حاشية هتلر.. أقوى رجال الرايخ الثالث
في ظل "مبدأ القائد" كانت سلطة أدولف هتلر مطلقة، وكانت كلمة "فوهرر" أو القائد بمفعول القوانين والدستور نفسه.
وأحاط الزعيم النازي أدولف هتلر في ألمانيا النازية بدائرة من المستشارين والقادة.
ولكن لمن كان هتلر يصغى في اتخاذ القرارات المصيرية؟
1. ألبرت سبير
ألبرت سبير (1905-1981)، كان كبير مهندسي هتلر، تولى وزارة أسلحة الرايخ. لكنه كان رجلاً هادئًا ومتحفظًا، وأيضا ذكيًا وسياسيًا محنكا مثل جميع منافسيه.
انضم سبير إلى الحزب النازي عام 1931، وبحلول أواخر عام 1933، كان يحضر بالفعل وجبات عشاء منتظمة مع هتلر، وزادت علاقتهما قوة بسبب حب هتلر للهندسة المعمارية.
امتلك ألبرت سبير موهبة تنظيمية ومهارة استثنائية في العلاقات العامة، وكوزير للذخيرة في مجموعة هتلر المقربة خلال الحرب العالمية الثانية، تمكن من تطوير الإنتاج بشكل غير مسبوق.
ويرجع ذلك جزئياً إلى مقترحه باستخدام العمالة ممن تم جلبهم من معسكرات الاعتقال ومن أسرى الحرب، بإجمالي نحو 12 مليون عامل قسري عملوا بالإكراه والتهديد والتعذيب حتى وفاة معظمهم.
عندما مثل ألبرت سبير أمام محاكمة جرائم الحرب في مدينة نورمبرغ الألمانية، التي أقامتها دول الحلفاء بعد كسب الحرب، في الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1945، وحتى قرارها النهائي في أكتوبر/تشرين الأول 1946، شهد المهندس النازي أنه لم يكن لديه أي فكرة عما كان يحدث في معسكرات الاعتقال.
وفي نهاية المطاف، حكم قُضاة نورمبرغ على ألبرت سبير بالسجن لمدة 20 عاماً، لاستخدامه قانون السُّخرة (العمل القسري) فحسب.
وقد أمضى هذين العقدين في سجن سبانداو، مكرراً عدداً من التصريحات التي اعتذر فيها عن بناء سجون ومعسكرات ألمانيا خلال الحقبة النازية.
2. مارتن بورمان
كان مارتن بورمان (1900-1945) رئيسًا لمستشارية الحزب والسكرتير الشخصي للفوهرر أو القائد، وعلى الصعيد غير الرسمي، كان هو منفذ قرارات هتلر القاسي وأمين معلوماته.
كان بورمان يعمل في البداية بمكتب نائب الفوهرر رودولف هيس، وفي غضون أشهر من توليه المنصب، تم تعيينه رايخسليتر - وهي ثاني أعلى رتبة في الحزب النازي.
وأصبح بورمان حارس البوابة الفعلي، فهو من يتحكم فيمن له الحق بمقابلة الفوهرر، وأيضا في نوعية المعلومات التي ستعرض عليه.
وبصفته سكرتيره الشخصي، كان كل شيء يمر من خلاله؛ لا شيء ولا أحد يستطيع الوصول إلى هتلر دون موافقته، حتى إنه كان يسيطر على الشؤون المالية الشخصية للقائد النازي.
وبطبيعة الحال، أعطى هذا لبورمان قوة هائلة وجعله شخصا لا غنى عنه على الإطلاق حتى أبريل/ نيسان 1945.
وخلال فترة عمله مع هتلر، أشرف بورمان على توسيع نشاطات مراكز العمل القسري ومراكز الإبادة الجماعية بالمناطق التي كانت قابعة تحت سيطرة الجيش الألماني.
وعقب وفاة هتلر مباشرة، اختفى بورمان بعد فترة وجيزة وحوكم غيابيا في محاكمات نورمبرغ.
ولم يتم العثور على رفاته والتعرف عليها بشكل إيجابي إلا في عام 1972، فيما لا تزال الطبيعة الدقيقة لوفاته لغزا، ولكن من المحتمل أن يكون مات منتحرا تفاديا لإلقاء القبض عليه من قبل القوات السوفياتية.
3. هيرمان غورينغ
وُلد هيرمان غورينغ عام 1893 في مدينة «روزينهيم» البافارية، وخلال حقبة الحرب العالمية الأولى، انخرط في فرقة المشاة، إذ أصيب بعلّة جسدية أقعدته في الفراش لأشهر، وتم تسريحه من الجيش لعدم لياقته صحيا.
وفى عام 1922، انضم للحزب النازي وقاد الكتيبة الضاربة «SA». وتقلّد عدّة مناصب في ألمانيا الرايخ الثالث، ومنها وزير الاقتصاد، وبعدها القائد العام لسلاح الطيران عام 1935، كما كان جورينج الأب الروحى لجهاز البوليس السرى «غيستابو»، وأحد أبرز مهندسى الألمانية النازية.
عُرف عن غورينغ ذوقه الرفيع وأناقة ملبسه وكان قد تزوج ببارونة سويدية أغدقت عليه من ثروتها، ومع بداية الحرب العالمية الثانية، كان مسؤولاً عن الخسائر التي تكبدتها ألمانيا في محاولتها لإخضاع التاج البريطاني عن طريق الغارات الجوية.
وقلل ذلك من شأنه في التسلسل الهرمي النازي بعدما كان من أبرز قيادات ألمانيا النازية، فتدنت شعبيته بين الألمان، وفي ما يتعلق بإبادة المدنيين في معسكرات العمل النازية، فقد كان أعلى سلطة نازية توثّق الإبادة الجماعية للمدنيين.
استسلم غورينغ للقوات الأمريكية في 9 أبريل/ نيسان 1945 بالنمسا، ليكون أعلى رتبة نازية تمثل أمام محاكم نورمبرغ، إذ دافع عن نفسه باستماتة.
إلا أنها حكمت عليه بالإعدام، وفيما يشبه الخلاص المبكر وتحدي قرار المحكمة تجرّع السم ومات قبل يوم واحد من تنفيذ حكم الإعدام فيه.
4. هاينريش هيملر
كان هاينريش هيملر (1900-1945) زعيم فرقة شوتزستافل سيئة السمعة (SS) وأحد المهندسين الرئيسيين للهولوكوست (محرقة اليهود).
انضم إلى الحزب في عام 1923، وسرعان ما ساعده ولاؤه وكفاءته في الصعود إلى مناصب عليا، وتولى قيادة قوات الأمن الخاصة في عام 1929.
وفي السنوات التالية، حولها إلى منظمة ذات قوة وامتداد غير مسبوقين، مع وحدات تشارك في كل المجالات من الأمن والشرطة إلى القتال في الخطوط الأمامية.
وتجنب هيملر الاعتقال، ولكن تم القبض عليه بعد فترة وجيزة من قبل الحلفاء، وبعد ثلاثة أيام، وتحديدا في 23 مايو/أيار 1945، تناول كبسولة السيانيد في أثناء تفتيشه الجسدي الروتيني، مفضلاً الموت بدل المثول للمحاكمة على جرائمه.
5. جوزيف غوبلز
كان جوزيف غوبلز (1897-1945) الزعيم الإقليمي للحزب النازي في برلين الكبرى، وكان وزير الدعاية للرايخ.
كان روائيًا وكاتبًا مسرحيًا فاشلًا، وانضم إلى الحزب في عام 1924 وسرعان ما أصبح مفتونًا بهتلر ومعتقداته.
اعتقد غوبلز أن إخفاقاته الأدبية لم تكن خطأه بل خطأ مجموعة ماكرة تعمل على تقويض المجتمع الألماني، وهم العرق اليهودي.
ومن هنا، أصبحت كراهيته للشعب اليهودي أقوى، وازدادت شراسة مع تزايد قوة النازيين.
وبعد أن أثبت لهتلر أنه خطيب موهوب، عين هتلر غوبلز رئيسًا لدعاية الحزب في عام 1929، ثم وزيرًا للتنوير والدعاية للرايخ في عام 1933.
وسرعان ما شرع غوبلز في إنشاء آلة دعاية على نطاق غير مسبوق، باستخدام تقنيات رائدة مثل الراديو والسينما لتلقين السكان.
وكان لديه (تقريبًا) سيطرة كاملة على الصحافة وموجات الأثير والشاشة، وأي شكل من أشكال وسائل الإعلام التي لا تتوافق مع طريقة التفكير النازية كانت تخضع للرقابة الكاملة أو للتدمير.
بعد انتحار هتلر في قبو الفوهرر، تم تعيين غوبلز مستشارًا للرايخ، وبعد يوم واحد، رتب هو وزوجته لتخدير أطفالهما الستة وتسميمهم بالسيانيد، ثم انتحر كلاهما، على الرغم من أن طبيعة انتحارهما الدقيقة لا تزال مجهولة.
6. رودولف هيس
كان رودولف هيس (1894-1987) نائب الفوهرر في الحزب النازي وأحد أقرب مساعدي هتلر وأكثرهم إخلاصًا.
عندما وصل النازيون إلى السلطة في عام 1933، تم تعيين هيس نائبا للفوهرر، وعلى عكس أعضاء الدائرة المقربة من هتلر لم يستخدم هيس منصبه لتعزيز سلطاته، ولم يهتم بالسلطة أو السياسة، فكل ما كان يهمه هو هتلر وألمانيا، وكلاهما في نظره لا ينفصل أحدهما عن الآخر.
خلال السنوات الأولى للحرب العالمية الثانية، فقد رودولف هيس مكانته بالنظام الألماني لصالح شخصيات أخرى مثل قائد سلاح الجو هرمان غورينغ، وقائد فرق الإس إس هاينريش هملر ووزير الدعاية جوزيف غوبلز، وأمام هذا الوضع، اتجه للبحث عن فكرة لاستعادة موقعه بنظر أدولف هتلر.
في 10 مايو/أيار 1941، استقل رودولف هيس طائرة واتجه نحو الأراضي البريطانية، أملا في فتح مفاوضات سلام مع البريطانيين لإنهاء الحرب بين لندن وبرلين، لكن البريطانيين رفضوا ما جاء به رودولف هيس واقتادوه للتحقيق.
وطيلة فترة الحرب، مكث رودولف هيس بالمعتقلات البريطانية حيث عانى من تدهور سريع لمداركه العقلية.
ومع نهاية الحرب، مثل أمام المحاكمة الدولية لمجرمي الحرب النازيين بنورمبرغ،ط إذ نال حكما بالسجن المؤبد، وبسجنه عام 1987، أقدم على الانتحار عن عمر ناهز 93 سنة، عن طريق شنق نفسه.
7. رينهارد هايدريش
كان راينهارد هايدريش (1904-1942) أحد أكثر الشخصيات المكروهة أخلاقياً في الرايخ الثالث، وكان رئيساً لجهاز المخابرات التابع لقوات الأمن الخاصة، ثم أصبح فيما بعد مديراً للمكتب الرئيسي لأمن الرايخ.
انضم هايدريش إلى الحزب النازي في أوائل ثلاثينيات القرن العشرين بعد خدمته لعشر سنوات في البحرية الألمانية، وارتقى سريعًا في المراتب في وحدات «إس إس» مطورًا وكالة الاستخبارات في الحزب النازي.
وفي 1934، عُيّن رئيسًا للغيستابو، والذي شُكل حديثًا بعد توحيد مؤسسات الشرطة السرية الألمانية المتنافسة.
وفي 1939، وحد مكتب أمن الرايخ العام (الشرطة الألمانية) تحت قيادة هايدريش، وفي وقت لاحق من ذلك العام، تم تشكيل مجموعات العمليات لتتبع الفيرماخت (الجيش الألماني) إلى بولندا، حيث كانت مهمتها تصفية الخصوم.
وفي 1941، كان هايدريش المخطط الرئيسي لعملية بارباروسا، إذ كتب الأوامر لمجموعات العمليات التي كان ضحيتها نحو 1,2 مليون شخص قُتلوا في الهولوكوست.
وبسبب أنشطته البارزة ودوره الفاعل بأوروبا الشرقية، اتجهت فرق المقاومة التشيكوسلوفاكية، بمساعدة المخابرات البريطانية، لإعداد خطة، عرفت بخطة أنثروبويد (Anthropoid)، للقضاء على هايدريش.
aXA6IDMuMTM4LjEyNi41MSA= جزيرة ام اند امز