حزب الله وحلفاؤه يخسرون الأكثرية.. لبنان يكسر حاجز الخوف
بلغت عملية فرز أصوات الانتخابات البرلمانية في لبنان مراحلها الأخيرة، وبدأت صورة المجلس النيابي الجديد تتضح أكثر فأكثر.
وظهرت النتائج النهائية في أغلبية مناطق لبنان، فيما لا تزال بعض المقاعد غير محسومة في بعض الدوائر كعكار وطرابلس وبيروت.
نتائج الانتخابات تعد انتصارا للشعب اللبناني، حيث تقلص عدد نواب حزب الله الإرهابي وحلفائه إلى ما دون الـ٦٥ مقعدا، مما يؤكد أن الشعب كسر حاجز الخوف والرهبة من استباحة الحزب لمقدرات لبنان وقراره، واختار مسار التغيير نحو بداية جديدة للبلاد.
وفق النتائج شبه النهائية، فإن حلفاء "حزب الله" من الطوائف غير الشيعية تعرضوا لخسائر مدوية، فيما احتفظت المليشيات وحليفها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتمثيل الشيعي كاملاً.
الانتخابات أفرزت مفاجآت مدوية تعكس تحدي الشعب اللبناني لحزب الله، لعل أبرزها خسارة قائمة المليشيات في دائرة الجنوب الثالثة مقعدين، بعدما اعتادت الفوز بالدوائر المحسوبة عليها كاملة في الاستحقاقات السابقة.
هذا الاختراق حدث أيضا في دائرة بعلبك-الهرمل؛ معقل حزب الله، حيث استطاع مرشح حزب القوات اللبنانية النائب أنطوان حبشي، خرق قائمة الحزب والفوز بمقعد نيابي، رغم أن المليشيات مارست جميع أساليب الترهيب والبلطجة على المرشحين المنافسين في الدائرة.
وفي هذه الدائرة تحديدا، مارس حزب الله كل أنواع الترهيب ضد المنافسين، ودفع عدد كبير منهم إلى الانسحاب تحت الضغط، كما مارس مناصروه ضغوطات شديدة على أنصار الخصوم، وحاصروهم في أكثر من مكان، وأطلقوا النار عليهم.
محاولات فاشلة
أما في الدوائر الأخرى التي سعى "حزب الله" لدعم مرشحيه فيها بقوة، للحفاظ على ما يسميه "الحاضنة الوطنية"، وعمل على فرض جمع قسري بين "التيار الوطني الحر" وحركة أمل رغم الشرخ الكبير بينهما.
كما حاول حزب الله قسمة المقاعد الدرزية مع الزعيم الدرزي المعروف وليد جنبلاط صاحب السقف العالي في مواجهة الحزب.
الأكثر من ذلك، أن حزب الله حاول أيضا دعم حليفه المسيحي القوي النائب جبران باسيل، من خلال منحه نواب في الدوائر الذي يملك الحزب فيها نفوذا كبيروت الثانية، وبعلبك، والبقاع الغربي.
بالرغم من كل ذلك، خسر التيار الوطني الحر بزعامة باسيل عدداً كبيراً من المقاعد، وتقلصت كتلته النيابية، بحسب الننائج شبه النهائية، من 29 نائباً في 2018 إلى 15 نائباً.
جاءت الخسارة الأبرز، فكانت في المقاعد الدرزية التي حاول حزب الله الفوز بها، إذ خسر حليفا الحزب طلال ارسلان، ووئام وهاب، بالإضافة إلى حليف ارسلان، مروان خير الدين المقاعد النيابية.
في المقابل، نالت القوى الداعية للتغيير في لبنان 3 مقاعد درزية، واحتفظ وليد جنبلاط بخمسة مقاعد درزية، ولم تنجح قوائم "حزب الله" في الفوز بأي مقعد درزي.
وحصل حزب "القوات اللبنانية" على أكبر كتلة نيابية تتراوح حتى الساعة بين 19 و22 نائباً، كما حققت القوى الداعمة للتغيير حوالي 11 مقعداً.
وبهذه النتائج وبعكس التوقعات، لم يستطع "حزب الله" وحلفائه الحفاظ على أكثرية في مجلس النواب، ولا يمتلك التحالف أكثر من 55 نائباً، وفق آخر إحصاءات الفرز.
تهديد معتاد
نبيه بري رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل حليف حزب الله، سيكون المرشح الأوحد لرئاسة البرلمان اللبناني، بسبب عدم تمكن المعارضة من الفوز بأي مقعد شيعي، ويلزم الدستور اللبناني بأن يكون شاغل هذا المنصب، شيعياً.
وأمام هذا الوضع الكارثي، رفع حزب الله وتيرة خطابه التهديدي، وأصدرت كتلته البرلمانية بيانياً حمل تهديداً مباشراً، وتحذيرا من سقوط لبنان في الهاوية واندلاع حرب أهلية في حال رفض الأحزاب والتيارات الأخرى تشكيل حكومة توافقية.
وكرر الحزب في البيان لغته التهديدية، وقال "إذا لم تريدوا حكومة وطنية فأنتم تقودون لبنان إلى الهاوية وإياكم أن تكونوا وقود حرب أهلية".
وأضاف: "عليكم التعاون معنا وإلّا فإن مصيركم العزلة، نحن نحرص على العيش المشترك، وإياكم أن تكونوا أعداءً لنا فالسلم الأهلي خط أحمر".
رسالة قوية
في المقابل، رأى الباحث والأكاديمي مكرم رباح أن "أولى الاستحقاقات التي تنتظر فريق المعارضة بعد النصر على حزب الله والطغمة الحاكمة، هي الانتخابات الرئاسية، ما سيخلق حالة جديدة تمنع حزب الله من احتكار القرار وفرض نفسه".
وقال رباح لـ"العين الإخبارية"، "على عكس ما يدعيه حزب الله، فإنه لا يملك شرعية انتخابية وحصل عليها في الأصل بقوة السلاح"، لافتا إلى أن مسار لبنان أعيد تصحيحه في الانتخابات الأخيرة.
وأضاف: "بطبيعة الحال، حزب الله لن يستسلم وسيصبح أكثر شراسة ولاحظنا كمية الحقد والغضب والعنف الذي مارسه ضد معارضيه".
وتابع "هذا النصر المعنوي والنيابي رسالة للعالم العربي والغربي بأن هناك مقاومة سياسية لسيطرة حزب الله والسلاح في لبنان"، مضيفا "هذا الأمر سيحسن نظرة العالم العربي للبنان".
وحول جهود تشكيل الحكومة الجديدة، قال "هي تضييع وقت ولا أعتقد أن مجموعات الثورة تشارك بها، لأنها ستكون حكومة محاصصة".
aXA6IDMuMTQyLjQzLjI0NCA= جزيرة ام اند امز