بعد توقيع 123 دولة.. 5 دلالات رئيسية في إعلان COP28 بشأن المناخ والصحة (تحليل)
أيدت 123 دولة خلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) المنعقد في دبي تعهدا يعترف رسميا بالصلة بين تغير المناخ والصحة.
ويغطي إعلان COP28 بشأن المناخ والصحة مجموعة من مجالات العمل المناخي والصحة، منها إنشاء منظومات صحية مرنة مناخياً ومستدامة ومنصفة، وتعزيز سُبل التعاون بين القطاعات لخفض الانبعاثات، وتحقيق أقصى استفادة من العمل المناخي لتحسين الصحة، وزيادة التمويل للحلول المناخية والصحية.
واستبق الإعلان الذي وقع السبت خلال القمة العالمية للعمل المناخي التي جمعت قادة العديد من دول العالم، انعقاد جلسات اليوم الأحد الذي خصصته رئاسة COP28 لأول مرة كيوم للصحة حيث يعقد الاجتماع الوزاري الأول للصحة والمناخ، بهدف بناء توافق في الآراء بشأن الإجراءات ذات الأولوية لاستجابة النظام الصحي لتغير المناخ، إلى جانب التزامات التمويل للتنفيذ.
5 دلالات لإعلان الصحة والمناخ
تحتل مسألة أثر تغير المناخ على الصحة مركز الصدارة أثناء مفاوضات COP28، إيمانا من دولة الإمارات ورئاسة المؤتمر بأهمية توسيع نطاق التركيز على صحة الإنسان في المناقشات العالمية.
ويقول الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الشريك في الإعلان الصادر عن مؤتمر الأطراف في دبي، إن "إعطاء الأولوية للصحة ليس مجرد خيار، بل هو أساس المجتمعات القادرة على الصمود. ويجب على القادة أن يحققوا نتائج في دبي، وأن يوفّروا الحصائل الصحية القوية التي تتوقعها شعوبهم وتحتاج إليها اقتصاداتهم بشكل عاجل. ويجب علينا أن نغيّر الخطاب ونبرز الفوائد الجمّة لعملٍ مناخي أكثر جرأة على صحتنا ورفاهنا".
ونظراً لأن تغيّر المناخ يشكل تحدياً غير مسبوق للنظم الصحية في العالم بأسره، حيث بات من الضروري تعزيز النظم الصحية لتصبح خفيضة الكربون ومستدامة وقادرة على الصمود، حمل صدور الإعلان بشأن الصحة والمناخ الداعي لاتخاذ إجراءات بسرعة لجعل النظم الصحية في العالم أقل عرضة للآثار الكاسحة لتغيّر المناخ دلالات مهمة على النحو التالي:
الزخم والحشد
وقعت على الإعلان 123 دولة بما يشير إلى حشد عالمي وإجماع على مواجهة الآثار الصحية لتغير المناخ وبشكل خاص ارتفاع في درجات الحرارة وضرورة التحول في السياسة نحو الطاقة المتجددة.
ويبدو الزخم أيضا في أسماء المشاركين في يوم الصحة بمؤتمر COP28 الذي تنظمه منظمة الصحة العالمية، ومؤسسة ويلكوم تراست (Wellcome Trust)، وشركاء آخرون، وهم مجموعة واسعة من الشخصيات البارزة، بمن فيهم المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت ورجل الأعمال الخيرية بيل غيتس، الذي من المتوقع أن ينضم إلى الإمارات العربية المتحدة في إطلاق مبادرة للصحة المناخية.
وأكد الدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي رئيس مؤتمر الأطراف COP28 أنه تماشياً مع رؤية القيادة في دولة الإمارات، تحرص رئاسة المؤتمر على دعم جهود العمل المناخي الهادفة إلى الحفاظ على الصحة، وتحسينها في جميع أنحاء العالم، سعياً إلى ضمان جودة حياةٍ أفضل للبشر، وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، ومستقبل أفضل للأجيال القادمة.
ويجمع هذا اليوم الوزراء مع المتخصصين في الرعاية الصحية، والمجتمع المدني وقادة الأعمال، كل ذلك على أمل صياغة مسار موحد للمرونة والتعافي في مواجهة تحديات المناخ.
الاعتراف بالخطر
إعلان الصحة والمناخ في COP28 مثل إقرار الحكومات لأول مرة، بضرورة حماية المجتمعات وإنشاء منظومات صحية للتصدي للتداعيات الصحية لتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة، وتلوث الهواء، وتفشي الأمراض المعدية.
ومع تزايد حالات سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري - والتهديد بإرهاق الخدمات الصحية التي تكافح بالفعل- فإن البلدان والشركات حريصة على إيجاد المزيد من الطرق لحماية الناس مع استمرار درجات الحرارة في الارتفاع لعقود من الزمن.
ووجه غيبريسوس الشكر باسم منظمة الصحة العالمية لدولة الإمارات على جعل الصحة أولوية رئيسية ضمن ترؤسها مؤتمر الأطراف (COP28)، مرحبا بإعلان الصحة والمناخ، الذي "يؤكد الحاجة لبناء أنظمة صحية منخفضة الكربون، وقادرة على التكيف مع المناخ، لحماية صحة الكوكب والبشر على حد سواء".
ويعترف الإعلان بالفوائد الكبيرة التي تعود على صحة الناس من العمل المناخي الأقوى، عن طريق الحد من تلوث الهواء وخفض تكاليف الرعاية الصحية.
كما يعترف بالآثار الصحية المتزايدة لتغير المناخ على المجتمعات والبلدان.
دعم الرواد
تلقى الإعلان دعماً من عدد من الدول الرائدة في هذا المجال، منها البرازيل ومالاوي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وهولندا وكينيا وفيجي والهند ومصر وسيراليون وألمانيا.
ويدعم الإعلان الجهود المشتركة لمواجهة التحديات المتعلقة بوقوع 9 ملايين حالة وفاة سنوياً في العالم نتيجة لتلوث الهواء، وتعرض أكثر من 189 مليون فرد لأحداث ناتجة عن ظواهر الجو القاسية.
وتؤكد رئاسة COP28 أن "تداعيات تغير المناخ تؤثر على الجميع، وهي من أخطر التهديدات لصحة البشر في القرن الحادي والعشرين، وبدأت الحكومات بإدراج موضوع الصحة ضمن العناصر الأساسية في العمل المناخي، وهذا الإعلان يبعث برسالة قوية تدعو إلى ضرورة خفض الانبعاثات، وتعزيز تضافر الجهود لدعم المنظومات الصحية في الدول كافة".
وأعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع الإماراتية مشاركتها في فعاليات "يوم الصحة" حيث تستعرض تجربتها الصحية المرتبطة بالمناخ ومن بينها مشروع "قياس الانبعاثات الكربونية في المرافق الصحية"، ومشروع "قياس وتقييم قابلية تأثر الصحة بتغير المناخ"، إلى جانب الإعلان عن تحديث الإطار الوطني لدولة الإمارات بشأن التغير المناخي وأثره على الصحة، وتسليط الضوء على الدور الحيوي للتكنولوجيا المبتكرة والسياسات الاستراتيجية للرعاية الصحية المستدامة.
منهج التنفيذ والتمويل
خرج إعلان الصحة والمناخ من إطار السجال والخلافات الخاصة بقضايا أخرى في العمل المناخي بالدعوة لمنهج تنفيذي واضح للعمل مسارات عمل لبناء أنظمة صحية أكثر مرونة
وبحسب رئاسة مؤتمر الأطراف (COP28)، تتمحور مهمة يوم الصحة والتعافي والسلام، اليوم الأحد، أول أيام المواضيعية للمؤتمر، حول عرض كيف أن كل ارتفاع في درجات الحرارة، وتحول في السياسة نحو الطاقة المتجددة، يؤثر بشكل مباشر على حياتنا ورفاهتنا.
يضم برنامج يوم الصحة مجموعة متنوعة من الأحداث، بدءاً من المناقشات عالية المخاطر حول الالتزامات السياسية والمالية، وحتى التعمق في الآثار الصحية لتغير المناخ، فهو يوم يلتقي فيه إنقاذ الأرواح مع التخفيضات الطموحة للانبعاثات، من خلال تعزيز النظم الصحية في مواجهة التغيرات المناخية.
ويشهد يوم الصحة، عقد الاجتماع الوزاري الأول للصحة والمناخ، بهدف بناء توافق في الآراء، بشأن الإجراءات ذات الأولوية لاستجابة النظام الصحي لتغير المناخ، إلى جانب التزامات التمويل للتنفيذ.
وتسعى رئاسة COP28 للدفع باتجاه الحلول العملية والفعالة للحد من تأثير تغير المناخ على صحة الإنسان، والكشف عن التغيّرات الصحية، ورصد أعباء الأمراض ذات الصلة بالمناخ والتأهب لمواجهتها بمرونة وجاهزية.
لذلك يركز يوم الصحة على هشاشة النظم الصحية الحكومية التي أظهرتها جائحة كورونا في مختلف أنحاء العالم، والحاجة إلى إجراء تغييرات جذرية لتمكين هذه النظم من الاستجابة لتغير المناخ، إلى جانب التركيز على الأخطار التي تتعرض لها صحة البشر بسبب تغير المناخ ومنها تحوّر الأمراض، واتساع نطاق انتشارها.
أولوية والتزامات
تم الإعلان عن مجموعة من التزامات التمويل الجديدة المتعلقة بالمناخ والصحة لدعم هذه الالتزامات، من بينها التزام الصندوق العالمي لإعداد النظم الصحية بمبلغ 300 مليون دولار.
بالإضافة إلى 100 مليون دولار من قبل مؤسسة روكفلر لتوسيع نطاق الحلول المناخية، فضلاً عن إعلان حكومة المملكة المتحدة عن تخصيص مبلغ يصل إلى 54 مليون جنيه إسترليني.
كما أصدرت مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة بما في ذلك الحكومات وبنوك التنمية والمؤسسات متعددة الأطراف والمؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية إعلانات تمويل لتوسيع استثماراتهم في حلول المناخ والصحة.
وبلغت قيمة الالتزامات نحو مليار دولار؛ بهدف تلبية الاحتياجات المتزايدة لأزمة المناخ والصحة.
وضمت الالتزامات بنك التنمية الآسيوي الذي خصص 7 ملايين دولار، ومؤسسة "بيل وميليندا غيتس" التي أعلنت عن تخصيص مبلغ 57.95 مليون دولار لصالح المناخ والصحة، ومؤسسة "Wellcome Trust" التي قالت إنها ستنفق 100 مليون جنيه إسترليني في العام المقبل وحده لدعم أبحاث تغير المناخ والأزمة الصحية.
بالإضافة إلى التزامات صندوق الهواء النظيف والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا وصندوق المناخ الأخضر ومساهمة مرفق البيئة العالمي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية لزيادة مرونة النظام الصحي في عدد من المناطق.
aXA6IDMuMTQuMTQ1LjE2NyA= جزيرة ام اند امز