عضوية المجلس الوطني أمانة عظيمة ومسؤولية كبيرة تجاه الوطن يجب ألا يحظى بها إلا من يدرك قيمة القسم الذي سيؤديه لأداء مهامه.
تشهد الأيام الحالية انطلاق العرس الانتخابي الذي بدأ معه حوار المجالس وحديث الساعة حول المرشحين وماهيتهم وإمكانياتهم واستحقاقهم، ولا شك أن جميع المرشحين يرون في أنفسهم الاستحقاق في خوض انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، وهذا حق مشروع لهم لا يمكن أن نطعن به، فجميعهم لديه أسبابه وأهدافه وهم محل استحقاق قانوني لذلك، ولكن حكومة الإمارات عملت بجهد كبير خلال السنوات الماضية للارتقاء بالأداء الانتخابي في الدولة، للوصول لعمل برلماني بنتائج ملموسه يشعر بها المجتمع، لذلك وجب أن تكون هناك مسؤولية مشتركة من جميع الأطراف المسؤولة لإنجاح هذا العمل والوصول الى أداء حقيقي لمجلس وطني قادم وفق معايير اختيار وأداء تقييم عالٍ ومسؤولية وطنية اجتماعية.
حتى نصل لمجلس وطني بأداء مؤثر من جميع الأعضاء وليس بروز فردي من البعض، علينا أن نعمل على ذلك، فدولتنا مليئة بالكفاءات ولا يمكن أن نصل للأداء المرجو وفق العملية الدائرة بالشكل الحالي! فكيف لي أن أطلب من الناخب أن يكون صوته أمانة في حين أني لم أوجه هذا الصوت! وكيف أئتمنه على صوته وهو تحت ضغط التأثير القبلي والعائلي! كيف أنتظر منه اختيار المرشح الأكثر كفاءة وهو لديه صديق يتمنى له الخير أو مؤثر اجتماعي يتأمل له النجاح - وهذا حق طبيعي جداً وليس تقليلاً منهم ويمكن أن يكونوا من أفضل المرشحين وأكفأهم - ولكن حتى أجرد الناخب من بعض الاعتبارات المجتمعية علي أن أضع أمامه صفوة المرشحين، وحينها يملك حق الاختيار فيما بينهم. لذلك وجب العمل بشكل مختلف بدءاً من قرار الفرد بالترشح إلى قيام اللجنة الوطنية بدورها في التأكد من الجودة النوعية للمرشحين وأخيراً وليس آخر تصويت الناخب.
نأمل أن تنتج عن هذه العملية الديمقراطية وصول أعضاء مدركين لأبعاد القرارات التي سيناقشونها تحت المجلس وأن يعملوا وفق مسؤولية وطنية اجتماعية تنعكس بشكل مباشر على المجتمع تضع الوطن فوق كل اعتبار وأن يستذكروا بشكل مستمر أنهم يؤدون عملاً نيابياً عن الشعب الذي اختارهم.
كيف ذلك؟ علينا أولاً أن نحدد مسؤولية الأطراف المسؤولة لإنجاح هذا العمل الوطني؟ ووضع الآليات التي من شأنها أن تصنع لنا مجلساً مؤثراً بأعضاء تعي العمل البرلماني ومسؤولياته فور دخولها تحت قبة المجلس؟
على المرشح الذي سيدخل المجلس الوطني أن يعرف المواد التشريعية التي سيعمل من خلالها، والدور المناط بالمجلس حتى يفهم منذ البداية حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ولا يمنع أن يتم اشتراط حصوله على رخصه مهنية لمزاولة النشاط البرلماني، فلا يمكن أن يقضي العضو سنة أو سنتين من فترته الممتدة لأربع سنوات، لتعلم سير العمل البرلماني دون تأثير حقيقي في سير النتائج.
لذلك يجب العمل على إعداد المرشح بالشكل المطلوب وتأهيله قبل دخوله إلى المعترك البرلماني حتى يصبح على استعداد لتأدية فتره برلمانية جيدة، وحتى يستطيع الناخب أن يوجه صوته بأمانه لاختيار المرشح المناسب، وعلى الجميع التعامل مع الانتخابات وفق ظروفها الحالية بمسؤولية مشتركة للوصول لأفضل النتائج.
نحن مدركون تماماً أن كل مترشح يرى في شخصه الاستحقاق والإمكانية في تمثيل الشعب والكفاءات كثيرة وجميعها محل تقدير، ولكن عليك بمجرد أنك اتخذت قرار الترشح أن تعي إلى أين أنت ذاهب ولماذا؟ وما هي أهدافك وهل تتوافق مع أهداف الناخب وتطلعاته، وما هو الدور المناط به عضو المجلس الوطني وما هي الأدوات التشريعية التي ستعمل من خلالها؟
عضوية المجلس الوطني أمانة عظيمة ومسؤولية كبيرة تجاه الوطن يجب ألا يحظى بها إلا من يدرك قيمة القسم الذي سيؤديه لأداء مهامه بأمانة وإخلاص وكفاءة تليق بالوطن وطموح قيادته ومواطنيه.
اللجنة الوطنية الانتخابات تبذل جهوداً في التعريف بالعملية الانتخابية من أجل الارتقاء بها وإنجاحها، وعلى الناخب أن يعي أن صوته أمانة وطنية سيرسم به نصف ملامح المجلس الجديد واتجاهاته السياسية والرقابية والتشريعية، وعليه أن يتجرد من بعض الاعتبارات المجتمعية وأن يحدد المعايير التي يرغب في توافرها في مرشحه، وأن يحدد خصائص نوعية تخصصية وهو مدرك لماهية المجلس الوطني. لا بد أن يكون هناك أشخاص تعي عمق ما سيتم العمل به من طرح تشريعات وسياسات وتوجهات، ونأمل أن تنتج عن هذه العملية الديمقراطية وصول أعضاء مدركين لأبعاد القرارات التي سيناقشونها تحت المجلس وأن يعملوا وفق مسؤولية وطنية اجتماعية تنعكس بشكل مباشر على المجتمع تضع الوطن فوق كل اعتبار وأن يستذكروا بشكل مستمر أنهم يؤدون عملاً نيابياً عن الشعب الذي اختارهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة