"النوبيون" في يومهم العالمي.. طقوس "كولود" تتوارثها الأجيال
في السابع من يوليو كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للنوبة وحضارتها الممتدة من الألف الثالثة قبل الميلاد
في السابع من يوليو كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للنوبة وحضارتها الممتدة من الألف الثالثة قبل الميلاد، وتحديدا العصر الحجري في عصر ما قبل التاريخ، والممتدة على وادي النيل من السودان جنوبا حتى البحر المتوسط شمالا.
بدأت فكرة الاحتفال عام 2004 بغرض تعزيز وترسيخ وتنمية قدرات الانتماء إلى النوبية لكي تكون النوبية باقية في ذاكرة الأفراد والتاريخ، ليحتفل بها حشود النوبيين بمشاركة العالم أجمع سنويا تحت اسم وتاريخ معلوم ومتعارف عليه، وفي شكل مهرجانات وندوات ومحاضرات ومعارض ثقافية وتراثية تعكس حاضر المناطق النوبية وحضارتها وارثها الثقافي.
يرجع اليوم المحدد بالاحتفال وهو 7/7 إلى دلالة الرقم 7 لدى النوبيين، حيث إن هناك طقوسا عقائدية تقام تحت مسمى "كولود" - بالنوبية "السبوع" - وهى مناسبات اجتماعية لها ارتباط بالرقم سبعة، وتقام لها الطقوس مثل مناسبات المواليد والوفيات والزواج، حيث تنزل السيدات بصحبة الأطفال إلى نهر النيل في اليوم السابع، وتقمن بغسل وجوههن سبع مرات من مياه النيل، وغيرها من الطقوس المرتبطة بذات الرقم.
النوبة في التاريخ المصري القديم
سعت مصر لضم الممالك النوبية الجنوبية منذ عام 2900 قبل الميلاد، وإخضاعها لنفوذها وسيطرتها العسكرية لتأمين حدودها وطرق التجارة بين مصر وإفريقيا عبر بلاد النوبة.
أولى الممالك النوبية كانت مملكة كرمة "3000- 2400 قبل الميلاد"، وأصبحت النوبة السفلى بكاملها تحت السيطرة المصرية مما أجبر الأهالي وسكان النوبة إلى الهجرة للمنطقة العليا والاندماج مع سكان الكرمة.
في عهد الأسرة الثانية عشر قامت مصر بغزو منطقة "سمنة " وضمها لنفوذها لأكثر من 250 عاماً، وعند اضمحلال المملكة المصرية الوسطى وتفككها، سعت مملكة كرمة النوبية في عام 1700 قبل الميلاد، إلى الانفصال من التبعية المصرية ومدّ نفوذها شمالا لتشمل منطقة النوبة السفلى، ولكن مصر عادت مرة أخرى للسيطرة على مملكة كرمة بعد التخلص من الهكسوس نهائيا على يد القائد العسكري "أحمس"، وضمتها مرة ثانية إلى سيطرتها من عام 1550 حتى عام 1100 قبل الميلاد، وتم إخضاع النوبة تماما لمصر بكامل أراضيها حتى الشلال الرابع في عهد تحتمس الثالث، حتى عام 550 قبل الميلاد.
النوبة في العصر الإغريقي والروماني:
كان في العصر الإغريقي مملكتان نوبيتين هما مملكة "البليمي" في منطقة الكلابشة، و مملكة "النوباديين" في عام 375 ميلادي، وهم قبائل سكنت شرق النيل وحتى البحر الأحمر، وكان العرب يطلقون عليهم" البدجا "، وبعد احتلال الرومان لمصر عام 30 ميلادية، أرسل القائد الروماني "بترونيوس" حملة عسكرية للسيطرة على مناجم الذهب في منطقة النوبة عام 24 ميلادية، وتصدى النوبيون للحملة، ولكن بسبب التفوق العسكري الروماني استطاعت احتلال النوبة السفلى بينما ظلت النوبة العليا تحت السيطرة النوبية بقيادة مملكة "مروي" .
النوبة القبطية
دخلت المسيحية إلى بلاد النوبة منذ القرن الأول الميلادي وكان القديس "متى" أول من نشر المسيحية في النوبة، ومرت النوبة منذ دخول المسيحية بثلاث مراحل، الأولى هي العصر المسيحي المبكر من منتصف القرن السادس الميلادي حتى منتصف القرن التاسع، وتأثرت فيه بالحضارات المجاورة، ثم عصر الرخاء من منتصف القرن التاسع حتى منتصف القرن الثاني عشر، وتميز بالاستقرار والرخاء حيث شهدت النوبة نهضة فنية وعمرانية متميزة، والمرحلة الثالثة هي العصر المسيحي المتأخر، وكان عصر اضمحلال، من حوالي منتصف القرن الثاني عشر حتى سقوط آخر الممالك النوبية في منتصف القرن الرابع عشر.
النوبة الإسلامية
بعد الفتح العربي لمصر على يد عمرو بن العاص الذي أرسل عقبة بن نافع إلى بلاد النوبة لنشر الدين الإسلامي بها، ولكن النوبيين تصدوا لجيشه وهزموه بسبب تفوقهم ومهاراتهم في الرمي بالنبل، وبعد أن فشلت جميع محاولات فتح النوبة لمدة عشر سنوات قام عثمان بن عفان بعقد هدنة مع النوبيين عام 31 هجريا تقوم على دفع أموال متبادلة بين المسلمين والنوبيين في كل عام، أي أن المسلمين صالحوا أهل النوبة على غير جزية، وإنما على هدايا يتبادلها الفريقان بقيم متساوية في كل عام .
النوبة تحت الحكم العثماني
بعد انتهاء حكم المماليك لمصر وسقوطها مع النوبة تحت الحكم العثماني في عام 1751 ميلادية، عيّن العثمانيون حكاما على النوبة واستمروا في السيطرة عليها طوال فترة حكمهم الذي بدأ في الانهيار في القرن الثامن عشر الميلادي 1798، وعند قدوم محمد علي للحكم في عام 1805، قام بضم النوبة والسودان في عام 1815 لرغبته في تجنيد السودانيين والنوبيين في الجيش المصري النظامي، والتخلص من المماليك في النوبة، فضلاً عن السيطرة على ذهب النوبة.
وفي عام 1889 عقدت إنجلترا اتفاقية ثنائية بينها وبين الحكومة المصرية، حيث انفردت إنجلترا بحكم السودان وقسمت النوبة إلى قسمين، النوبة السودانية وهي الأراضي التي تمتد داخل السودان وسميت النوبة العليا، والنوبة المصرية "النوبة السفلى"، وهي التي تمتد من حدود السودان حتى أسوان .
الحملة الدولية لإنقاذ النوبة:
بدأت الآثار النوبية في التعرض للخطر والغرق منذ إقامة سد أسوان في عام 1902، حيث زار العالم الأثري "ماسبيرو" بلاد النوبة من دابود حتى أبو سمبل، وكلف الإنجليزي"آرثر ويجال" بعمل تقرير وافٍ عن حالة الآثار, وفي عام 1907 تم المسح الأثري الأول لآثار بلاد النوبة, وفي عام 1929 كان المسح الأثري الثاني.
وفي عام 1954 أرسلت مصلحة الآثار المصرية بعثات لدراسة أوضاع الآثار، وتم تسليم الدراسة إلى الجامعات المصرية والخارجية, وطلبت مساهمتهم, واستجابت بعض هذه الجامعات في المساهمة, وانتشرت في كل بلاد النوبة بعثات التنقيب والتسجيل والترميم, وفي عام 1960 وجّه وزير الثقافة المصري آنذاك "ثروت عكاشة"، نداء دوليا لمنظمة اليونسكو المعنية بالتراث والحفاظ عليه, واستجابت المنظمة, وقامت بعقد مؤتمر دولي لإنقاذ آثار النوبة .
استجابت 50 دولة عضوة في اليونسكو للمساهمة في إنقاذ آثار النوبة، وانقسمت خطة الإنقاذ على مرحلتين، الأولى ما بين 1960 - 1963 وهي إنقاذ النصف الشمالي من النوبة المصرية، والثانية ما بين 1964 -1968 لإنقاذ النصف الجنوبي من النوبة المصرية، واستمرت الحملة الدولية حتى عام 1980، وتم إنقاذ معبدي أبو سمبل فيلة، ومعبد كلابشة، ومعبد بيت الوالي، ومعبد الدكة، ومعبد الدر، ومعبد العمدا، والسبوع، والمحرقة، وقصر ابريم، ومقبرة بنوت، ومقبرة أبو عودة.
aXA6IDMuMjEuMjQ4LjEwNSA= جزيرة ام اند امز