في ذكرى كربلاء.. أين يوجد رأس الإمام الحسين؟
توافق موقعة كربلاء بين الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، وجيش يزيد بن معاوية، بالتقويم الميلادي يوم 12 أكتوبر/ تشرين الأول.
وقد انتهت موقعة كربلاء، التي توافق يوم عاشوراء بالتقويم الهجري، باستشهاد الإمام الحسين وجميع أهل بيته وأصحابه، باستثناء ولده الإمام علي زين العابدين رضي الله عنه.
واتفقت جميع المصادر التاريخية على أن جسد الإمام الحسين دفن بمدينة كربلاء العراقية، لكن وقع خلاف بين أغلب المؤرخين في مكان دفن رأسه الشريف، بعدما حمله الجيش الأموي إلى يزيد بن معاوية في دمشق.
الاختلاف التاريخي
يقول عبدالرزاق الموسوي في كتابه "مقتل الحسين" (ص362-363): إن "علماء الشيعة وبعض علماء السنة اجمعوا على أن رأس الإمام الحسين أعاده يزيد مع الإمام زين العابدين ودفنه مع الجسد الشريف بكربلاء".
ويقول ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية (4 /733-734)، إن هناك ثلاثة آراء في دفن الرأس، أولها أنه دفن بالمدينة، وهذا هو الرأي الراجح عنده، ورأي ثانٍ أن يزيد وضعه في خزانته حتى مات، وبعد ذلك دفن داخل باب الفراديس في مدينة دمشق، والرأي الثالث أن الرأس دفن بالقاهرة في عهد الدولة الفاطمية.
وذكر سبط ابن الجوزي في كتابه "تذكرة الخواص" أن العلماء اختلفوا في مكان الرأس، فمنهم من قال إنه رد إلى كربلاء فدفن معه، ومنهم من قال دفن بالمدينة عند قبر والدته السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ومنهم من قال بدمشق، ومنهم من قال بمسجد الرقة، ومنهم من قال نقله الخلفاء الفاطميون من باب الفراديس إلى عسقلان، ثم إلى القاهرة.
موضع الرأس في علم الآثار
في مجلة "منبر الإسلام" عدد جمادى الآخرة 1391هـ- يوليه 1971م، فندت الدكتور سعاد ماهر، الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة، الآراء من الناحية الأثرية.
رفضت ماهر الرأي القائل بوجود الرأس بالمدينة، قائلة إنه حتى القرن الرابع الهجري، بحسب رواية المسعودي، كان هناك لوحة مكتوب عليها: "الحَمْدُ للهِ مُمِيتِ الأُمَمِ، ومُحْيِي الأُمَمِ، هذا قَبْرُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ، سَيِّدَةِ نِسَاءِ العَالَمِينَ، والحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طَالِبٍ، وعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ، ومُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ رُضْوَانُ اللهِ علَيْهِمْ أجْمَعِينَ"، فلو كان الرأس مدفونًا لما أغفل اسم سيد الشهداء.
كما رفضت الرأي القائل بوجوده في العراق، لأنه من المستبعد أن يعيد يزيد الرأس إلى كربلاء، حتى لا يزيد النار اشتعالاً، وهو يعلم أنها مركز الشيعة الموالين للحسين، واستدلت بأنه في أحداث سنة 236هـ أمر الخليفة المتوكل بهدم قبر الحسين، فلما وصلوا لموضع اللحد لم يروا أثرًا للرأس.
وانتصرت ماهر للرأي القائل بوجود الرأس في مصر، وقالت: "وأقرب الآراء، أن الرأس وضع أول الأمر في خزائن السلاح بدمشق، ثم دفن في عسقلان على البحر، وحين استولى الفرنجة على عسقلان تقدم الصالح طلائع بن رزيك- وزير الفاطميين بمصر، فدفع ثلاثين ألف درهم، واسترد الرأس الشريف، ونقله إلى مصر، حيث جاء الرأس في ثلة من الجند، واستقبله الخليفة الفاطمي هو وعسكره حفاة عند الصالحية، كما يقول الشعراني في طبقات الأولياء ص26".
علماء مصر يؤيدون
في موسوعة "سيرة أهل البيت"، ذكر الدكتور عبدالحليم العزمي (6 /145-147)، إن شيخ الأزهر الأسبق الشيخ عبدالله الشبراوي، ألف كتاب "الاتحاد بحب الأشراف" أثبت فيه وجود الرأس بمصر، وذكر العديد من الأعلام والعلماء الذين أقروا هذه الحقيقة التاريخية.
وأضاف العزمي أن المؤرخ ابن الأروق، ذكر في تاريخ آمد أن واقعة دخول الرأس إلى مصر تمت في عهده، وأنه شارك ضمن الجماهير في استقبال الرأس.
كما ذكر المؤرخ عثمان مدوخ في كتابه "العدل الشاهد في تحقيق المشاهد" أنه في عام 1175هـ الموافق 1861م، قرر الأمير عبدالرحمن كتخدا تجديد المشهد الحسيني، فقال بعض الناس: إنه لم يثبت دفن الرأس هنا، فأتى الأمير بالشيخ الجوهري الشافعي، والشيخ الملوي المالكي، ونزل الشيخان وتحققا من وجود الرأس، ثم خرجا وأخبرا الناس بكل ما شاهداه.
وفي عام 1991م، كلفت رئاسة الجمهورية في مصر بعض العلماء بالتأكد من وجود الرأس، فنزل الشيخ رفاعي منصور عبيد وكيل وزارة الأوقاف السابق، والمهندس عمر الفاروق المتخصص في الآثار الإسلامية، وثلاثة من ممثلي الأزهر الشريف ومأمور قسم شرطة الجمالية في ذلك الوقت.
ويقول الشيخ رفاعي منصور عبيد، إنهم بعد فتح الضريح نزلوا ثلاث درجات، ثم وجودوا قبة خضراء حاوية للرأس، عندما فتحوها هبت منها رائحة المسك، وعندما فتحوها وجدوا الرأس.