قرية الأمل.. بوابة عبور ذوي الهمم إلى سوق العمل في مصر
المصرية ندى ثابت تؤكد أن الهدف من إنشاء قرية الأمل هو تأهيل الأشخاص والأطفال ذوي الهمم لدمجهم فى المجتمع وتقديم الدعم لهم
بعد إصابة نجلها الصغير بمرض خطير أدى إلى فقدانه البصر وعدم القدرة على الحركة نتيجة إصابته بضمور في خلايا المخ، قررت المصرية ندى ثابت ألا تستسلم للظروف وخصصت قطعة أرض تمتلكها بمحافظة الإسكندرية لبناء قرية الأمل لرعاية الأطفال ذوي الهمم، وتحويلهم إلى عاملين منتجين في هذه القرية.
في حوارها لـ"العين الإخبارية" تروي ندى ثابت، 37 عاما، التي تركت عملها في منظمة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة، المرارة التي تجرعتها بعد اكتشافها مرض نجلها، وتكشف السبب الذي دفعها إلى أن تهب حياتها لرعاية الأطفال ذوي الهمم منذ عام 2001، ولماذا افتتحت قرية الأمل في برج العرب بالإسكندرية، وكيف استطاعت أن تجعل ذوي الهمم يديرون قرية إنتاجية بالكامل.. وإلى نص الحوار:
متى اكتشفتِ إصابة طفلك؟
بعد ولادته أصبت بالصدمة لاكتشافي أنه كفيف ولا يستطيع الحركة نتيجة إصابة خلايا المخ بضمور نتيجة الولادة المتعسرة، وبعد فشلي في إيجاد علاج له بمصر، قررت السفر للخارج في محاولة لإنقاذه من المرض، لذا سافرت به لعرضه على الأطباء في أوروبا، وهناك كانت الصدمة الأكبر في حياتي بعدما أخبرني الأطباء بأن حالة نجلي صعبة، وطالبوني بأن أقدم له جرعات مكثفة من الرعاية والحب والعطف، ولكن بفضل من الله بدأ نجلي يحرك عينيه عند عمر العامين، وبدأ يستجيب للعلاج، وأول كلمة أخرجها من فمه كان يبلغ حينها من العمر 11 عاما.
وقدمت لنجلي ماجد في المدرسة دون أن يذهب إليها مراعاة لحالته، ولكني فوجئت ذات يوم أن مدير المدرسة يريد إحضاره إلى المدرسة وخصص له فصلا كاملا تحت اسم "فصل الحياة"، ومن هنا جاءتني فكرة إنشاء قرية الأمل لمساعدة ورعاية وتأهيل الأطفال ذوي الهمم.
لماذا وهبتِ حياتك لرعاية الأطفال ذوي الهمم؟
بعد إصابة طفلي شعرت بالمرارة والحسرة التي تعيشها الأمهات والأسر مع أطفالهم المصابين بنفس مرض طفلي، فهذه المشاعر الصعبة المؤلمة جعلتني أخصص مشروعا عملاقا يخدم الأطفال ذوي الهمم، وأساعدهم في عمليات التأهيل والاندماج مع المجتمع المصري بشكل عام والأطفال بصفة خاصة حتى يتمكنوا من العيش معنا بشكل طبيعي دون وحدة أو عزلة.
ما السبب وراء إنشاء قرية الأمل؟
تعمل جمعية قرية الأمل للتنمية والتأهيل الاجتماعي لذوي الهمم بمحافظة الإسكندرية على تأهيل الأشخاص والأطفال ذوي الهمم لدمجهم في المجتمع وتقديم الدعم لهم، وتشجيع المؤسسات الأهلية للعمل في ذات القضايا والتشابك معها، والعمل على الحد من الإعاقات والتنسيق مع المؤسسات التنفيذية وصناع القرار، ونشر ثقافة العمل التطوعي بما يضمن حقوق ذوي الهمم.
وتعمل القرية منذ اليوم الأول على تدريب وتأهيل ذوي الهمم ذهنيا من خلال ورش حرفية متمثلة في تعليمهم المخبز الآلي، والزراعة، وأعمال النجارة، بالإضافة إلى تنظيم ندوات لهم ولأسرهم لتحديث التوعية والتعامل مع أطفالهم والمعاقين ذهنيا بشكل خاص وذوي الهمم بشكل عام
هل نجحت قريتك في تحقيق أهدافها؟
نعم، فجميع الأطفال والأشخاص ذوي الهمم الملتحقين بجمعية الأمل، نرى فيهم تحسنا كبيرا يجعلنا نشعر بأننا استطعنا النجاح معهم وساهمنا في تأهيلهم ودمجهم خلال المجتمع المصري بنسبة ليست قليلة، وفي خلال الفترة المقبلة ستشهد الأيام نجاحا كبيرا لقرية الأمل، خاصة أنهم جميعا أصبحوا يديرون القرية المنتجة، فهم المنتجون للمخبوزات بالإضافة إلى تمكنهم من عمل صوبات زراعية على مساحة فدان وكذلك ورش نجارة وسجاد، وقريبا سيتم طرح منتجاتهم في الأسواق المصرية.
وحاليا تقوم القرية بتفعيل مبادرة "غذاء أطفالنا" لمساعدة الصغار الممنوعين من تناول البروتين، والذين تم تشخيصهم طبيا بأنهم مرضى "bku"، حيث نحضر غذاء مخصصا لهم خاليا من البروتين مثل الخضار أو الفاكهة.
كم عدد ذوي الهمم في القرية؟
الآن وصل العدد إلى 45 طفلا، فهي نسبة معقولة جدا خاصة أن المشروع بدأ في أول الأمر بـ5 أطفال فقط، فمنهم من يقضي وقتا ويذهب مع أهله يوميا ومنهم من يقيم في القرية إقامة كاملة ويذهب لأهله يومين فقط نظرا لبعد المسافة بين القرية ومسقط رأسه.
ولماذا اخترتِ إقامة المشروع في برج العرب؟
لأن عائلتي تمتلك قطعة أرض كبيرة هناك، فقررنا أن تكون المساحة كبيرة وتتيح لنا وضع العديد من التخصصات في مجال الإعاقة، وكذلك تخصيص أماكن ذات مساحة واسعة لإتاحة الأدوار التفاعلية مع الأطفال ذوي الهمم، بالإضافة إلى أننا تمكنا من إقامة مساحة خضراء على مساحة واسعة لإراحة أعصاب الجميع بداية من العاملين في هذا المشروع وصولا إلى الأطفال ذوي الهمم.
من يساعدك في تنفيذ هذه المهمة الشاقة؟
في القرية يقوم المتخصصون برعاية الأطفال سواء بتعليمهم النشاطات المختلفة، فضلا عن كيفية التعامل مع بعضهم البعض وكيف يتحدثون سويا دون تدخل منا، إضافة إلى أن جميع العاملين في القرية يعملون على تطوير مهارات الأطفال التخاطبية من خلال وضع خطة عمل مكثفة ليتمكنوا من التعبير عن احتياجاتهم دون اللجوء إلينا.