موجة احترار قياسية.. هل يستعر "التغير المناخي" في الهند؟
مخاطر ارتفاع درجات الحرارة على صحة الهنود
اجتاحت موجة حر شديدة شمال شرق الهند خلال عطلة نهاية الأسبوع، لتنذر بتداعيات صعبة في بلد يعتبر من بين الأكثر تضررًا من التغير المناخي.
وقد تسببت أحدث موجة غير مسبوقة من الطقس الحار في وفاة ما يقرب من 100 حالة في منطقتين فقط منذ الخميس 15 يونيو/حزيران 2023.
الاحترار في الهند
تُعّد الهند واحدة من أكثر الدول عرضة للحرارة؛ حيث ارتفعت درجات الحرارة بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، ومن المتوقع أن تزداد ما بين ضعفين وأربعة أضعاف بحلول عام 2050، وأن تصل موجات الحر في وقت مبكر، وتبقى لفترة أطول وأكثر تواترا.
هذا، وتجدر الإشارة إلى ارتفاع درجات الحرارة القصوى إلى ما بين 42 و44 درجة مئوية (107.6 إلى111,2 فهرنهايت) في خمس ولايات على الأقل السبت 17 يونيو/حزيران الجاري، وفقاً لإدارة الأرصاد الجوية الهندية. وكانت أعلى درجة حرارة مسجلة في ذلك اليوم 45.4 درجة مئوية (113.72 فهرنهايت) في ولاية "أوديشا" بشرق الهند. كما ظلت درجات الحرارة الدنيا اليومية مرتفعة، مما دفع السلطات إلى حث الأشخاص المعرضين للخطر على البقاء في منازلهم، بحسب ما ذكرته مجلة ذا واشنطن بوست.
في هذا الصدّد، أفادت مجلة "إنديا توداي" نقلاً عن مسؤول محلي في ولايتين: "أوتار براديش وبيهار"، بأنه يوجد حوالي 98 شخصا على الأقل لقوا حتفهم بين يومي الخميس والسبت بسبب الحر الشديد. كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس" بوفاة 42 شخصا في ولاية "بيهار" خلال اليومين الماضيين، ووفاة 54 آخرين في ولاية "أوتار براديش" المجاورة، نقلاً عن مسؤولين محليين.
تداعيات الاحترار على صحة المواطنين
يعمل حوالي نصف القوى العاملة في الهند في الهواء الطلق، مما يؤدي إلى تفاقم آثار الحرارة، وانخفاض ساعات العمل الآمنة والمنتجة خلال النهار، فعلى سبيل المثال، في منطقة "باليا" بولاية أوتار براديش، تم دخول أكثر من 400 شخص إلى مستشفى واحد؛ يعانون من أعراض الحمى وضيق التنفس والنوبات القلبية والسكتة الدماغية والإسهال، حسبما ذكرت أسوشيتد برس وإنديا توداي.
ويؤكد الخبراء أن بعض الأماكن في الهند قد تصبح ببساطة شديدة الحرارة، حيث لا يستطيع الأفراد العمل في الخارج إذا لم يقلل العالم بشكل كبير من الانبعاثات التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.
تداعيات الاحترار على الاقتصاد الهندي
وجدت دراسة حديثة نُشرت في المجلة الطبية The Lancet أن الهند شهدت ارتفاعًا بنسبة 55% في معدلات الوفيات بسبب الحرارة الشديدة بين عامي 2000-2004 و2017-2021. كما تسبب تعرض عمال الهنود للحرارة في خسارة 167.2 مليار ساعة عمل في عام 2021، مما أدى إلى خسارة في الدخل تعادل حوالي 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وعلى صعيد آخر، أشار المزارعون إلى أن تداعيات الاحترار مرئية؛ حيث إن الارتفاع غير المتوقع في درجات الحرارة قد أثر على إنتاجية محصول القمح، وهو تطور يمكن أن يكون له عواقب عالمية نظرًا لتعطل الإمدادات بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية.
كما أدت الحرارة المرتفعة إلى زيادة الطلب على الطاقة، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في العديد من الولايات وارتفاع المخاوف من نقص الفحم.
خطوات الحكومة للتصدي للحرارة المرتفعة
في وقت سابق من هذا الشهر، طلب رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" من رؤساء وزراء الولايات، وضع خطط للتخفيف من تأثير الحرارة الشديدة بشكل أسرع من المعتاد؛ حيث أنه حذر من تزايد مخاطر اندلاع الحرائق بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وفي ضوء ذلك، أصدرت الحكومة يوم الأحد تحذيرات أشد بشأن درجات الحرارة في بعض المناطق الشمالية الشرقية، وأكدت أن الارتفاع في درجات الحرارة سيمتد حتى يوم الثلاثاء، كما حذرت إدارة الأرصاد الجوية من أن هناك احتمال كبير لارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الحرارة وضربة الشمس في جميع الأعمار.
وغالبًا ما تكون حلول الموجات الحارة بسيطة - زراعة ما يكفي من الأشجار في المناطق شديدة التعرض والساخنة أو استخدام خيارات التصميم لتقليل اكتساب الحرارة وزيادة فقدان الحرارة في المباني.
في بعض الأحيان، يُمكن لحلول المتابعة البسيطة، مثل نقل المرضى من طابق علوي إلى طابق سفلي في مستشفى غير مكيف أن تحمي الأرواح، كما تُشير دراسة في أحمد آباد، إلى أن وجود وسائل حماية للعمال لوقف أو إبطاء العمل إذا كان الجو حارًا جدًا؛ حتى لا يشعروا بالحاجة إلى مواصلة العمل بكثافة عالية عندما لا يكون ذلك آمنًا.