سدّ «شرايين» حزب الله.. المرحلة الثالثة من الحرب
عادةً ما تأمر التحذيرات الإسرائيلية اللبنانيين بالابتعاد عن برج سكني تقول إنه يؤوي مسلحين أو يُستخدم مخبأ للأسلحة.
لكن التحذير الصادر قبل يومين كان مختلفًا، حيث طُلب من الناس الابتعاد عن فروع مؤسسة «القرض الحسن»، والتي تعتبر «بنك» حزب الله في لبنان.
ولحزب الله نفوذ هائل في لبنان، حيث يدير نظام رعاية اجتماعية مترامي الأطراف، ممول جزئيًا من خلال مصالح تجارية في الداخل والخارج.
كما يستمد الحزب قوته مما يروج له من مزاعم باعتباره أكثر منظمة غير حكومية احترافية في الشرق الأوسط، وأيضا من شعبية خدماته المقدمة للطائفة الشيعية.
ولذلك، تأمل إسرائيل أن يساعد تدمير فروع بنك «القرض الحسن» في تقويض نفوذ الحزب وتعطيل التدفقات المالية التي تدعم تمويل مسلحيه ويحصلون على رواتبهم منها، وفق مجلة "الإيكونوميست" البريطانية.
ويعاني اقتصاد لبنان من كارثة منذ 2019، عندما أدى نقص الدولارات إلى أزمة مالية ثم أدى انفجار مرفأ بيروت عام 2020، إلى تفاقم الأمور.
كما أنه لم تستمر أي حكومة تصريف أعمال لفترة أطول من عام.
ولم يؤد هذا الوضع إلا إلى زيادة الاعتماد على خدمات حزب الله والتي يتم تمويل معظمها من خلال مؤسسة «القرض الحسن» التي تعمل خارج القنوات الشرعية للتهرب من العقوبات الغربية، وفق المصدر.
كما أنها لا تحتفظ بحسابات لدى البنك المركزي اللبناني وتقوم بمعاملات قليلة مع المؤسسات المالية الأخرى في البلاد.
ورغم أن أمريكا وأوروبا وإسرائيل وضعت المؤسسة تحت عقوبات صارمة، كما وضعت واشنطن رئيسها عادل محمد منصور على القائمة السوداء، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن هذه التحركات لم يكن لها تأثير يذكر.
من أين؟
السؤال الآن من أين تأتي الأموال التي يحتفظ بها حزب الله في حسابات «القرض الحسن»؟
تعتقد المجلة أنه الأكيد أن إدخال النقود إلى لبنان عملية متاهة مصممة للتهرب من العقوبات الغربية، وغالبًا ما تضم إيران.
ووفقًا للعديد من المسؤولين الغربيين، فإن سفير إيران يحمل النقود على متن طائرة خاصة في كل مرة يصل فيها إلى بيروت.
وتتدفق الأموال عبر شبكة من الصرافات الصغيرة التي تستخدمها طهران لتلقي المدفوعات مقابل النفط، كما يتم توظيف مسؤولي حزب الله وسطاء لتجارة النفط الإيرانية.
وبحسب وزارة الخزانة الأمريكية، فإن محمد قاسم البزال، أحد ممولي المجموعة، يتاجر كل عام بالنفط الإيراني بقيمة مئات الملايين من الدولارات.
ووفق المجلة، «توفر إيران 700 مليون دولار سنويًا كدعم مباشر لحزب الله، وأقل من 200 مليون دولار من هذا المبلغ يصل إلى الإدارة المدنية للحزب».
ويتم تخصيص الباقي لميزانية الجناح العسكري وهي الميزانية التي يتم إبعادها عن الجهاز البيروقراطي للحزب لحمايته من الخضوع للعقوبات الأمريكية الصارمة التي تطال الجناح العسكري.
وهذا الفصل يمكن الجهاز البيروقراطي للحزب من طلب التمويل عبر شبكة من الجمعيات الخيرية الإنسانية، والتي تتدفق إليها الأموال من أوروبا وأمريكا الشمالية.
ويقضي القائمون على فرض العقوبات الكثير من الوقت في محاولة معرفة ما إذا كانت الجمعيات الخيرية الجديدة حقيقية أم واجهات لممولي حزب الله.
وفي 2021، فرضت الولايات المتحدة العقوبات على مؤسسة «الشهداء» التي توزع المساعدات على عائلات مسلحي حزب الله.
وتقدر وزارة الخزانة الأمريكية أن ناظم أحمد، وهو مجرد ممول مشكوك فيه، أشرف على مبيعات سلع بقيمة مليار دولار على الأقل، بما في ذلك الأعمال الفنية والماس، في العقد الماضي.
أكثر غموضا
ووفقا لمسؤولين أمريكيين، فإن "العديد من التدفقات الأكثر غموضا تصل للحزب من غرب أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتعد كوت ديفوار نقطة ساخنة لتجارة الأحجار الكريمة، كما تلعب كولومبيا دورا مماثلا في تجارة المخدرات"، بحسب المصدر.
وترسل كل منطقة النقود بطرق مختلفة فمثلا "غرب أفريقيا تفضل الطائرات المحملة بالنقود، في حين تميل جنوب شرق آسيا إلى اختيار مدفوعات التحويلات المقنّعة".
وتعد حكومة لبنان المصدر الأخير للتمويل حيث يسيطر حلفاء حزب الله على بعض الوزارات، ورغم أن الحكومة كانت في حالة تخلف عن سداد الديون منذ مارس/آذار 2020، إلا أنها لم تتوقف عن الإنفاق.
ومن المقرر أن تصرف الدولة 20% أكثر مما تحصل عليه من الضرائب هذا العام، مع جمع الأموال من التمويل النقدي والمساعدات الدولية.
ومن بين المليون لبناني الذين نزحوا الشهر الماضي، يعتقد أن حوالي 150 ألفاً منهم يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة حزب الله، كما تتزايد المدفوعات للجنود الجرحى وأسر القتلى.
وتسعى واشنطن للحصول على الدعم لخطة لإجبار حزب الله على الخروج من الحكومة اللبنانية، وهو الأمر الذي سيؤدي لزيادة مشكلات الجماعة خاصة مع ما يتردد من شكوى المسلحين من تأخر رواتبهم.
وباستهداف إسرائيل لمؤسسة «القرض الحسن»، ترى المجلة أن ذلك سيؤدي إلى فوضى عارمة في كل شيء بالنسبة لحزب الله، بدءاً من المساعدات المالية، وصولا إلى البنية التحتية المالية في لبنان.
ويقول أحد مسؤولي العقوبات الغربية "لقد تم إنجاز المهمة بالنسبة لنا".
aXA6IDE4LjExOC4xMC4yMTMg جزيرة ام اند امز