"طه حسين" تونس.. أول مكفوف يتحسس حقيبة وزارية في البلاد
العراقيل القدرية لم تمنعه اليوم من أن يكون مرشحا ضمن الحكومة الجديدة ليثبت حقيقة مقولة إنه من رحم المعاناة تولد الإنجازات
لارتباطهما بالعديد من أوجه الشبه، لقبه كثيرون بـ"طه حسين" تونس لا سيما مع نبوغه في اللغة العربية والشعر وكذلك حبه للفنون، قبل أن يسير على خطاه أكثر ويتم ترشيحه لتولي وزارة الثقافة في البلاد.
إنه "وليد الزيدي" الذي جاء اسمه ضمن التشكيلة المقترحة من قبل رئيس الحكومة هشام المشيشي، ليكون أول كفيف في تاريخ تونس، يتم تكليفه بمهمة وزارية.
الشاب التونسي صاحب الأربعة وثلاثين عاما يملك من تجارب الحياة الكثير حيث كان أول اختبار له وهو في سن الثانية من عمره حين فقد نظره، إلا أنه كافح وتفوّق وحصل على أعلى الشهادات العملية في مجاله.
الزيدي متعدد المواهب، فهو إلى جانب اهتمامه بتدريس الترجمة والبلاغة والبحوث المتخصصة في علم النفس، فهو أيضا شاعر وعازف على آلة العود وناشط بدار الثقافة في مدينة القصرين (غرب).
من مواليد عام 1986 بمحافظة الكاف (شمال غرب تونس) فقد بصره في سنته الثانية (سنة 1988) إثر مرض خبيث أصابه.
ولم يكن فقدان البصر لدى الزيدي سوى دافع لصنع المعجزات، فتحصل على درجة الدكتوراه في الآداب العربية من جامعة "منوبة" بتونس وصار يلقب بطه حسين تونس.
وطه حسين (1889 – 1973م) أديب وناقد مصري (كفيف)، لُقّب بعميد الأدب العربي، ويعتبر من أبرز الشخصيات في الحركة العربية الأدبية الحديثة وشغل منصب وزير المعارف في مصر قبلَ أكثر من 7 عقود.
ولا يخفي وليد الزيدي في تصريحات إذاعية سابقة حديثه عن معاناته مع الفقر في منطقة تاجروين من محافظة الكاف خلال مراحل نشأته.
كما تطرق إلى المعاناة خلال رحلة الدراسة المكلفة التي جعلته يتنقل من مكان إلى آخر، ونقص الآليات اللازمة للاعتناء بذوي الهمم، وتسهيل طريقة عيشهم ودمجهم في الحياة العامة.
إلا أن هذه العراقيل القدرية، لم تمنعه اليوم أن يكون عنصرا من عناصر حكومة هشام المشيشي المرتقبة، ليثبت حقيقة مقولة أنه من رحم المعاناة تولد الإنجازات وبالإرادة والتصميم يتحقق ما كان مستحيلا.
وفي حال نيل ثقة البرلمان سيصبح المشرف الأول على كل القطاعات الثقافية في تونس من جميع الفنون، والمشرف الأول على مهرجانات ضخمة في حجم مهرجان قرطاج الدولي، وأيام قرطاج السينمائية والمسرحية.
ولاقى ترشيح الزيدي لتولي وزارة الثقافة استحسان العديد من المتابعين، وخاصة من زملائه ومتابعيه في الإذاعة التونسية حيث يقدم العديد البرامج في الأدب العربي وتحليل القصائد الشعرية.
وأكدوا على أنه قادر على إدارة الوزارة، فرغم إعاقته يحمل زادًا معرفيًا وعلاقات استثنائية تمكنه من النهوض بالواقع الثقافي.
واعتبروها خطوة جريئة من رئيس الحكومة المكلف بتعيين شخص كفيف، فهل ينجح الشاب الثلاثيني في كسر "روتين" التعيينات ويفتح الطريق أمام فئة اجتماعية عانت تهميشا لتعتلي قمة السلطة.
aXA6IDMuMTQ1LjgxLjI1MiA= جزيرة ام اند امز