الهيلولة.. احتفالات دينية يهودية بطعم حب الوطن
في مواسم دينية مُختلفة، يحج يهود العالم، من مُختلف أصولهم، إلى مزارات تحتضنها مُدن وقُرى مغربية، وفيها يتم إحياء ليال للاحتفال والصلاة.
الاحتفالات يبرز فيها تشبث يهود المغرب على الأخص، بعلاقاتهم مع بلدهم الأم، سواء بداية من الأزياء التقليدية، وحتى الأطباق والمأكولات، مروراً بالموسيقى التُراثية والشعبية، ذات الأصول المغربية.
مزارات مُتعددة
وتنتشر في ربوع المملكة، مزارات وأضرحة لحاخامات وربيين يهود، بعضها يُعتبر محجاً مُشتركاً يزوره المسلمون واليهود، طلباً للبركة وقضاء الحاجات.
ومن بين أشهر المزارات في المملكة المغربية، الموجودة بمدينة الصويرة، للحاخام "حاييم بينتو"، والذي يحج إليه سنويا عشرات الآلاف من اليهود المغاربة القادمين من إسرائيل، وباقي دول العالم، في أكبر موسم ديني يهودي في المغرب.
وتتوزع باقي المزارات على مختلف المُدن المغربية، فيما تتركز أساساً في مدن فاس، مراكش، والصويرة، وأكادير، بالإضافة إلى الدار البيضاء والرباط.
وتولي المملكة المغربية عناية خاصة بهذه المزارات على غرار نظيراتها الخاصة بالمُسلمين، إذ تُخصص لمجموعة منها حراسة خاصة، كما يتم ترميمها وتحسينها باستمرار.
ومن الأضرحة الشهيرة في المغرب، ضريح "أولاد بن زميرو" في آسفي، وضريح "دافيد بن باروخ" الواقع في مدنية تارودانت جنوب المغرب، والذي يجتمع فيه اليهود منذ أكثر من قرنين من الزمن.
أما ضريح الربي "عمران بن ديوان" المتواجد في مدينة وزان، فيُعتبر موسمه من ثاني أكبر المواسم اليهودية في المغرب، فيما يُعتبر الربي "اسحاق بن الوليد"، المدفون بتطوان شمالي المغرب، من أكثر الحاخامات اليهودية الذين حظوا بإجماع كبير من اليهود والمسلمين، لدرجة أنه كان يُلقب قيد حياته بـ"العادل".
سبحوا الله
والهيلولة هي تحريف عامي لعبارة "هاليلو يا" الواردة كثيراً في مزامير داوود، ومعناها أن "سبحوا الله"، إذ أطلقت على هذه الاحتفالات الدينية، نظراً لاستغراق المُشاركين فيها في التسبيح والدعاء لله، وأيضاً الاحتفال بالعطاء.
وتغيير لفظ "هاليلو يا" إلى "الهيلولة"، نظراً لكون مجمل اليهود المغاربة كانوا على غرار إخوتهم المُسلمين، مواطنين بُسطاء غير مُتعلمين، يُرددون مجموعة من الكلمات العبرية دون إتقانهم لهذه اللغة، الشيء الذي نجم عنه تداول مجموعة من الكلمات بنُطق خاطئ.
وتتم هذه الطقوس الدينية على امتداد 3 إلى 7 أيام، حيث يجتمع اليهود الزوار أمام المزار، ويذبحون الأضاحي، التي يقتسمونها فيما بينهم، ويقومون بتوزيع مجموعة منها على الفقراء والمحتاجين.
وطيلة هذه الفترة، تتم قراءة التوراة، كما تُشعل الشموع طلباً للبركة، فيما تكون الليلة الأخيرة، بمثابة الاحتفال الأكبر، حيث يستغرق الجميع في الغناء وتقاسم الطعام والهدايا.
وفي هذه الليلة، يتم عرض مجموعة من القطع التذكارية، سواء المتعلق منها بضريح الحاخام أو أخرى عامة، لتُباع في مزاد علني بين الحاضرين، تُخصص عائداته لإدارة الضريح وتوسيعه.
وفي ختام هذه الليلة التي تمتد إلى فجر اليوم الموالي، يدخل المُشاركون جميعاً إلى ضريح الحاخام المدفون هُناك، حيث ترتفع الصلوات والأدعية، طلباً للرحمة والمغفرة، وشُيوع السلام.
صلة رحم
لا تتوقف مواسم الهيلولة للصلاة والاحتفال فقط، بل هي مُناسبة لتجديد العهد مع الأصول، وصلة الرحم مع الأحباب، إذ يحرص اليهود القادمون من إسرائيل وباقي الدول، على زيارة أصدقاء الطفولة والجيران القدامى.
وبعد زيارتهم للأضرحة في مختلف ربوع المملكة، ينطلق اليهود المغاربة في رحلة أخرى، لربط الحاضر بالماضي، من خلال استرجاع ذكريات طفولهم في الحارات القديمة للمغرب حيث ترعرعوا.
كما تعد هذه المواسم فرصة سانحة لتجديد العهد مع "أصدقاء الصبا" و"مُشاكسات الطفولة"، خاصة وأن أغلب اليهود المغاربة، هاجروا في سن صغيرة جداً نحو إسرائيل.
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE0NSA= جزيرة ام اند امز