فيروس الهربس.. لقاح محتمل لإنهاء "مرض الزواج الكاثوليكي"
الهربس مرض طويل الأمد، يوصف بأنه مثل الزواج الكاثوليكي الذي لا طلاق فيه، حيث يبقى الفيروس إذا أصبت به لمرة واحدة فقط، خاملاً في الجسم.
كما يبقى في الجهاز العصبي إلى الأبد، ويستيقظ في وقت معين ويؤدي لظهور القرح المؤلمة بالشفاه والأعضاء التناسلية.
ويقول الدكتور أحمد عواد، استشاري أمراض المناعة بوزارة الصحة المصرية، إن الحالات التي تؤدي لنشاط الفيروس هي الحمى الشديدة أو التعرض لضغط نفسي أو ضعف في الجهاز المناعي بسبب مرض ما.
ويضيف أنه لا يوجد علاج يقضي بشكل تام على الفيروس، لكن توجد علاجات للتعامل فقط مع أعراضه، وتنقسم إلى علاج دوائي تكون وظيفته منع تكاثر الفيروس مثل دواء الأسيكلوفير (زوفيراكس)، وعلاج داعم لتخفيف الألم الناجم عن عدوى الفيروس ويتم استخدام (الباراسيتامول) أو (الإيبوبروفين)، ويضاف لهما في حال الهربس التناسلي دهان المنطقة المؤلمة بكريم دهني مثل (الفازلين).
ورغم أن هذه التدخلات الدوائية يمكنها السيطرة على الأعراض بسهولة، إلا أن احتمالات عودة الفيروس تظل قائمة، لأنه أصبح لصيقا بالإنسان، وهي المشكلة التي يحلم الأطباء منذ زمن بعيد في الوصول لحل لها ينهي هذا الارتباط.
نتائج إيجابية
ووضع فريق بحثي أمريكي من جامعات سينسيناتي ونورث وسترن ونبراسكا –لينكولن، قدما على الطريق المؤدي للحل، بالتوصل إلى لقاح للفيروس، أظهر نتائج إيجابية في التجارب الحيوانية على الخنازير.
واستخدم الفريق البحثي شكلا معدلا وراثيًا من فيروس الهربس البسيط من النوع الأول، المعروف بتسببه في تقرحات البرد حول الشفاه.
ووجدوا خلال الدراسة، التي نُشرت في 6 نوفمبر في مجلة "نيتشر فاكسين"، أن تطعيم خنازير غينيا بهذا الفيروس المعدل زاد بشكل كبير من إنتاج الأجسام المضادة لمكافحة الفيروسات، وعندما أصابتها بسلالة خبيثة من الفيروس (النوع الثاني المسبب للتقرحات في الجهاز التناسلي)، أظهرت الحيوانات الملقحة عددًا أقل من الآفات التناسلية، وتكاثر أقل للفيروسات.
وقال الباحثون في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة نبراسكا –لينكولن بالتزامن مع نشر الدراسة: "أظهر اللقاح حماية متبادلة ضد النوع الثاني من فيروس الهربس الذي ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، و المسؤول عادة عن الهربس التناسلي، وهذا يشير إلى أن إصدار لقاح خاص بفيروس الهربس الثاني يمكن أن يكون أكثر فعالية".
500 مليون شخص
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 500 مليون شخص مصابون بفيروس الهربس من النوع الثاني، والذي يستمر مدى الحياة وغالبًا ما يتفجر استجابةً للتوتر.
وبالإضافة إلى التسبب في ظهور البثور ، يزيد هذا الفيروس من خطر الإصابة بعدوى فيروس نقص المناعة البشرية، وقد يساهم في الإصابة بمرض الزهايمر أو أشكال أخرى من الخرف.
وعلى الرغم من انتشار هذه الفيروسات، إلا أن أكثر من 4 عقود من البحث لم تسفر عن لقاح معتمد للنوع الأول أو الثاني من الفيروس.
ويكمن جزء من الصعوبة في أن فيروسات الهربس طورت طريقة معقدة بشكل خاص لتفادي الاستجابات المناعية التي تهدف إلى تدميرها.
ويشرح الباحثون هذه الطريقة في التقرير الذي نشرته جامعة نبراسكا –لينكولن مضيفين : "بعد إصابة الأنسجة المخاطية للفم أو الجهاز البولي التناسلي ، يشق فيروس الهربس البسيط طريقه إلى أطراف الأعصاب الحسية التي تنقل الإشارات المسؤولة عن الإحساس بالألم واللمس وما شابه، بمساعدة مفتاح جزيئي متخصص، ينتقل الفيروس بعد ذلك إلى الخلية العصبية، متصلاً بالمكافئ الجزيئي لعربة تنقله على طول ألياف عصبية إلى نواة عصبون حسي، وفي حين يتم التخلص من العدوى المخاطية من خلال الاستجابة المناعية ، تصبح الخلايا العصبية المصابة ملاذًا من جهاز المناعة في الجسم".
بداية الغيث
وأمضى الباحثون سنوات في دراسة كيفية منع فيروس الهربس البسيط من الوصول إلى الجهاز العصبي، وبدأت تثمر جهودهم عندما تم وصف البروتين (pUL37) في فيروس الهربس من النوع الأول، والذي اشتبه الفريق البحثي في أنه جزء لا يتجزأ من انتقال الفيروس على طول الألياف العصبية، واقترحت تحليلات الكمبيوتر القائمة على هذا البروتين أن ثلاث مناطق به قد تكون مهمة للعملية.
ساعد ذلك الباحثين على استبدال 5 أكواد، وهي معلومات الترميز الأساسية في الحمض النووي من الجينوم الفيروسي لكل منطقة، على أمل أن تساعد هذه الطفرات في منع الفيروس من غزو الجهاز العصبي.
وحصلوا على نتائج مبشرة عندما حقنوا الفئران بفيروس معدل في المنطقة 2 ، أو R2 من البروتين، وبدلاً من التوغل في أعماق الجهاز العصبي، كان الفيروس عالقًا في طرف العصب.
انتقل الباحثون بعد ذلك إلى التجربة على الخنازير وكانت النتائج إيجابية أيضا، ويأملون في أن يتمكنوا قريبا من اجراء التجارب السريرية على البشر.
aXA6IDE4LjIyNC41Ni4xMjcg جزيرة ام اند امز