من يملك قرار الحرب بلبنان؟.. البحث عن «طوق النجاة» من مناوشات حزب الله
حكومة "لا تملك قرار الحرب"، وجبهة سياسية "تبحث عن أمل النأي عن الويلات".. هذا هو واقع لبنان في قلب أزمة تلف الشرق الأوسط.
ولم يفاجئ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اللبنانيين بأن حكومته "لا تملك قرار الحرب"، لأن هذا ما يُسلم به الشعب منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، في السابع من الشهر الجاري، وما خلّفته من مخاوف اتساع رقعة الصراع إلى الحدود الشمالية مع لبنان.
وإنما المفاجئ كان خروج هذه الكلمات بشكل رسمي وعلى لسان أعلى مرجع سياسي في البلاد في الوقت الحالي، في المقابل يرفض "حزب الله" هذه الاتهامات، ويعتبر أن سلاحه هو دفاعي "لرد أي عدوان".
"لا أملك جوابا"
من جهتها، تحاول الحكومة اللبنانية إدارة المرحلة، وتتابع الاتصالات الدولية وتلتقي الموفدين الدوليين، وتستمع للرسائل.
فيما يحاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، نقل هذه الرسائل الدولية إلى المعنيين، إلّا أنه وبحسب تصريحاته الأخيرة "لا يملك جواباً يريح اللبنانيين الخائفين من جرهم إلى حرب مدمرة".
ميقاتي قال أيضا في وقت لاحق "الأمور تحت السيطرة، ولكن ما يخيف الجميع هو قدرة الأطراف المعنية على قلب الطاولة لأسباب أو اعتبارات مختلفة، فيما أسعى إلى تجنب ذلك بكل قوة".
معضلة صعبة في لبنان، شعب لا يريد الحرب، وقرار ليس بيد ممثليه، لذلك يقول النائب في حزب "القوات اللبنانية" غياث يزبك "يجب أن يشكّل الإجماع حول خطورة الحرب إذا وقعت سدّا منيعا واستراتيجية دفاعية وطنية في الوقت الحاضر، بدل الاستراتيجية العسكرية التي فشلت الأطراف في التوصل إليها سابقا، ما أبقى قرار الحرب والسلم بيد حزب الله".
وتابع في حديثه مع "العين الإخبارية" "معظم اللبنانيين بمن فيهم الطائفة الشيعية لا يريدون الحرب وهو ما يظهر من خلال المواقف في البلاد، وبالتالي يجب أن تجتمع كل القوى الوطنية بطريقة خالية من التحدي، للقول: لا نريد إدخال لبنان في الحرب التي ستكون مدمّرة".
أما في الشق الدستوري فيوضح يزبك "على الحكومة والبرلمان والقوى السياسية أن تجتمع حول المواقف التي تطلقها مجموعة الـ40 نائبا (نواب من كتل معارضة ومستقلين)، للإعلان بشكل رسمي عن رفض الانجرار للحرب".
ويتوقف يزبك عند مواقف كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، ويضيف"لا يمكن مقارنة مواقف ميقاتي بما يقوم به بري، حيث أكد الأول التزام لبنان بالقرارات الدولية، لكن كأنه يقول "لا حول لي ولا قول في هذا المجال"، علما بأن الحكومة مقصّرة ويفترض أن تعلن عبر موقف واضح "لا للحرب".
وتابع "أما بري (حليف حزب الله) فهو يحمل مفتاح البرلمان، حيث بات المجلس في حالة احتلال وما يقوم به هو تقصير مقصود".
في المقابل، يؤكد يزبك أن"الموقف الرافض لجر لبنان إلى الحرب لا يتناقض أبدا مع الموقف الداعم للقضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين ضمن مشروع عربي متكامل، وهو ما نصت عليه قمة بيروت عام 2002، بشأن حل الدولتين".
مستطردا "لا أحد يزايد علينا في هذا الأمر". "أما من الناحية الاستراتيجية فمن المؤكد أنه ليس هناك من تكافؤ بين الطرفين والوضع العسكري غير متوازن، وهذا ما خبرناه في حرب 2006 وهو ما لن تتورع إسرائيل عن القيام به مجددا، إن لم نقل أكثر".
مقترح للنجاة
يزيك طرح حلا للخروج من الأزمة الحالية، تمثل في أن "يطلب ميقاتي من الجيش الانتشار في الجنوب وسحب كل المسلحين من المنطقة".
هذا الحل سبق أن دعا إليه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في بيان، حين قال إن "كلا من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي صرّحا مرات عديدة بأنّ لبنان يحترم قرارات الشرعيّة الدوليّة، ولا سيما القرار 1701، فإذا كانا جادَّين بهذا الموقف عليهما أن يأمرا الجيش اللبناني بالانتشار في منطقة عمل القوات الدولية، كذلك دعوة بقية المسلحين، سواء من اللبنانيين أو الفلسطينيين إلى الانسحاب من هذه المنطقة".
بدوره، يرى رئيس "المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان" النائب السابق فارس سعيد، أن بلاده "ستشهد حرباً بالتأكيد، لأن قرار الحرب والسلم ليس بيد اللبنانيين وليس بيد الحكومة ولا حتى بيد حزب الله، بل هو بيد إيران"، حسب قوله.
ويقول سعيد لـ"العين الإخبارية": "المشكلة هي أنه إذا فتحت إيران الساحات (ساحات القتال المختلفة)، فإنها ستُدخل المنطقة كلها في حرب ستتحول إلى حرب إقليمية".
ومضى قائلا "منذ اللحظة الأولى دخلت إيران إلى الحرب عبر الدم الفلسطيني، كي تحجز لنفسها مقعدا على طاولة الحوار في المنطقة"، مضيفا "العالم انتبه لهذا الموضوع ونشر بوارجه في المنطقة، وقال لإيران: إذا كنت مستعدة لذلك، نحن مستعدون أيضاً".
"إعادة تشكيل"
فارس سعيد وضع يده على نتيجة "مباشرة" للوضع الحالي، بقوله: "أعتقد أننا أمام إعادة تشكيل المنطقة من جديد، وأمام هذا الواقع، لبنان غير موجود، فلا رئيس للجمهورية، والحكومة عرجاء تقوم فقط بتصريف الأعمال، ومجلس نواب مشلول، والقوى السياسية غائبة".
ويؤكد سعيد: "نحن اليوم في قلب الحرب، وما يجري في جنوب لبنان ستكون له تداعيات سياسية واقتصادية ووطنية، وكأنه لم يعد أحد في البلد سوى حزب الله".
ورأى أن "دور الجيش والدولة تراجع فيما تقدم دور المليشيات.. وكذلك القرارات الأممية تراجعت مقابل تقدم مبدأ اسمه قواعد الاشتباك".
وبالنسبة للنائب السابق "على قوى الداخل أن تناشد نفسها لتنفيذ قواعد السلام وليس قواعد الاشتباك، بدلا من مناشدة حزب الله، بعدم دخوله الحرب".
وتشهد الحدود بين إسرائيل ولبنان مناوشات يومية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، منذ أن شنّت حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، هجوماً غير مسبوق من البرّ والبحر والجو على إسرائيل، التي تردّ منذ ذلك الحين بقصف عنيف على قطاع غزة أوقع أكثر من 6500 قتيل.
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xMzIg
جزيرة ام اند امز