هنري فورد.. أسطورة السيارات الأمريكية الذي غير وجه العالم بأربع عجلات

في مثل هذا اليوم ٣٠ يوليو/تموز قبل ١٦٢ عاما وبالتحديد في ١٨٦٣، ولد هنري فورد بمزرعة في ديربورن بولاية ميشيغان الأمريكية.
وأصبح هذا الرجل لاحقًا أحد أبرز رموز الثورة الصناعية في القرن العشرين ومؤسس شركة "فورد موتور". لم يخترع فورد السيارة، لكنه غيّر تمامًا الطريقة التي تُنتج بها، وجعلها في متناول الجميع.
وفي مطلع القرن العشرين، كانت السيارات ترفًا للأثرياء. لكن فورد رأى أن كل فرد من الطبقة العاملة يجب أن يمتلك وسيلة نقل خاصة به.
وأثناء عمله كمهندس في شركة إديسون لإنارة المدن في مدينة ديترويت، قام فورد ببناء أول سيارة له تعمل بالبنزين وبدون أحصنة، والتي أطلق عليها اسم "الكوادريسايكل" (Quadricycle)، وذلك في ورشة خلف منزله. وفي عام 1903، أسس شركة فورد للسيارات، وبعد خمس سنوات، أطلقت الشركة أول سيارة من طراز موديل T (Model T).
وسيارة "موديل T" هي أول سيارة تنتج على نطاق واسع وبسعر مناسب، ما جعلها وسيلة النقل الأولى لعشرات الملايين حول العالم.
التحول الحقيقي جاء في عام 1913، حين أدخل فورد نظام "خط الإنتاج المتحرك" في مصنعه. وهذه التقنية، التي تقوم على تحريك السيارة عبر مراحل التجميع بدلاً من تنقل العمال، قلّصت زمن إنتاج السيارة من 12 ساعة إلى أقل من ساعتين. لم تكن هذه فقط طفرة في صناعة السيارات، بل شكلت نموذجًا لكل الصناعات الحديثة، وأرست ما بات يُعرف بـ"الفوردية"، أي الإنتاج الضخم المقترن بأجور مجزية.
وفي خطوة ثورية لم يسبقها أحد، أعلن فورد عام 1914 عن رفع الحد الأدنى لأجور عماله إلى 5 دولارات يوميًا – ضعف ما كان معتادًا حينها. لم تكن هذه مجاملة، بل استراتيجية ذكية؛ فقد سمحت له باستقطاب أفضل العمال، وخفّضت معدلات ترك العمل، بل وجعلت العامل قادرًا على شراء السيارة التي يصنعها.
شخصية جدلية
لكن شخصية فورد لم تخلُ من الجدل. فقد عُرف بمواقفه المعادية للنقابات في البداية، وبنشره لمواد معادية للسامية عبر صحيفة "ذا ديربورن إندبندنت"، ما جلب عليه انتقادات حادة لاحقًا.
ورغم هذه الجوانب المثيرة للجدل، فإن تأثير هنري فورد في الاقتصاد والمجتمع لا يمكن إنكاره. فقد غيّر مفهوم الإنتاج، وأعاد رسم العلاقة بين العامل والصناعة، وساهم في خلق طبقة وسطى واسعة بفضل تمكينها من امتلاك وسائل نقل خاصة.
توفي هنري فورد في 7 أبريل/نيسان 1947، لكن إرثه لا يزال قائمًا في خطوط الإنتاج، في شركات السيارات، وفي فلسفة التصنيع الحديثة. فقد كان فورد أكثر من مجرد صناعي؛ كان مُهندس تغيير عالمي، وضع العالم بأكمله على عجلات.