40 عاما على النول.. "حمود" صانع سجاد يخشى اندثار حرفته
حمود عبد اللطيف صانع السجاد اليدوي يتحدث لـ"العين" عن مخاوفه من انقراض هذه الصناعة ومعها جزء من تاريخ مصر القديم.
حين بلغ 12 عاماً، تعلّم حمود عبد اللطيف في مدينة شبرا الخيمة بالقاهرة كيف يغزل السجاد واللوحات اليدوية على "النول"، وهي الآداة التي يغزل الخيوط من خلالها. أحبّ المهنة وتعمّق فيها لمدة 40 عاماً تالية، إلا أنه لم ينجح في توريثها لأبنائه.
العديد من المخاوف تسيطر على العاملين بصناعة السجاد اليدوي واللوحات الفنية المصنوعة من الخيط الشهيرة بـ"الجوبلان"، أعظمها هو التوجّس من انقراض الصناعة، مع غياب الظروف اللازمة لبقائها.
يحكي عبد اللطيف لـ"بوابة العين" : "صناعات "النول" اليدوية في طريقها إلى الانقراض، سواء "الكليم" أو السجاد أو لوحات الجوبلان .. الأجيال الجديدة لا تهتم بها ولا تميل إلى تعلمها إذ تحتاج إلى تركيز وصبر طويل، وهو ما يهدّد تلك الصناعة التراثية بالانقراض وإذا حدث سيضيع معها جزء من تاريخ مصر القديم".
صعوبة التسويق تؤثر على الصناعة
حتى يصنع لوحة فنية متوسطة ، قد يستغرق عبد اللطيف نحو شهرين من العمل المتواصل على النول لإنجازها، يبدأ أولاً في رسم الشكل الذي يود إخراجه بالقلم الجاف على النول، ثم يبدأ في غزل الخيوط فوق الرسم بمهارة وخفة. حين ينتهي من عمله يشعر بالتعب الشديد في يديه ورأسه وعينيه وقدميه، إذ يحتاج إلى استخدامهم جميعاً في العمل على النول، إضافة إلى تطلب العمل لتركيز شديد.
مشقة العمل اليدوي على النول، جعلت صنّاعه تلقائياً مجبرين على بيع السجادة أو اللوحة بسعر مرتفع يحقق لهم نسبة من الربح المعقول نظير مجهودهم، إلا أن ذلك في الوقت نفسه خلق صعوبة شديدة في تسويق منتجاتهم للمصريين، والميل أكثر لبيعها للأجانب والسائحين، وفقاً لعبد اللطيف الذي يعلّق :"اللوحة الواحدة لا تقل قيمتها عن 5 آلاف جنيه وتصل لأكثر من 20 ألف جنيه وفقاً لتفاصيل العمل فيها وكمية الخطوط ومقدار التعب ".
يضيف "الآن بدأت حركة التسويق تنجح قليلاً، لكن منذ 4 أو 5 السنوات كانت الحركة شبه متوقفة تماماً لقلة الأجانب داخل مصر".
بالرغم من عمله كموظف في وزارة الثقافة المصرية، فإن عبد اللطيف شأنه شأن جميع العاملين بالصناعة، قد تأثر بأزمة السياحة في مصر التي جعلته غير قادر على بيع منتجاته التي يصنعها في ورشته الخاصة، والتي كانت تدعم وضعه الاقتصادي الذي لم يكن مرتب الحكومة يكفيه.
الصناعة تنتشر في الريف
وحول المناطق التي تحتضن صناعات النول اليدوية، يقول عبد اللطيف إن الصناعة تتواجد دائماً في المناطق الريفية في المحافظات المختلفة وأشهرها أسوان وكفر الشيخ والمنوفية والفيوم، وغالباً ما تعمل السيدات في منازلهن علي الأنوال، إلا أن الصناعة تختفي يوماً بعد يوم :"يمكنني القول إن حجم صناعتنا الآن لا يمثل سوى 1% فقط أو أقل من حجم الصناعات الأخرى المنافسة".
إلزام الطلاب بدراستها قد ينقذ التراث
من وجهة نظره، يرى صانع السجاد اليدوي أن هناك ضرورة لفرض دراسة "صناعة منتجات النول" على الطلاب في مدارس المرحلة الابتدائية والإعدادية للحفاظ على بقاء الصناعة التراثية، وإنقاذ جزء من تاريخ مصر الذي إن ذهب لن يمكن لأحد استرجاعه، إضافة إلى ضرورة زيادة اهتمام الدولة بصناعات الحرف.
يضيف "يمكننا توفير أماكن للطلاب للدراسة ومنحهم الأدوات اللازمة، وبعدها يمكن تسويق منتجاتهم ويصبح الأمر مربحاً للجميع".