تشكيلة المشيشي.. حكومة "الفرصة الأخيرة" لتونس بدون إخوان
في حال سقوطها فإن تونس ستدخل في المجهول والفراغ التام في ظل وضع اقتصادي صعب، وفي ظرف تعيش فيه البلاد موجة ثانية لفيروس كورونا.
في قطيعة مع المحاصصات الحزبية، اختار رئيس الحكومة التونسية المكلف هشام المشيشي تشكيلته الكاملة التي تتضمن 28 وزيرا وكتاب دولة، بدون وزراء إخوان لأول مرة منذ 6 سنوات.
والتشكيلة المقترحة وصفها سياسيون بحكومة الفرصة الأخيرة، مؤكدين أنه في حال سقوطها فإن تونس ستدخل في المجهول والفراغ التام في ظل وضع اقتصادي صعب، وفي ظرف تعيش فيه البلاد موجة ثانية لفيروس كورونا.
وعمل المشيشي على دمج الوزارات الاقتصادية (المالية ودعم الاستثمار ) واختيار رجال قانون لغالبية الوزارات السيادية في أصغر حكومة منذ 2011.
وحافظ على بعض الوزراء الذين اشتغلوا في حكومة إلياس الفخفاخ مثل وزير الشؤون الدينية أحمد عظوم، وعلي الحفصي (العلاقة مع البرلمان)، وثريا الجريبي (بصفة مستشار بدلا من كونها وزيرة للعدل).
اختياره لحكومة المستقلين أملته ضرورة الأزمة الاقتصادية، وحتمتها الصعوبات التي تعيشها تونس على المستوى الاجتماعي، وفق تصريحات للمشيشي عقب الإعلان عن الحكومة.
وقوبل تمسك الرجل بحكومة مستقلة، بتزكية حزبية واسعة لكن هذا القرار أزعج حركة النهضة الإخوانية التي تطالب بحكومة حزبية تمنحها التمثيل الأوسع.
عدم انتماء الشخصيات التي اختارها المشيشي إلى التنظيمات الحزبية البرلمانية، أثار "انزعاج" العديد من الفاعلين السياسيين على غرار حزب "التيار الديمقراطي " (22 مقعدًا )، وائتلاف الكرامة " (19 مقعدًا).
ومن المنتظر أن يحسم كل من حزب تحيا تونس (11مقعدا ) و قلب تونس ( 26 مقعدا ) اليوم موقفهما من التشكيلة المعروضة، في حين عبرت كل من كتلة الإصلاح (15مقعدا )، والكتلة الوطنية (10مقاعد) عن الموافقة التامة لاختيارات المشيشي.
وتعتبر حكومة المشيشي هي الحكومة الثانية منذ سنة 2011 الخالية من أي انتماءات إخوانية بعد حكومة مهدي جمعة التي دامت 9 أشهر سنة 2014.
وتعاني تونس من أزمة اقتصادية كبيرة حيث شهدت نسبة النمو انهيارًا مدويا في الربع الثاني من سنة 2020، وصلت 21 بالمائة تحت الصفر، وارتفعت نسبة البطالة إلى 18 بالمائة حسب أرقام المعهد التونسي للإحصاء (حكومي).
حكومة الفرصة الأخيرة
الباحثة في العلوم السياسية والناشطة التونسية، أميرة البوعزيزي، وصفت تشكيلة المشيشي بأنها "حكومة الفرصة الأخيرة" وفي حال سقوطها فإن تونس ستدخل في المجهول والفراغ التام في ظل وضع اقتصادي صعب، وفي ظرف تعيش فيه البلاد موجة ثانية لفيروس كورونا.
واعتبرت البوعزيزي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن التشكيلة الحكومية التي اختارها المشيشي تتسم بالاستقلالية، حيث نصب في وزارات السيادة شخصيات قانونية وأكاديمية.
واختار المشيشي للوزارات السيادية شخصيات قانونية، فعيّن على وزارة الدفاع إبراهيم البرتاجي (أستاذ قانون في الجامعة التونسية)، وفي وزارة الداخلية توفيق شرف الدين (محام ورئيس حملة قيس سعيد الرئاسية) ، وبوزارة العدل محمد بوستة (أستاذ قانون)، والخارجية عثمان الجرندي (سفير سابق).
وأشارت إلى أن هذا التوجه كان متوقعا حيث يعكس إرادة رئاسية لإبعاد الأحزاب من المشهد الحكومي، مشيرة إلى أن قيس سعيد يعتبر أن سبب أزمة البلاد هو المنسوب العالي للمناكفات السياسية والحزبية.
اتحاد الشغل.. موافقة غير معلنة
ورغم عدم إفصاحه العلني عن موقفه من التركيبة الكاملة لحكومة المشيشي، إلا أن العديد من المصادر المطلعة أكدت لـ"العين الإخبارية" موافقة الأمين العام للمنظمة النقابية، نور الدين الطبوبي، على الأسماء المعروضة.
وأوضحت ذات المصادر أن الاتحاد يساند أي حكومة من خارج عقلية "الغنيمة" الإخوانية التي حكمت البلاد في السنوات الماضية، وعقلية تدمير الاقتصاد لصالح "مافيات " و"لوبيات " مشبوهة.
وعين المشيشي على رأس وزارة الشؤون الاجتماعية شخصية نقابية معروفة بقربها من دوائر العمل النقابي هي محمد الطرابلسي الذي يعد قياديا سابقا في اتحاد الشغل.
ومن المنتظر أن ينعقد اليوم الثلاثاء المكتب المصغر لمجلس نواب الشعب (ممثلي الكتل البرلمانية) لتحديد جلسة منح الثقة على حكومة هشام المشيشي في ظرف 10 أيام.
وتستوجب عملية المصادقة على الحكومة تصويت 109 أصوات من مجموع 217 نائبا لنيل الثقة وخلافة حكومة إلياس الفخفاخ الذي استقال في شهر يوليو/تموز المنقضي على إثر بروز قضايا تتهمه بالفساد.
وحكومة المشيشي هي الحكومة العاشرة التي تمر بتونس منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي، وخروجه من الحكم في 14 يناير/كانون الثاني 2011.
aXA6IDE4LjExOC4xNTQuMjM3IA== جزيرة ام اند امز