًا من قاعدة موارده المحلية الوفيرة.
تستفيد منطقة الشرق الأوسط من الغاز الطبيعي منخفض التكلفة، فضلاً عن سهولة الوصول إلى آبار النفط المستنفدة، التي تعتبر ضرورية في عملية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، وهي عملية ضرورية أيضًا، لإنتاج الهيدروجين الأزرق.
ما هو الهيدروجين الأزرق؟
توجد 5 أنواع للهيدروجين كمصدر مستدام للطاقة، ثلاثة منها الأكثر شيوعًا، وهي الأزرق والرمادي والأخضر.
ينتج الهيدروجين الأزرق عند استخدام الوقود الأحفوري لاستخلاص الهيدروجين من الغاز الطبيعي، عبر تقسيم الغاز إلى عناصر منفصلة من الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، ثم استخدام تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (“CCUS”)، لمنع ثاني أكسيد الكربون المتبقي من الانبعاث إلى الغلاف الجوي.
تعمل هذه التقنية على التقاط ثاني أكسيد الكربون المنبعث نتيجة للعمليات الصناعية وتوليد الطاقة، ثم ضغطه واستخدامه في عمليات أخرى قبل نقله وتخزينه تحت الأرض.
كما يُنتج الهيدروجين الرمادي، بطريقة مشابهة للأزرق، لكن حاصل الانبعاثات أو ثاني أكسيد الكربون يطلق في الجو، ولا تستخدم فيه تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه.
أما الهيدروجين الأخضر، فيُنتج من خلال عملية التحليل الكهربائي للماء والذي يتم باستخدام مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، ما يعني أن ناتج الانبعاثات هو أكسجين نظيف يطلق في الجو.
بالتالي، غالبًا ما يوصف الهيدروجين الأزرق بأنه "منخفض الكربون"، حيث إن عملية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه ينبعث منها الحد الأدنى من غازات الدفيئة، في حين يعتبر الرمادي مضرًا بالبيئة، في حين يصنف الأخضر باعتباره الأنظف والأكثر تكلفة أيضًا.
ويعتبر الهيدروجين الأزرق حاليا أقل تكلفة وخطوة مهمة نحو تطوير اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون، ومع ذلك يُتوقّع أن تنخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بمرور الوقت.
الهيدروجين الأزرق في الإمارات
في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP26) في عام 2021، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن "خارطة طريق لقيادة الهيدروجين" باعتباره "وقود المستقبل"، وبهدف تعزيز الصناعات المحلية منخفضة الكربون والمنافسة في صادرات الهيدروجين.
أثبتت دولة الإمارات التزامها بالهيدروجين من خلال التعاون القائم بين كل من بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، وشركة مبادلة للاستثمار "مبادلة"، و"القابضة" (ADQ)، ووزارة الطاقة والبنية التحتية، حيث تساهم الكيانات الثلاثة في شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، الرائدة عالمياً في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين.
تستهدف دائرة الطاقة في أبوظبي أيضاً إنتاج أكثر من مليون طن من الهيدروجين سنوياً بحلول عام 2030، عبر تحقيق التوازن بين إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر بشكل متناسب.
أبدت دولة الإمارات أيضًا اهتمامًا كبيرًا بالاستثمار في مشاريع الهيدروجين الأزرق العالمية، وتنتهج استراتيجية متوازنة تشمل الهيدروجين الأزرق والأخضر، حيث يعتبر التوسع في إنتاج الهيدروجين الأزرق أكثر سهولة، وبالتالي فهو عنصر مهم لدعم نمو السوق العالمية الناشئة.
في 2022، انضمت أدنوك إلى مشروع الهيدروجين الأزرق "H2Teesside" التابع لشركة بريتيش بتروليوم، بحصة 25%، بهدف تطوير وحدتين لإنتاج الهيدروجين بقدرة 500 ميجاوات بحلول 2030.
بعد ذلك، انضمت شركة بريتيش بتروليوم إلى أدنوك لتقييم مشروع جديد للهيدروجين الأزرق في أبوظبي.
وتُنتج "أدنوك" أكثر من 300 ألف طن سنوياً من الهيدروجين في منشآت التكرير التابعة لها، والذي يستخدم في الغالب للأغراض الصناعية وتخطط الشركة لزيادة إنتاجها من الهيدروجين إلى 500 ألف طن سنوياً.
يعمل مشروع الريادة C02-EOR، أكبر منشأة لالتقاط وتخزين الكربون في أبوظبي، على التقاط وتخزين 0.8 مليون طن متري من الانبعاثات سنوياً من صناعة الصلب.
تشير التقديرات إلى أن هذه المنشأة تلتقط حوالي 90% من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من المصنع، مما يعكس كفاءة الهيدروجين الأزرق في تقليل انبعاثات الكربون.
تتمتع دولة الإمارات ببنية تحتية قوية ومنشآت تصدير عالمية، بالإضافة لموقع الدولة الجغرافي الوسط بين الأسواق الرئيسية، والبيئة المستقرة والصديقة للأعمال.
الهيدروجين الأزرق في السعودية
في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلنت السعودية تخصيص حقل غاز "الجافورة" الشرقي، وهو أكبر حقل للغاز الصخري في البلاد، بغرض إنتاج الهيدروجين الأزرق.
تتوقع أرامكو السعودية، التي دخلت مرحلة الإنتاج حاليًا، أن يولد هذا المشروع الطموح طاقة خضراء تعادل إزاحة حوالي 500 ألف برميل من النفط الخام، فضلاً عن إنتاج 630 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي يوميًا بحلول عام 2030.
يلتقط أكبر مرفق لاحتجاز وتخزين الكربون في العثمانية بالمملكة، 0.8 مليون طن متري سنويًا، ثم ينقلها للتخزين عبر أنابيب بطول 85 كيلومترًا إلى حقل "الغوار" النفطي لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون.
من المقدر أن تخزن هذه المنشأة حوالي 40 مليون قدم مكعب قياسي يوميًا، وذلك عن طريق حقنها بشكل آمن في مكمن النفط.
ترى المملكة إمكانات اقتصادية هائلة في الهيدروجين الأزرق، وتوقع تقرير صادر عن مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية في 2022 أن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأزرق قد تنخفض من 1.34 إلى 1.13 دولار دولار/ كجم بحلول 2030.
ومع ذلك، يسلط التقرير نفسه الضوء على مسألة ارتفاع تكاليف النقل البحري للهيدروجين السائل فيما يتعلق بالتصدير، مما قد يضيف تكلفة إضافية تصل إلى 2 دولار/ كجم.
بما أن التصدير يمثل هامش ربح منخفضا، فقد تضطر المملكة إلى البحث عن أسواق بديلة والنظر في موازنة إنتاج الهيدروجين.
مستقبل الهيدروجين الأزرق بالشرق الأوسط
كمنطقة، يمثل الشرق الأوسط حاليًا حوالي 10% من قدرة التقاط واستخدام الكربون وتخزينه في العالم، في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر.
على عكس الهيدروجين الأخضر، من المتوقع أن يحتفظ الهيدروجين الأزرق بسعره في السوق، مما يجعل الشرق الأوسط منطقة مثالية ورائدة في إنتاجه، نظرًا لموارد تخزين CCUS الوفيرة وإمكانية الوصول إلى الغاز الطبيعي منخفض التكلفة.
أحد الجوانب الإيجابية للهيدروجين الأزرق على وجه الخصوص، هو أن تكاليفه تبلغ حوالي نصف تكلفة الهيدروجين الأخضر، وتبلغ القيمة السوقية للهيدروجين الأزرق 500 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2050.
ربما يكون المجال الأكثر إثارة للاهتمام فيما يتعلق بالهيدروجين الأزرق في الشرق الأوسط هو تنفيذ الأطر التنظيمية التي تحكم المعايير واللوائح الخاصة بصناعة الهيدروجين الأزرق الناشئة.
حتى الآن، أعلنت أبوظبي فقط عن تطوير سياسة جديدة للهيدروجين الأزرق في أغسطس/آب 2022، لكن لا يوجد لدى المملكة السعودية أو قطر حاليًا أي تشريع لمشاريع الهيدروجين.
aXA6IDE4LjExOS4xNDMuNDUg جزيرة ام اند امز