تفوق البحرية الصينية.. «فجوة» تؤرق أمريكا

بعد الحرب العالمية الثانية، أظهرت حاملات الطائرات الأمريكية العملاقة تفوقها العسكري حول العالم، لكن تقدم الصين كان تغييرا فاجأ واشنطن.
وتتخلف البحرية الأمريكية حاليا عن نظيرتها الصينية التي تعد منافسها الأساسي، وهو ما يخلق تداعيات كبيرة على الأمن البحري، بحسب تقرير جديد صادر عن «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية».
وكشف التقرير عن زيادةً "استثنائية" في عدد السفن التجارية التي تبحر من أحواض بناء السفن الصينية سنويًا، ويشير إلى أن بكين تُسيطر على سوق بناء السفن التجارية العالمي، بحصة 50%، متجاوزةً بذلك حصة أمريكا البالغة 0.1%.
والعام الماضي، أنتج مصنع سفن صيني حكومي واحد حوالي 250 سفينة أي ما يزيد عن حمولة صناعة السفن الأمريكية بأكملها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وفقا لما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
ويُحذر التقرير من أن "النظام البيئي المزدوج الاستخدام" المُبهم يعني أن أحواض بناء السفن المدنية الصينية يُمكن أن تُحوّل تركيزها إلى صناعة السفن الحربية.
وقد يكون ذلك حاسمًا في أي صراع مُستقبلي مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، تصمم بكين سفنًا حربية بقوة تُضاهي قوة السفن الأمريكية.
والشهر الماضي، أثارت الصين قلق أستراليا بإرسالها أسطولًا من 3 سفن في جولة مفاجئة حول شواطئها مُحمّلةً بقوة نيران تُقارب قوة البحرية الأسترالية مجتمعةً.
وخلال الأسابيع الأخيرة، اختبرت بكين معدات جديدة مثل زوارق خاصة تتصل لتُشكّل جسرًا طويلًا قادرًا على نشر الدبابات والقوات على شواطئ تايوان في حال أي عملية عسكرية مستقبلية.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات التجارية بين أمريكا والصين التي تعهدت بمحاربة رسوم ترامب الجمركية "حتى النهاية".
كما انتقدت بكين نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، لوصفه الشعب الصيني بـ"الفلاحين" وفرضت رسوما جمركية 84% على المنتجات الأمريكية ردا على الرسوم التي فرضتها واشنطن على منتجاتها والتي بلغت 104%.
ويقول بعض الخبراء إن الصين قادرة على إنتاج سفن حربية، لكنها تفتقر إلى الخبرة القتالية اللازمة لخوض حملات بحرية معقدة ضد الولايات المتحدة المخضرمة في المعارك.
واعتبر جاكوب شابيرو، المحلل الجيوسياسي في شركة "كوغنيتيف إنفستمنتس"، أن خطوط الإنتاج الضخمة للصين تمنحها أفضلية على معدات البحرية الأمريكية باهظة الثمن.
وقال لـ«ديلي ميل»: «من يهتم إن كان لدينا أفضل 250 سفينة في أحدث أسطول بحري مجهز في العالم؟ تستطيع الصين إنتاجها بالآلاف».
وأضاف: «إذا دخلنا في صراع مسلح في بحر الصين الجنوبي، وقاموا هم فقط بإخراج آلاف السفن وشن هجمات انتحارية، بينما أنفقنا مليارات الدولارات على كل سفينة مثالية، فلن ينجح الأمر».
فجوة تتسع
قبل 20 عاما، كانت البحرية الأمريكية تمتلك 282 سفينة قتالية مقابل 220 سفينة للبحرية الصينية، ولكن بحلول منتصف العقد الثاني من القرن الـ21 تبخر هذا التفوق حيث تمتلك بكين 400 سفينة مقابل 295 في واشنطن كما أن الفجوة آخذة في الاتساع.
كما أن السفن الصينية أحدث أيضًا، حيث إن 70% منها أُطلقت بعد عام 2010، وتعاني واشنطن من بطء خطوط الإنتاج حيث يتطلب بناء حاملة طائرات 11 عاما ، و9 أعوام لبناء الغواصات والمدمرات الهجومية النووية وتكافح أحواض بناء السفن الأمريكية لتجنيد العمال المهرة والاحتفاظ بهم.
والشهر الماضي، قالت شيلبي أوكلي، مسؤولة التعاقدات الحكومية، أمام لجنة بمجلس الشيوخ بأن بناء السفن البحرية في "حالة فرز دائم"، وذلك بسبب التوقعات غير الواقعية للتكاليف ومواعيد الإنتاج.
ووفقا لتقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن أحواض بناء السفن الأمريكية المستنفدة تُشكل "تهديدًا عاجلًا للجاهزية العسكرية"، ما يدعم الصين، ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وطموحها لإعادة تشكيل النظام العالمي.
ومع ذلك، لا تزال البحرية الأمريكية متقدمة من حيث القوة النارية والحجم، فعادةً ما تكون السفن الأمريكية أكبر حجمًا من السفن الصينية، وتتمتع بأجهزة اسشعار وإلكترونيات وأسلحة أفضل.
كما أنها تستخدم غواصات نووية أكثر فعالية ضد القوة البحرية الصينية التي تعمل في الغالب بالديزل.
وبالمثل، تمتلك واشنطن عددًا أكبر من المعدات الثقيلة مثل حاملات الطائرات والطرادات والمدمرات، كما أن أطقمها مدربة بشكل أفضل، ويتمتع ضباطها بخبرة قتالية أكبر من نظرائهم الصينيين الذين لم يخضعوا لاختبارات كافية في البحر منذ الحرب الصينية الفيتنامية عام 1979.
ويقول ستيفن بيدل، الأستاذ بجامعة كولومبيا إن قدرة الصين على بناء السفن تمنحها أفضلية على الولايات المتحدة في أي حرب طويلة، حيث يكون استبدال السفن الغارقة أمرًا أساسيًا.
«إحياء» السفن المتهالكة
في ظل هذه الخلفية المقلقة، تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي بـ"إحياء" صناعة بناء السفن الأمريكية المتهالكة، سواء السفن التجارية أو العسكرية، وفتح مكتب لبناء السفن في البيت الأبيض كجزء من أجندة "جعل أمريكا عظيمة مجددًا".
ومن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن قادرة على تكثيف بناء السفن المدنية والعسكرية في الوقت المناسب لمواجهة عسكرية مع بكين.
ويحث تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية واشنطن على الاستعداد لهذه المواجهة و"تعطيل النظام البيئي الصيني المزدوج الاستخدام" لإنتاج السفن العسكرية والمدنية من خلال قطع العلاقات المالية والتجارية مع شركات بناء السفن الحكومية الصينية، وفرض رسوم على السفن الصينية الصنع.
ووفقا للتقرير، فإن واشنطن تحتاج على المدى الطويل، إلى استثمار مبالغ ضخمة في إعادة بناء أحواض بناء السفن المتهالكة، والعمل مع حلفائها لتوسيع قدرات بناء السفن خارج الصين.
aXA6IDE4LjIyNC41MS4yNyA= جزيرة ام اند امز