تعجبني فرنسا لأكثر من سبب، لذلك أزورها في السنة أكثر من مرة. في انتخابات 2017 رآني صديقي الفرنسي مبتسماً.
تعجبني فرنسا لأكثر من سبب، لذلك أزورها في السنة أكثر من مرة. في انتخابات 2017 رآني صديقي الفرنسي مبتسماً بعد أن فاز إيمانويل ماكرون في الانتخابات، وسألني عن ذلك، فقلت له: لأن البديلة من وجهة نظري الشخصية لا تمثل القيم الفرنسية، وقد كانت «مارين لوبين»، التي تمثل حزب «الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، ضحك صاحبي وقال: ماذا تعرف عن الديمقراطية؟ فقلت له اختيار الشعب للحاكم، قال لي: هذه شعارات الواقع أن من يختار هي الشركات الكبرى وجماعات الضغط السياسي «اللوبي»، فهم من يتحكم في كل المتغيرات في دولنا الديمقراطية. تذكرت هذا الحوار بعد خطاب الرئيس ماكرون وتهجمه العملي على الإسلام، فقد خسر في المعركة الاقتصادية وهو، من وجهة نظري، يريد الاستعداد للانتخابات القادمة، بالتودد للتيار اليميني الذي للأسف الشديد بدأت أذرعه تمتد في الكثير من الدول، خطورة هذا التيار أنه يؤجج النزاعات العنصرية، مما يهيئ المجتمعات إما لحروب أهلية، أو حتي حروب عالمية تشن باسم الحرية. وقد أحسن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عندما قال: «نشهد حملة للزج بالإسلام في المعارك وفوضى تبدأ بالهجوم على النبي عليه الصلاة والسلام، لا نقبل أن تكون مقدساتنا ضحية في الصراعات الانتخابية».
«إن التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي عن الإسلام والمسلمين غير مسؤولة وتزيد من نشر ثقافة الكراهية بين الشعوب» كما قال معالي الدكتور نايف الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي. ويبقى السؤال عن طرق التعامل مع مثل هذا التهديد. هناك طرق يتحملها المواطن الفرنسي، وأخرى تتحملها المنظمات الدولية والإقليمية. الإسلام في فرنسا ليس دين تخلف أو تطرف مهما حاول البعض وسمه بذلك. ففي فرنسا يعيش أكثر من 6 ملايين مسلم، بما يعادل 8.8 % من السكان، ويشغلون طيفاً واسعاً من الوظائف، ففيهم العلماء والأطباء، بل حتى أفضل لاعبي كرة القدم. ولا ينبغي أن تكون الجريمة النكراء التي قام بها المراهق الفرنسي الذي تسبب في قتل المعلم «صامويل باتي» سبباً لمثل هذا التطرف في التصريحات. ومن هنا أضحى واجباً على الفرنسيين بشكل عام، والمسلمين منهم بشكل خاص، الوقوف صفا واحداً ضد هذا التطرف، كي لا يتم استثماره من قبل المتطرفين المسلمين ذريعة لجرائم أخرى تتم باسم الإسلام وهو بريء منها. المسلم الفرنسي مطالب بأن يظهر بالطرق العملية حقيقة الإسلام الذي يمكن الملتزم به من التعايش السلمي مع أشقائه في الوطن، حتى ولو اختلف المعتقد.
وقد أعجبني قرار «مجلس حكماء المسلمين» بتشكيل لجنة خبراء قانونية لمقاضاة «شارلي أيبدو»، وهي الصحيفة الهزلية التي بدأت في نشر صور خير البشرية. أما المنظمات العالمية، فينبغي لها تطوير منظومة القوانين الدولية والأوروبية؛ كي تمنع الإساءة للرموز الدينية وبالذات من الديانات السماوية، التي تحاول الإمارات جاهدة التنسيق بينها عبر وثيقة «الأخوة الإنسانية»، كي تعود هذه الديانات، كما هو في أصلها، منبعاً للسلام والتعاون بين كل الأنام، ولا تكون سبباً للحروب أو الخصام.
نقلا عن صحيفة الاتحاد الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة