تصنيع هاتف آيفون بالكامل داخل أمريكا.. حلم مستحيل في قبضة الصين

عندما سأل الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي الراحل لشركة أبل، عن تصنيع هاتف آيفون في الولايات المتحدة، لم يتنمق جوبز في رده، حيث قال جوبز في عشاء مع أوباما عام ٢٠١١، "مثل هذا النوع من العمل لن يعود مجددا هنا".
والآن، تغير رئيس الولايات المتحدة والرئيس التنفيذي لشركة أبل، لكن طموح إنتاج هاتف آيفون "مصنوع في الولايات المتحدة" لا يزال قائمًا.
وبحسب شبكة "سي إن بي سي"، دافع البيت الأبيض عن "الرسوم الجمركية المتبادلة"، وقال إن الرئيس دونالد ترامب يعتقد أن الولايات المتحدة لديها القوى العاملة والموارد اللازمة لتصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة.
ولم يُعلن تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، ولا أي شخص آخر في الشركة التقنية دعمه لهذا الادعاء، لكن المحللين الذين يتابعون أبل يقولون إن تصنيع هاتف آيفون في الولايات المتحدة مستحيل في أسوأ الأحوال، ومكلف للغاية في أحسن الأحوال.
ولأن الأمر نظري إلى حد كبير، فهناك نطاق واسع من التخمينات حول تكلفة هاتف آيفون أمريكي بالكامل، إذا ما تمت صناعته في أمريكا بالكامل.
وصرح المحلل في بنك أوف أمريكا للأوراق المالية، وامسي موهان، في مذكرة أن سعر هاتف آيفون 16 برو، البالغ حاليًا 1199 دولارًا أمريكيًا، قد يرتفع بنسبة 25% بناءً على تكاليف العمالة وحدها، وهذا يعني أن سعره سيصل إلى حوالي 1500 دولار أمريكي في حال تصنيعه محليا.
وبعد إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية في 2 أبريل/نيسان، حدد دان آيفز من ويدبوش سعر هاتف آيفون أمريكي بـ3500 دولار أمريكي، مقدرًا أن أبل ستحتاج إلى إنفاق 30 مليار دولار أمريكي على مدى ثلاث سنوات لنقل 10% من سلسلة توريدها إلى الولايات المتحدة.
وحاليًا، تُصنّع أبل أكثر من 80% من منتجاتها في الصين، تخضع هذه المنتجات الآن لضريبة بنسبة 145% عند استيرادها إلى الولايات المتحدة، منذ دخول رسوم ترامب الجمركية حيز التنفيذ هذا الأسبوع، قبل أن يستثني ترامب الهواتف وعدد من الإلكترونيات من هذه التعريفات.
ويقول الخبراء إن إنتاج هاتف آيفون "صُنع في الولايات المتحدة" سيواجه تحديات جسيمة، بدءًا من إيجاد قوة عاملة أمريكية ودفع أجورها، وصولًا إلى تكاليف الرسوم الجمركية التي ستتكبدها شركة أبل لاستيراد قطع الغيار إلى الولايات المتحدة للتجميع النهائي.
وهناك اتفاق واسع بين المحللين ومراقبي الصناعة على أن هذا الأمر مستبعد، وقد شككت وول ستريت لسنوات في أن تُصنّع أبل هاتف آيفون أمريكيًا، وصرحت لورا مارتن، من شركة نيدهام، على قناة سي إن بي سي هذا الأسبوع، "لا أعتقد أن هذا ممكن".
وقال جيف فيلدهاك، مدير الأبحاث في شركة كاونتربوينت ريسيرش، "ليس من الواقعي أن يُحدث هذا تحولًا في التصنيع هنا في ظل الإطار الزمني لفرض الرسوم الجمركية، إنه أمرٌ بعيد المنال".
وتُصمّم أبل منتجاتها في كاليفورنيا، لكنّها تُصنّع من قِبَل مصنّعين مُتعاقدين، مثل فوكسكون، المُورّد الرئيسيّ للشركة.
وحتى لو أنفقت أبل مبالغ طائلة لإقناع فوكسكون أو شريك آخر بالموافقة على تصنيع بعض هواتف آيفون في الولايات المتحدة، فسيستغرق بناء المصانع وتركيب الآلات سنوات، وليس هناك ما يضمن عدم تغيُّر السياسة التجارية الأمريكية مُجددًا بطريقة تُقلّل من فائدة المصنع.
وتكمن أكبر مُشكلة في تصنيع آيفون أمريكي في أنّ الولايات المتحدة لا تمتلك القوى العاملة نفسها التي تمتلكها الصين - مع أنّ العدد الهائل من العمال اللازمين لتصنيع هواتف آيفون يُمثّل أحد عوامل الجذب لإدارة ترامب.
وقال وزير التجارة هوارد لوتنيك عبر شبكة سي بي إس، "جيشٌ من ملايين البشر يُثبتون براغي صغيرة لصنع هواتف آيفون، هذا النوع من الأشياء سيأتي إلى أمريكا".
وتُصنع فوكسكون هواتف آيفون ومنتجات أبل الأخرى في حُرمٍ جامعية ضخمة في الصين، تشمل مساكن جامعية وحافلات نقل.
وغالبًا ما يسافر العمال من المناطق المجاورة للعمل في المصنع لفترات قصيرة، وتشهد فرص العمل ارتفاعًا موسميًا في الصيف قبل طرح هواتف أيفون الجديدة في الخريف.
ويساعد النظام المُحكم شركة أبل على إنتاج أكثر من 200 مليون هاتف آيفون سنويًا.
بالإضافة إلى ذلك، خضعت فوكسكون على مر السنين للتدقيق بشأن ظروف عمالها عدة مرات، وأفادت جماعات الرقابة بأن عمل فوكسكون مُرهق وأن العمال يُجبرون على العمل لساعات إضافية.
على الرغم من ظروف العمل، وظفت فوكسكون 50 ألف عامل إضافي في أكبر مصانعها في خنان لتصنيع ما يكفي من هواتف آيفون قبل إطلاق أحدث الطرز في سبتمبر/أيلول، وفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام الصينية في خريف العام الماضي.
لكن العمال الصينيين يتقاضون أجورًا أقل بكثير من العمال الأمريكيين، وقد بلغ الأجر بالساعة خلال موجة مبيعات آيفون 16 - 26 يوانًا، أي ما يعادل 3.63 دولار أمريكي، مع مكافأة توقيع قدرها 7500 يوان، أي ما يعادل حوالي 1000 دولار أمريكي، وفقًا لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست، وللمقارنة، يبلغ الحد الأدنى للأجور في كاليفورنيا 16.50 دولارًا أمريكيًا للساعة.
وقدّر موهان يوم الخميس أن تكلفة العمالة اللازمة لتجميع واختبار جهاز آيفون في الولايات المتحدة ستبلغ 200 دولار أمريكي للجهاز الواحد، بزيادة عن 40 دولارا أمريكيا في الصين.
وأضاف كوك أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في افتقار العمال الأمريكيين للمهارات اللازمة، ففي مقابلة أجريت معه عام 2017، قال كوك إنه لا يوجد عدد كافٍ من مهندسي الأدوات في الولايات المتحدة.
يعمل هؤلاء المهندسون على الآلات التي تأخذ التصاميم المتطورة من أبل، والتي تأتي على شكل ملفات حاسوبية، ويهيئونها، ثم يحولونها إلى أشياء مادية.
مع العلم أن محاولة سابقة لنقل فوكسكون كميات كبيرة من الإنتاج إلى الولايات المتحدة بائت بالفشل.