خلال 18 شهرا.. ألمانيا تحاصر حزب الله اللبناني
خلال الـ18 شهرا الماضية، شنت ألمانيا حملة استثنائية ضد مليشيات حزب الله اللبنانية، استهدفت حصارها وحرمانها من مورد أساسي للتبرعات.
وخلال الأسبوع الجاري، وجعت السلطات الألمانية ضربة جديدة للمليشيا اللبنانية، ومحاولاتها الهروب من الحصار المفروض عليها في ألمانيا.
ووفق تقرير لصحيفة "نويه فيستفلشه" الألمانية، فإن عناصر مرتبطة بحزب الله جمعية ثقافية تدير مسجدا للشيعة، في مدينة باد اوينهاوزن غربي ألمانيا، لكن السلطات الأمنية كانت لها بالمرصاد.
وأوضح التقرير أن عناصر مرتبطة بالحزب تدير تلك الجمعية، على غرار الجمعيات الدينية التي كانت المليشيات اللبنانية تجني من ورائها أموالا من التبرعات بالملايين، تذهب في النهاية لتمويل أنشطة عسكرية، في المنطقة تنفيذا لأجندة إيرانية توسعية.
والجمعية الجديدة كما وصف الإعلام الألمانية، مقرها، مطلية من الداخل باللون الأبيض، وتضم صالة عبادة للرجال وأخرى للنساء، وتدار فيها الصلوات.
لكن صحيفة "نويه فيستفلشه" لفتت إلى أن هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) رصدت هذا التحرك، ووضعت الجمعية والعناصر التي تديرها تحت الرقابة.
وعادة ما تضع الاستخبارات الألمانية المؤسسات والأفراد، الذين ترى أنهم يهددون الأمن، تحت رقابتها.
ورغم ذلك، فإن هذه الخطوة لم تكن سوى حلقة ضمن سلسلة طويلة من الضربات التي وجهتها برلين للمليشيات اللبنانية في الـ١٨ شهرا الماضية.
تحذير قوي
وفي يوليو/ تموز الماضي، أطلقت السلطات الألمانية أقوى تحذير من نشاط مليشيات حزب الله ومحاولاتها الالتفاف على قرار حظرها في ألمانيا.
وقال تقرير لهيئة حماية الدستور في ذلك الوقت، "يوجد في ألمانيا حاليًا حوالي 30 جمعية ثقافية، حيث تلتقي فيها بانتظام عناصر مقربة من حزب الله وأيديولوجيته".
ووفق التقرير "تقتصر أنشطة الجمعيات وهذه العناصر على اللقاءات الداخلية والنقاش وإحياء المناسبات الدينية مثل رمضان أو عاشوراء"، ولا تحاول إظهار أي ارتباط بحزب الله في العلن.
و"تحاول تلك الجمعيات تقوية روابط اللبنانيين المقيمين في ألمانيا، بحزب الله. بالإضافة إلى ذلك، فإن جمع التبرعات من أهم مهامها". بحسب هيئة حماية الدستور.
رصد وتحقيقات
وفي يونيو/ حزيران الماضي، قالت مذكرة حكومية اطلعت "العين الإخبارية" على نسخها منها، إن أنصار حزب الله يلجأون بشكل متزايد إلى أماكن اجتماعات معزولة في أقاليم البلاد، بما في ذلك المساجد والجمعيات الثقافية التي تعد نقاط تجمع للمسلمين الشيعة وليست محسوبة على الحزب اللبناني بشكل مباشر، في محاولة للالتفاف على قرار حظر المليشيات.
وأقرت الحكومة الألمانية في الوثيقة بفتحها تحقيقات قضائية في جرائم جنائية ارتكبها حزب الله وعناصره على أراضيها، وفق المادة 129 من القانون الجنائي.
لكنها أوضحت في هذا الإطار "لا تقدم الحكومة الفيدرالية أية معلومات عن التحقيقات التي بدأت حديثًا في مكتب الادعاء العام، ولا تزال سرية، وتتعلق بمثل هذه الأعمال الإجرامية منذ أبريل/نيسان 2020".
وتابعت "على الرغم من التزام الحكومة دستوريا بالرد على طلبات الإحاطة في البرلمان، فإن حق البرلمان في المعلومات يتراجع أمام التحقيقات السرية المشروعة".
وبينت أن "من شأن المعلومات المتعلقة بهذه التحقيقات أن تعرقل أو حتى تحبط المزيد من إجراءات التحقيق".
تجفيف التمويل
وفي مايو/ أيار الماضي، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، عن حظر 3 جمعيات متهمة بالتبرع لمليشيا حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.
والجمعيات الثلاث التي حظرتها السلطات هي (دويتشه ليبنانيش فاميليا) و(مينشين فور مينشين) إضافة إلى (جيب فريدين) التي حُظرت بالفعل في 15 أبريل/ نيسان.
وتعد هذه الجمعيات منظمات وهياكل بديلة لجمعية "مشروع اليتيم" التابعة لحزب الله، والتي جرى حظرها في ألمانيا عام 2014، وأعيد تسميتها فيما بعد بـ"ألوان للأيتام".
وتعمل الجمعيات الثلاث التي حظرت في مايو/أيار الماضي، عبر نفس الهياكل والقيادات والموارد البشرية والمادية المملوكة لـ"ألوان للأيتام"، وتخاطب نفس الفئات المستهدفة.
وتقوم هذه الجمعيات بجمع التبرعات تحت ستار أعمال خيرية مفترضة في لبنان، وكفالة الأيتام، لكن في الحقيقة، تذهب التبرعات لحزب الله، وفق بيان وزارة الداخلية الألمانية.
واتهمت السلطات الجمعيات المحظورة بجمع تبرعات لأسر "قتلى" حزب الله في لبنان تحت ستار أغراض دينية وإنسانية في ألمانيا.
وترى الداخلية الألمانية أن الأموال التي تجمعها هذه الجمعيات تذهب إلى "مؤسسة الشهيد" التابعة لحزب الله في لبنان.
الوزارة تقول أيضا إنها تتخذ إجراءات متسقة ضد الجمعيات التي تسيء استخدام المساعدات الإنسانية كغطاء لأهداف متطرفة.
وفي أبريل/نيسان 2020، حظرت ألمانيا حزب الله اللبناني بشكل كامل على أراضيها، في وقت كان يوظف فيه الحزب 1050 من العناصر النشطة.
وفي هذا الوقت، شنت الشرطة مداهمات ضد جمعيات ومراكز إسلامية تابعة لحزب الله في برلين وبريمن وشمال الراين ويستفاليا، بتهم دعم شبكة الإرهاب التابعة للحزب، وجمع التبرعات، وتجنيد المتعاطفين، وتوفير الخدمات اللوجستية.
وبعد الإجراءات المتعاقبة، لم يعد بإمكان حزب الله تشغيل جمعيات ومراكز إسلامية لنشر البروباجندا في ألمانيا، أو توظيف جمعيات لجمع التبرعات، كما لم يعد بإمكان عناصر ومؤيدي الحزب أو حتى المتعاطفين معه، رفع شعاراته وأعلامه في أي مكان في الأراضي الألمانية.