من المولد إلى الكرة الذهبية.. 9 أيام فارقة في حياة بنزيما وهيجواين
تنافس الثنائي كريم بنزيما وجونزالو هيجواين على خلافة راؤول جونزاليس في مركز المهاجم الصريح لفريق ريال مدريد الإسباني على مدار سنوات.
وشاء القدر أن تنتهي هذه المنافسة نهاية استثنائية، ليست في 2013، حين رحل هيجواين عن ريال مدريد وبقي بنزيما حتى الآن على رأس التشكيلة الهجومية للملكي، ولكن المنافسة انتهت يوم الاثنين 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بحصول أحدهما على الكرة الذهبية واعتزال الآخر لكرة القدم.
الفارق 9 أيام
ولد جونزالو هيجواين في بريست الفرنسية يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 1987، ولكنه لم يكن يدرك أنه على بعد 1033 كيلومترا سيولد بعد 9 أيام في مدينة ليون مهاجماً ذا أصول جزائرية يدعى كريم بنزيما سيمثل فرنسا، بينما سيدافع جونزالو عن ألوان الأرجنتين.
ولد هيجواين في فرنسا، لأن والده لاعب كرة القدم السابق خورخي هيجواين كان يلعب ضمن صفوف فريق ستاد بريست في تلك الفترة، ولم يمكث جونزالو إلا 10 أشهر في فرنسا وهو لا يجيد الفرنسية، لكن بقيت لديه جنسية البلاد.
على الجانب الآخر، كان ميلاد بنزيما في ليون، البلد التي عاشت بها عائلته بعد هجرتها من الجزائر قبلها بسنوات، ليعيش داخل الأراضي الفرنسية ويدافع عن ألوان منتخب الديوك لاحقاً ويصبح أهم مهاجم فرنسي في العالم.
2007-2009
انضم هيجواين إلى ريال مدريد في شتاء 2007، لدعم الخط الأمامي في إطار عمل الميرينجي على إيجاد بديل للمخضرم راؤول جونزاليس، أفضل هداف في تاريخ النادي وقتها، ولم تكلف الصفقة إدارة رامون كالديرون، رئيس الريال السابق أكثر من 12 مليون يورو.
ولكن أرقام هيجواين التهديفية لم تكن مبهرة، فلم يسجل إلا هدفين فقط في النصف الثاني من موسم 2006-2007 موسمه الأول مع الريال، ثم زادوا لتسعة في 34 لقاء بموسمه الثاني ثم في 2008-2009، سجل 24 هدفا.
وهنا قررت إدارة ريال مدريد في صيف 2009 بعد نهاية موسم 2008-2009، الكارثي الذي شهد هزائم مدوية مثل 2-6 من برشلونة و0-4 من ليفربول، التعاقد مع بنزيما، في صيف شهد سطوع نجوم ريكاردو كاكا وتشابي ألونسو وقبلهما كريستيانو رونالدو في سماء سانتياجو بيرنابيو، بالانتقال للريال في أقوى ميركاتو في تاريخ النادي، بل في تاريخ كرة القدم.
قدوم بنزيما
ويبدو أن قدوم بنزيما كان له عامل السحر على هيجواين الذي وصلت أهدافه في موسم منافسه الأول مع الفريق إلى 29 هدفاً، أعلى معدل في تاريخه مع الريال، وعلى الجهة المقابلة لم تزد أهداف الفتى القادم من ليون عن 9 أهداف.
لكن الأمور في المواسم التالية اختلفت، ففي 2010-2011 سجل هيجواين 13 هدفاً، بينما وصل بنزيما إلى 26، وفي 2011-2012، وصل الأرجنتيني لـ26 لكن الفرنسي تجاوزه إلى الرقم 32، وفي موسم 2012-2013، سجل بنزيما 20 هدفاً أكثر بهدفين عن جونزالو.
ورحل هيجواين في صيف 2013 الذي شهد رحيل المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو والنجم الألماني مسعود أوزيل، بينما انضم جاريث بيل للميرينجي وقتها في عام تغيير الأوضاع الذي سبق إحراز لقب دوري أبطال أوروبا بعد غياب 12 سنة، في الموسم التالي.
ورغم أن بنزيما بقي بعدها دوماً في ظل كريستيانو رونالدو على الأقل حتى 2018، لكنه ظل يتقدم حتى وصوله في موسم 2018-2019 إلى 30 هدفاً، وكرر نفس الرقم 2020-2021، ثم 44 هدفاً، رقماً قياسياً في 2021-2022.
تراجع هيجواين
على الجانب الآخر، فإن هيجواين ورغم نجاحاته المذهلة مع يوفنتوس ونابولي ثم تشيلسي، عانى من تخبط الأندية التي يلعب لها وعدم استقرارها.
ورغم وصول إلى 38 هدفاً في موسمه الأخير مع نابولي 2015-2016 ثم 32 في الموسم التالي مع يوفنتوس، لكنه سرعان ما تراجع بعد عامين ليصل إلى 11 هدفاً، أسوأ رصيد في تاريخه منذ 2008.
وبعدها عانى هيجواين من فترات تراجع خلال إعارتيه لميلان وتشيلسي في موسم 2018-2019، ليقرر الانتقال في 2020 للدوري الأمريكي.
ولعب هيجواين 70 مباراة بقميص فريق إنتر ميامي الأمريكي، سجل فيها 29 هدفاً وكان النجم الأول في الفريق الذي يمتلكه ديفيد بيكهام.
أما كريم بنزيما، فنجح برحيل كريستيانو رونالدو وفشل صفقة كيليان مبابي وفي المنتصف بين هذا وذاك أن يكون قائداً ونجماً أول في صفوف الريال ليصل إلى ذروة التألق المحلي والدولي في موسم 2021-2022.
أهداف بنزيما الـ44 لم تكن عادية، فسجل 3 أهداف هاتريك في أقل من ثلث ساعة في شباك باريس سان جيرمان بقيادة مبابي وليونيل ميسي ونيمار دا سيلفا، في ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي.
وبعدها نجح في تسجيل هاتريك مماثل ذهاباً ضد تشيلسي ثم هدف في الإياب، لتقود تلك الأهداف الريال للثأر من حامل اللقب اللندني وإقصاءه.
ثم سجل في مرمى مانشستر سيتي في نصف النهائي هدف التأهل في الوقت الإضافي، وحتى رغم عدم تسجيله في النهائي ضد ليفربول، ألغي له هدف ثبتت صحته بعد نهاية المباراة.
وبعدما انتهت فيه مسيرة هيجواين الدولية مع الأرجنتين في 2018، كان الفتى الذي يصغره بتسعة أيام يعود في 2021 بعد سنوات ستة من الغياب إلى صفوف المنتخب الفرنسي بل ويتوج معه في نفس السنة بلقب دوري الأمم الأوروبية، وسيدخل كأس العالم 2022 وهو مرشح لقيادة هجوم بلاده.
وبعدما كان هيجواين يقود هجوم الأرجنتين في نهائي كأس العالم 2014 ضد الماكينات الألمانية ويلغى له هدفاً، يمتلك بنزيما فرصة التحليق في سماء التتويج بكأس العالم مع فرنسا في بطولة سيشاهدها هيجواين من مدرجات المشجعين أو عبر شاشات التلفزيون.
ماذا سيفعل هيجواين بعد الاعتزال؟
عن خططه عقب الاعتزال وما ينوي عمله، كشف هيجواين: "قد أعود إلى الوسط الذي أمضيت فيه كل هذه الأعوام. لكنني اتخذت قرارا الاعتزال لهدف ما، وهو الهدوء والاستمتاع بأمور أخرى في الحياة. أولويتي هي زوجتي وابنتي وأصدقائي وأسرتي والفخر بكل ما استطعت إنجازه".
وأفصح هيجواين عن تفكيره في الاتجاه لمجال التدريب الذهني الذي اعتبر أنه "أهم شيء في أي عمل.. الصحة الذهنية، بعدها يمكنك إضافة الموهبة والتضحية والاجتهاد، لكن إذا لم تكن صحتك الذهنية في أفضل حال فلن تحقق شيئا إلا بصعوبة بالغة".
وأضاف "أعتقد أن هذا شيء مهم للغاية في كرة القدم، لكن لا يمنح الأهمية الكافية.. أود تقديم المساعدة للنادي في هذه الناحية".
كما أوضح أنه سيتابع مونديال قطر كمشجع وبنفس الترقب الذي يراود جميع الأرجنتينيين، مضيفا "سأتابع المونديال بالطبع، لكنني لن أذهب إلى قطر. سأشاهد المنتخب من أجل كل ما مررت به وجميع الأعوام التي ارتديت فيها قميصه. سأكون أحد المشجعين بالطبع وأتمنى أن يعود اللاعبون بالكأس، لأن ذلك سيكون أمرا رائعا للبلاد".