الهجوم الحوثي والرد الإسرائيلي.. ماذا بعد؟
تصعيد أكثر أم جنوح للتهدئة؟ سؤال طرح نفسه بعد الهجوم الحوثي بطائرة مسيرة على تل أبيب، وما تبعه من رد إسرائيلي على الحديدة، مما وضع الشرق الأوسط على «فوهة بركان»، يُخشى انتشار حممه إلى باقي دول المنطقة.
فبينما حاولت إسرائيل إيصال رسالة ردع إلى إيران بهجومها على الحديدة، مُلوحة عبر وسائلها الإعلامية إلى أن هدفها التالي سيكون جزيرة «خارج» التي تعد المحطة الرئيسية لتصدير النفط في إيران، كانت المُسيرة التي أطلقتها جماعة الحوثي والتي تعد أحد الأذرع الإيرانية في المنطقة بمثابة برهان على «ضعف نظام الدفاع الجوي لتل أبيب ضد الطائرات بدون طيار، مما زاد من المخاوف بشأن تهديد المليشيات المدعومة من إيران».
فهل تستمر إيران بوكلائها وإسرائيل في صب الزيت على النار؟
نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن بعض المحللين قولهم، إن أحد الاستجابات الفورية القصيرة الأجل قد يكون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وهي الخطوة التي قد توقف الهجمات من حلفاء حماس، مثل الحوثيين وحزب الله في لبنان.
وفي حين أن معارضة الحوثيين لإسرائيل سبقت الحرب في غزة بفترة طويلة، إلا أن الجماعة نادراً ما هاجمت المصالح الإسرائيلية قبل أن تبدأ الحرب، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وقال ريليك شافير، الجنرال السابق في سلاح الجو الإسرائيلي، إن الهدنة في غزة قد «تدفع إلى نوع من الهدوء لفترة من الوقت» في اليمن ولبنان.
لكن في حين يقول الوسطاء إنهم يقتربون من التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فإن الفجوات الرئيسية بين إسرائيل وحماس لا تزال قائمة، فبعض أعضاء الائتلاف اليميني الذي يتزعمه نتنياهو تعارض التسوية بشأن المطالب الرئيسية لحماس.
ورغم أن الهدنة قد تؤدي إلى تهدئة مؤقتة، إلا أنه على المدى الطويل، فإن الحوثيين سيظلون ملتزمين بتدمير إسرائيل بالكامل، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه من غير المرجح أن يهدؤوا لفترة طويلة.
فهل يتغير سلوك الحوثيين؟
يقول محللون إنه من غير المرجح أن يؤدي رد إسرائيل على الهجوم الحوثي في تل أبيب، إلى تغيير سلوك الحوثيين.
«ما الفائدة التي قد تعود علينا من ذلك؟» تساءل إيهود يعاري، وهو محلل إسرائيلي متخصص في شؤون العالم العربي، مضيفًا: «إذا دخلنا إلى الساحة وساهمنا بضرباتنا في عشرات الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فلن يتحول الأمر إلى هذا النطاق».
ويعتقد آخرون أن الميليشيات مثل الحوثيين يمكن كبح جماحها إذا ركزت إسرائيل غضبها على راعيتهم، إيران، مشيرين إلى أن طهران «قادرة على كبح جماح وكلائها إذا أدركت تكلفة دعمها لهم».
وقالت ميري إيسين، المسؤولة السابقة في الاستخبارات الإسرائيلية والباحثة البارزة في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، وهي مجموعة بحثية في إسرائيل، إنه «بخلاف ذلك، فإن إيران سوف تفلت من العقاب مرة أخرى».
لكن إيران صعدت من إجراءاتها ضد إسرائيل بعد الهجمات الإسرائيلية السابقة على المصالح الإيرانية؛ ففي أبريل/نيسان الماضي، قتلت إسرائيل عددا من كبار المسؤولين الإيرانيين في هجوم على مبنى حكومي إيراني في سوريا، في اعتقاد إسرائيلي إلى أنه سيؤدي إلى ردع طهران، لكنه بدلا من ذلك حقق العكس، مما دفع إيران إلى استهداف إسرائيل بواحدة من أكبر وابل الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار في التاريخ العسكري.
فهل إسرائيل قادرة على المضي قدما؟
تقول «نيويورك تايمز»، إن إسرائيل تواجه تحديا فنيا متمثلا في تعزيز دفاعاتها ضد الطائرات بدون طيار التي تتحرك ببطء .
فعلى مدى الأشهر التسعة الماضية، أثبت نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي ــ الذي تم تطويره جزئيا بالشراكة مع الولايات المتحدة ــ قدرته النسبية على صد آلاف الصواريخ المعادية، سواء الباليستية من إيران أو تلك التي تطلق من غزة.
لكن النظام واجه صعوبات متكررة في تحديد وتعقب وتدمير الطائرات بدون طيار، وخاصة تلك التي يطلقها حزب الله من لبنان. وكانت اللقطات التي بثها حزب الله في يونيو/حزيران مثالاً واضحاً بشكل خاص على نقاط ضعف الدفاع الجوي الإسرائيلي.
فقد أظهرت اللقطات، التي تم تصويرها من طائرة بدون طيار تمكنت من الإفلات من الدفاعات الجوية الإسرائيلية، منشآت حساسة في مدينة حيفا في شمال إسرائيل.
وبحسب شافير، الجنرال السابق في القوات الجوية الإسرائيلية، فإن الطائرات بدون طيار التي تحلق على ارتفاعات وسرعات منخفضة، يصعب استهدافها، مضيفًا: لا يمكننا إغلاق جميع الحدود بشكل محكم. ما تستطيع الطائرات بدون طيار فعله هو التسلل من وقت لآخر عبر الدفاعات. وهذه هي النتيجة.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الهجوم الحوثي سلط الضوء على ضعف نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي ضد الطائرات بدون طيار، التي تحلق بسرعات أبطأ، وعلى ارتفاعات منخفضة وتنبعث منها حرارة أقل من الصواريخ والقذائف عالية السرعة.
ووفقًا للخبراء العسكريين، فإن هذه العوامل تجعل من الصعب تتبع الطائرات بدون طيار بالرادار واعتراضها بصواريخ أرض-جو.