هنري لاندرو.. قاتل متسلسل أرعب أرامل فرنسا بالحرب العالمية الأولى
تفاصيل تُكشف للمرة الأولى عن أحد أخطر القتلة في فرنسا، والذي اعتاد استدراج النساء وقتلهن.
بعد مضي أكثر من قرن على تنفيذه أول جريمة، تم الكشف أخيراً عن تفاصيل قصة أحد أشرس القتلة المتسلسلين في تاريخ فرنسا، والذي اتخذ من أرامل باريس هدفاً لجرائمه، مستغلاً وحدتهن وحزنهن عقب خسارة أزواجهن في الحرب.
وقد يكون الفرنسي هنري لاندرو بدأ جرائمه بهدف السيطرة على ثرواتهن، إلا أن قتله للنساء لم يستمر بداعي المال، وإنما ليظهر قوته وقدرته على السيطرة على ما اعتبره "الجنس الضعيف".
الحرب العالمية الأولى كانت بدايته
بدأ هنري لاندرو باستدراج ضحاياه مع اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، حين نشر إعلاناً في إحدى الصحف الفرنسية بهدف خداع إحدى ثريات باريس والاستحواذ على ثروتها، والتخلص منها لاحقا.
واعتاد لاندرو استدراج ضحاياه لأحد منزليه في الريف الباريسي، حيث يقتل ضحاياه من النساء بلا رحمة، وأكد المحققون الفرنسيون أن لاندرو تواصل مع 283 امرأة على الأقل، إلا أن ضحاياه الموثقات لم يزدن عن 10 نساء وطفل، مرجحين أنه تخلص من جثثهم بطرق شنيعة.
وأثارت قصة لاندرو الرعب في نفوس الفرنسيين، وأحدثت ضجة واسعة في مجتمع باريس، وادعت الصحف حينها أن القصة ربما تكون من اختراع الحكومة الفرنسية لإشغال الشعب عن محادثات السلام التي أجرتها عام 1919.
"سر لاندرو" يكشف التفاصيل
يطلعنا كاتب ”سر لاندرو“ عن تفاصيل بقيت طي الكتمان لعقود عدة، ويكشف لأول مرة عن إجرام القاتل المتسلسل، كاره النساء، وعن القاضي الذي استهان بخطيبات لاندرو المغدورات، واصفاً إياهن بـ"الساذجات والضعيفات والغبيات"، كما يقصّ على القارئ إصرار أهالي الضحايا وصمودهم حتى إرسال القاتل إلى المقصلة، ويرصد نظرة المجتمع حينها للنساء، ومحاولته لتحميل الضحايا مسؤولية ما وقع عليهن من عنف.
واعتمد مؤلف الكتاب على أكثر من 5000 صفحة من وثائق القضية الأصلية، بما فيها إفادات الشهود وتقارير الشرطة والمراسلات الخاصة، ليكشف لأول مرة كيف قتل لاندرو ضحاياه.
ويوثق الكتاب بالصور تاريخ هنري لاندرو، وطبيعته الإجرامية، ويجمع صوراً لبعض خطيباته اللواتي أغواهن واستدرجهن حتى قضى عليهن.
وفي إحدى الصور يظهر لاندرو في سجن المدينة في "مانت"، بعد 5 أيام من القبض عليه، بوجه لا يدل على مشاعر الندم، حيث وصف زنزانته بـ"المقبولة"، كما استاء من نقله لاحقاً إلى سجن سانته في باريس.
وتظهر صورة أخرى إحدى خطيباته، جان كوشيه، والتي عادت له حتى بعد معرفتها باحتياله وإجرامه، واختفت لاحقاً مع ابنها أندريه، حيث برر لاندرو التخلص من الطفل بأنه "لم يتمكن من إبقائه تحت المراقبة".
محاكمته
ألقت الشرطة القبض عليه أخيراً في أبريل/نيسان عام 1919، وكان يبلغ من العمر حينها 50 عاماً، حيث كان يعيش في شقة بالقرب من باريس جار دو نورد، تعمّها الفوضى، حيث احتفظ بتمثال نصفي لبتهوفن وبمجلد أشعار رومانسية.
وتنقل صحيفة "ديلي ميل" البريطانية تفاصيل محاكمته، التي عُقدت في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1921، ورغم الاشتباه باستدراجه لـ283 امرأة أرملة وارتباط اسمه باختفاء نسبة كبيرة منهن، إلا أنه أدين بـ11 جريمة قتل فقط، حيث عجزت الشرطة آنذاك عن العثور على جثث ضحاياه، واقتصرت الأدلة الجنائية على بقايا عظام دفنت تحت أكوام من ورق الشجر، وبقايا من قماش محروق يعود لملابس نسائية.
وعام 1921، تسابق المشاهير وأعلام المجتمع الفرنسي لحضور محاكمته التي عقدت في فرنسا، منهم الروائية كوليت، والمغني موريس شوفالييه، والصحفي الإنجليزي روديارد كيبلينج.
وفي الكتاب الذي يحمل عنوان ”سر لاندرو“، تُروى قصص شهود العيان الذين صعدوا على المنصة في المحكمة، ودفعوا بلاندرو لينال جزاءه المستحق، ومنهم جولييت أوشير، والتي على الرغم من وصفها بالـ"خجولة والبسيطة"، إلا أنها قدمت أدلة أودت بـ"لاندرو" إلى المقصلة.
وحتى آخر اللحظات، نفى لاندرو قتله أي امرأة نفياً قاطعاً، مخبراً من أشرفوا على حراسته "أقسم بأسرتي، لم أقتل أي أحد"، على الرغم من أن تصريحاته كانت تشير أحيانا لـ"تخلصه" من نساء وأطفال لأسباب عديدة قدمها في محادثات جانبية.
ودافع لاندرو عن برائته خلال المحكمة، ساخراً من القاضي وأهالي الضحايا قائلاً" "أسفي الوحيد أن لدي رأسا واحدا لأقدمه".