في عيد ميلاده.. هاينكس فيلسوف النجاح المتأخر بالكرة الألمانية
يوب هاينكس المدرب السابق لبايرن ميونيخ وريال مدريد صاحب فلسفة النجاح المتأخر الألمانية يحتفل بعيد ميلاده الـ75.. اقرأ نبذة عن حياته.
75 عاماً مرت على ميلاد يوب هاينكس، أحد أشهر وأنجح المدربين في تاريخ دوري أبطال أوروبا وفريق بايرن ميونيخ الألماني، ومن قبلها أحد أنجح المهاجمين في تاريخ فريق بروسيا مونشنجلادباخ والدوري الألماني "بوندسليجا".
وكان يوب هاينكس، المولود في 9 مايو/ أيار 1945، قد اعتزل التدريب دون رجعة قبل عامين رغم محاولات إدارة بايرن ميونيخ تمديد عقده لمدة موسم، وهو ما أشار إليه بشكل علني أولي هونيس رئيس النادي البافاري السابق، وزميله القديم في منتخب ألمانيا في السبعينيات.
ورفض هاينكس علناً العودة لبايرن ميونيخ، وانتقد محاولات هونيس الذي كان يحاول خرق الاتفاق الخاص بينهما بالعمل لنهاية موسم 2017-2018.
وكان كارل هاينز رومينيجه، الرئيس التنفيذي لبايرن والمسؤول عن قرار إقالة هاينكس من تدريب الفريق في 1991، قد وصف قرار إقالة المدرب المحنك قبل 29 عاماً بأنه أسوأ قرار اتخذه في مسيرته، وبلا شك هذا ما ثبت لاحقاً في 3 ولايات تدريبية للمدرب مع البافاري.
وعلى الرغم من امتلاك هاينكس مجموعة من النجاحات الاستثنائية في مسيرته كمدرب وكلاعب؛ فإن تلك النجاحات لم تأت إلا بعد معاناة طويلة ربما استمرت لسنوات تتناسب مع تلك الفترة الصعبة التي ولد بها، فترة نهاية الحرب العالمية الثانية، وبلاده خارجة للتو من خسارتها بعواقب وخيمة وعقوبات صارمة ورفض عالمي.
من رحم الاستسلام
ولد يوب هاينكس في 9 مايو 1945، وهي واحدة من أصعب الفترات في تاريخ ألمانيا بل والعالم أجمع، ويكفي القول إن يومي 7 و8 مايو شهدا توقيع ألمانيا لما عرف بـ"صك الاستسلام" غير المشروط لقوات الحلفاء بعد خسارة الحرب.
وإن كانت ألمانيا قد عادت للقمة فيما بعد فإنها مثلها مثل رحلة هاينكس، كانت بحاجة لكثير من الوقت كي تكون قادرة على الاستشفاء من تلك المحنة.
رحلة شاقة
بدأ هاينكس مسيرته كلاعب في بلاده لحساب فريق جرون فيب هولت، الذي قضي فيه 6 سنوات، ثم انضم لشباب جلادباخ في 1962، ولم يحتج إلا عاماً واحداً للانضمام للفريق الأول.
ولم يكن الطريق مفروشاً بالورود للمدرب التاريخي في فريق جلادباخ رغم البداية الجيدة، حيث سجل 23 هدفاً في 25 مباراة في موسم التأهل للبوندسليجا عام 1965، لكنه رحل بعدها عن الفريق.
ورحل هاينكس بعد موسمين إلى هانوفر حيث قضى 3 مواسم سجل فيها 25 هدفاً في 86 مباراة، لكن كانت تلك هي البوابة التي عاد منها لجلادباخ ليحقق أرقاماً استثنائية.
عقد السبعينيات الذهبي
بعد معاناة ورحيل وعودة، كتب هاينكس رحلة النجاح مع فريق جلادباخ، فتوج 4 مرات بالدوري الألماني في مواسم 1970-1971 و1974-1975 و1975-1976 و1976-1977، بالإضافة لكأس الاتحاد الأوروبي في 1975، وكأس ألمانيا 1973.
ورغم أنه لعب في عهد الأسطورة جيرد مولر؛ فقد توج هاينكس مرتين بلقب هداف البوندسليجا عامي 1974 و1975.
وينفرد هاينكس بأنه الوحيد في تاريخ البطولات الأوروبية الذي توج هدافاً للبطولات الثلاث (في نسخها القديمة)، بداية من كأس أوروبا للأندية الأبطال "دوري أبطال أوروبا حالياً"، في نسخة 1976 برصيد 6 أهداف رغم الخروج من ربع النهائي ضد ريال مدريد الإسباني بقاعدة الهدف الاعتباري، بعد تبادل التعادل 2-2 و1-1.
وكذلك توج هدافاً لكأس الاتحاد الأوروبي في مناسبتين، الأولى عام 1973 حين سجل 12 هدفاً في البطولة التي حل فيها فريقه ثانياً بالخسارة 3-2 من ليفربول الإنجليزي؛ إذ سجل ثنائية فريقه في الإياب، بينما سجل 10 أهداف في نسخة 1975 قادت فريقه لإحراز اللقب القاري منها هاتريك في مرمى تفينتي أنشخيده الهولندي بالنهائي.
وعبر تسجيل 8 أهداف في بطولة أبطال الكؤوس الأوروبية عام 1974 (والتي تم إلغاؤها فيما بعد)، توج هاينكس هدافا للمسابقة التي ودعها فريقه من نصف النهائي.
4 عقود من التدريب
استمرت رحلة هاينكس في مجال التدريب لقرابة 4 عقود من 1978 إلى 2018، وهي رحلة بدأت على الفور بنهاية مسيرته كلاعب في 1978، حيث بدأ كمساعد لمدرب جلادباخ وقتها أودو لاتيك في سنة اعتزاله، ليتولى في العام التالي خلفاً للمدرب مسؤولية أحد أهم فرق ألمانيا في السبعينيات فنياً.
وقاد هاينكس فريق جلادباخ في موسمه الأول لنهائي كأس الاتحاد الأوروبي ضد إينتراخت فرانكفورت عام 1980، بعد مباراتين فاز جلادباخ بأولاهما ذهاباً 3-2 وخسر إياباً 0-1 ليفشل في التتويج بسبب قاعدة الهدف الاعتباري.
الغريب أن آخر نهائي خاضه هاينكس، كان ضد فرانكفورت أيضاً وخسره 1-3 كمدرب لبايرن ميونيخ في كأس ألمانيا 2018.
وكعادة هاينكس مع البدايات، استمرت معاناته مع جلادباخ التدريبية 8 سنوات، وسبب المعاناة فشل الفريق في تحقيق أي لقب خلال تلك الفترة، لكنه نجح في 1984 في أن يقود الفريق لنهائي كأس ألمانيا الذي خسره ضد بايرن ميونيخ بركلات الترجيح.
أما أشهر محطات رحلة تدريب جلادباخ فكانت الخروج من الدور الثالث لكأس الاتحاد الأوروبي ضد ريال مدريد بقاعدة الهدف الاعتباري أيضاً بعد فوز 5-1 في ألمانيا ثم خسارة تاريخية 0-4 في ملعب سانتياجو بيرنابيو، وهي الليلة التي وصفها هاينكس بأنها الأسوأ في مسيرته التدريبية.
ووصف هاينكس فريقه الأصلي بأنه "بطل بلا ألقاب"، لنجاحه في تحقيق أرقام قوية مع الفريق، شملت 169 انتصارا و77 تعادلاً في 343 مباراة، لكن دون تتويج.
ولايات بايرن الأربع
يعد تدريب بايرن ميونيخ في 4 ولايات هو الحدث الأبرز في مسيرة هاينكس التدريبية، رغم إحراز لقب دوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد، فبايرن كان بوابة هاينكس لبداية المجد والتتويجات، وكذلك كان نهايته المثالية.
في الولاية الأولى من 1987 إلى أكتوبر/تشرين الأول 1991، فاز هاينكس بـ4 ألقاب، وهو نفس عدد الألقاب التي حققها في أنجح فتراته، وهي الولاية الثالثة.
في موسمه الأول مع البايرن توج هاينكس بالسوبر الألماني، ثم فشل في إحراز أي لقب في الموسم الثاني، ثم حقق في موسمه الثاني 1988-1989 لقب البوندسليجا لأول مرة كمدرب، ثم حافظ عليه في 1990 وحقق بالإضافة إليه السوبر الألماني.
سوء النتائج في بداية موسم 1991-1992، قاد إدارة بايرن لاتخاذ قرار بإقالته كان صاحبه كارل هاينز رومينيجه، الرئيس التنفيذي الحالي ومدير النادي وقتها، والذي وصف القرار في عام الثلاثية 2013 بأنه القرار الأسوأ في مسيرته الإدارية.
والغريب أن إدارة البايرن في 2012 اتخذت قراراً بالاستغناء عن المدرب بنهاية الموسم وجلب بيب جوارديولا، ليفاجئهم هاينكس بإحراز الكأس ذات الأذنين ققبل رحيله بعد غياب 12 عاماً.
أما فترة الولاية الثانية في 2009 فكانت مؤقتة وتلت الاستغناء عن يورجن كلينسمان، حيث تولى تدريب الفريق في آخر 5 مباريات بالموسم، لكنه ترك بصمته أيضاً محققاً 4 انتصارات وتعادلا، وقاد الفريق للتأهل لدوري أبطال أوروبا موسم 2009-2010 باحتلال المركز الثاني، وهو الموسم الذي شهد تأهل بايرن لنهائي البطولة مع المدرب الهولندي لويس فان جال.
في فترة الولاية الثالثة، حقق هاينكس كل النجاحات التي فشل في تحقيقها من قبل، حقق ثلاثية تاريخية للبايرن هي الدوري والكأس وأبطال أوروبا في موسمه الأخير 2012-2013 وسبقها في مطلع الموسم بلقب السوبر.
وهزم ريال مدريد فريقه السابق في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2012 بركلات الترجيح، ثم برشلونة الغريم الأزلي 7-0 بمجموع المباراتين في نصف نهائي 2013.
في موسم 2017-2018 تولى هاينكس تدريب بايرن بشكل مؤقت، خلفاً للمدرب كارلو أنشيلوتي الذي رحل لسوء النتائج، لينجح في قيادة الفريق للقب البوندسليجا والتأهل لنهائي كأس ألمانيا ضد فرانكفورت، والوجود في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا الذي خسره بصعوبة بالغة 3-4 ضد ريال مدريد في مواجهتين مثيرتين للجدل بسبب القرارات التحكيمية.
تجربة ريال مدريد الفريدة
إذا كانت تجربة تدريب هاينكس لفريق ريال مدريد الإسباني في موسم 1997-1998 انتهت بعد موسم واحد، فهي كانت بكل المقاييس ناجحة؛ إذ حقق الفريق لقب دوري أبطال أوروبا خلال هذا الموسم، وقبلها السوبر الإسباني.
ما جعل اللقب استثنائياً أنه كان اللقب الأول للفريق في البطولة بنظامها الحديث والأول إجمالاً منذ 1966، وهو اللقب الذي فتح الباب لألقاب أخرى لاحقاً للكأس ذات الأذنين للريال مع مدربين تاليين مثل فيسنتي ديل بوسكي في 2000 و2002، وأنشيلوتي في 2014، وزين الدين زيدان خلال الفترة من 2016 إلى 2018.
رئيس ريال مدريد الراحل لورنزو سانس أوضح أن هاينكس رحل عن الفريق؛ لأنه لم يكن يرغب في الاستمرار في غرفة خلع الملابس المدريدية التي بها لاعبون لا يرضى عن طريقتهم، على عكس التقارير التي ربطت رحيله بالفشل في التتويج بالليجا.