ممرضة تكشف لـ"العين الإخبارية" كواليس الاعتداء على طاقم مستشفى قويسنا
لا تزال أصداء الاعتداء على طاقم طبي في مستشفى حكومي بمحافظة المنوفية، شمال العاصمة المصرية القاهرة.
فوجئ المصريون بانتشار مقطع فيديو قبل أيام يوثّق حادثة اعتداء مجموعة من الأشخاص -بينهم ضابط في القوات المسلحة- على طاقم التمريض والعاملات في مستشفى قويسنا المركزي في المنوفية.
ومع تحوّل الواقعة إلى قضية رأي عام، رفضت الممرضات والعاملات المُعتدى عليهن القبول بأي تعويض مادي للتنازل عن حقوقهن.
حادث مستشفى قويسنا.. ما الذي جرى؟
الممرضة نورهان منصور، إحدى ضحايا الواقعة، تقول لـ"العين الإخبارية": "كانت الأجواء هادئة في المستشفى حتى الساعة الخامسة مساءً، عندما دخلت مريضة تعاني نزيفاً إلى قسم (أمراض النساء الداخلي) وبصحبتها 4 مرافقين من بينهم ثلاثة سيدات".
وتضيف "نورهان": "كما هو معتاد، اتخذت وزميلاتي الإجراءات المتبعة في مثل تلك الحالات واتصلنا بالطبيب المختص لاستدعائه، لكنه كان منشغلا بإجراء جراحة قيصرية وطلب صورة أشعة سونار للمريضة وبعض التحاليل والفحوصات خلال فترة الانتظار".
وعقب خروج الطبيب من غرفة العمليات وذهابه للاطمئنان على صحة المريضة -والحديث على لسان "نورهان"- فوجئ بعدم وجودها داخل القسم فتوجّه لرؤيتها في الطابق السفلي، لكن المريضة عادت مرة أخرى إلى القسم.
وتابعت: "على الفور هاتفت الطبيب بعودة المريضة إلى القسم مرة ثانية، وفي أثناء المكالمة بدأت السيدات المصاحبات للمريضة بتهديد طاقم التمريض واتهامه بعدم الاهتمام بالحالة وتعمده التلكؤ في إسعافها".
الأحداث تشتعل في المستشفى
وأشارت إلى أن الأحداث اشتعلت مع صفع إحدى المرافقات مشرفة في المستشفى على وجهها، وتوعدهن إياهن بالضرب.
وأوضحت أن الفريق المصاحب للمريضة انطلق في حلقة متصلة من السباب والاعتداء على فريق الإشراف والعاملات والممرضات، واستعدوا آخرين أحدهم يحمل كرباجاً "ضربني بلا هوادة فضلاً عن سلسلة شتائم لا تنقطع".
ولفتت إلى أنهم استدعوا الأمن الداخلي في المستشفى للسيطرة على الموقف، لكنهم غادروا المكان بعد أن هددهم أحد الحاضرين، تبيّن لاحقاً أنه ضابط طيّار.
وأكدت "نورهان" أن المريضة كانت بصحة جيّدة وخرجت في أثناء اندلاع المناوشة بين مرافقيها وطاقم التمريض بالمستشفى وشاركت في خطف وكسر هاتفها بعد أن انتبهت إلى تصوير الواقعة.
الشرطة تسمح للضابط بالانصراف
ولدى قدوم قوات الشرطة، اصطحبت الجميع إلى إحدى غرف المستشفى، وبعد حديث جانبي سمح قائد المجموعة للضابط الطيّار بالانصراف، وبقينا نحن، تقول "نورهان".
وتابعت: "حررنا محاضر بالسرقة والضرب بقسم الشرطة وأرفقنا بها 9 تقارير طبية تؤكد الاعتداء على 4 عاملات و4 ممرضات وفرد الأمن، للحفاظ على حقوقنا".
وأكدت أن هناك محاولات من مدير المستشفى للضغط عليهن للتنازل عن المحاضر وإنهاء المشكلة بطريقة ودية مقابل تعويضات مالية ومعنوية، لكنهم رفضوا هذه الطريقة، مشيرة إلى أن إدارة المستشفى تعمدت التباطؤ في الإجراءات لتأخير عرضهم على النيابة.
وشددت على أنها لن تعود إلى عملها مجدداً إلا بعد التحقيق في الواقعة والحصول على حقها.
ونفت "نورهان" ما تمّ تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي عن تعرضها لإجهاض جنينها نتيجة الضرب، مؤكدة أنها ليست حاملا.
وبنبرة حزن استرسلت "نورهان" حديثها قائلة: "منذ يوم الواقعة وأنا وطاقم التمريض والعاملات اللاتي تعرضنا للضرب لم نبرح منازلنا إلا يوم حضور الوزير لتطييب خاطرنا، لأن حالتنا النفسية سيئة للغاية، ولا نزال في حالة صدمة مما تعرضنا له".
وتختتم حديثها مع "العين الإخبارية" قائلة: "لم نتباطأ أو نقصِّر في عمل الإسعافات المطلوبة للمريضة، وكاميرات المراقبة تثبت صدق روايتنا، وكل ما قيل عن أن الممرضات تعمدن ذلك غير منطقي وغير مقبول وغير مدعوم بأي دليل".
وزير الصحة يزور المستشفى
لاحقاً، زار وزير الصحة المصري خالد عبدالغفار المستشفى لتطييب خاطر الممرضات وأكد لهن أن حقوقهن محفوظة، وأن الدولة لن تسمح بالاعتداء على "ملائكة الرحمة"، وهو ما قالت عنه "نورهان" أنّه كان تصرفاً جيداً من قبل الوزير لكنها لا تزال منتظرة العقاب الرادع للمتهمين.
ضغط وابتزاز
والتقط فؤاد عبدالحميد طرف الخيط الحديث من زوجته الممرضة نورهان منصور، كاشفاً لـ"العين الإخبارية" عن تفاصيل محاولة والد الضابط المتهم بالضغط عليهم، بعد أن عرض عليهم أي تعويض مادي أو معنوي يرتضونه لقبول التصالح والتنازل عن المحضر، غير أن رفضهم القاطع قوبل بتهديدات مبطنة من قبل إدارة المستشفى والوسطاء الحاضرين مع أهل المتهم.
وحول جلسة الصلح، أكد فؤاد أن ثمة خديعة حدثت، حيث خُيّل للمعتدى عليهم أنهم ذاهبون للقاء وكيل النيابة لسؤالهم عن الواقعة، غير أنهم وجدوا أنفسهم في جلسة دبّرها مدير المستشفى للصلح بين المجني عليهم وأسرة المتهم.
وأكد فؤاد أن هناك إجماعاً بين المجني عليهم بعدم التصالح في القضية مهما كانت الضغوط أو المغريات لأن كرامتهم لا تقدر بثمن.
النيابة العامة تتدخل
وأصدرت النيابة العامة المصرية، الأحد 4 ديسمبر/كانون الأول، بياناً جاء فيه أنها تلقت بلاغا في الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري من ممرضات وعاملات وفرد أمن بمستشفى قويسنا المركزي لتعدي ذوي مريضة -بقسم أمراض النساء- عليهم، وإحداث إصابات بهم، على إثر خلاف حول إجراءات العلاج.
وأضافت: "كان من بين المشكو في حقهم ضابط اختصَّت النيابة العسكرية بالتحقيق في البلاغ المحرَّر ضدَّه، واختصت النيابة العامة بالتحقيق في الوقائع المسندة لباقي المشكو في حقهم".
وذكرت أنها انتقلت للمستشفى وعاينته، وأثبتت ما لحق ببعض أجهزتها الطبية وأثاثها وجهاز تسجيل آلات المراقبة بها من تلفيات، واستمعت لأقوال مدير أمنِ المستشفى وفردَيْ أمنٍ حول الشجار الواقع بقسم أمراض النساء ما بين ذوي المريضة المشكو في حقهم وطاقم التمريض، وما نتج عنه من إصابات بالممرضات وفرد الأمن، وحدوث التلفيات التي عاينتها النيابة العامة.
وأشارت البيان إلى أن النيابة العامة استمعت لشهادة مسؤول كاميرات المراقبة، الذي أفاد بوجود نسخة احتياطية من تسجيلات الكاميرات التي رصدت الواقعة، موضحاً أن النيابة العامة استدعت مدير المستشفى وباقي أطراف الواقعة لسماع أقوالهم، وجارٍ استكمال التحقيقات.
القوات المسلحة المصرية تؤكد كامل احترامها لمبدأ سيادة القانون
ويوم السبت، الثالث من ديسمبر/كانون الأول، أعلن العقيد غريب عبدالحافظ، المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية، أن القوات المسلحة تتابع عن كثب ما أُثير بمواقع التواصل الاجتماعي بشأن واقعة مستشفى قويسنا المركزي.
وأشار إلى أن القوات المسلحة تؤكد كامل احترامها لمبدأ سيادة القانون، وتهيب بالجميع تحري الدقة والانتظار لحين انتهاء التحقيقات.
المجلس القومي للمرأة: سنقدم المساعدة القانونية للممرضات
من ناحيتها، قالت مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة في مصر، إن المجلس سيقدم كل المساعدة القانونية للممرضات.
وأضافت عبر فيس بوك: "مصر دولة قانون، وتعدي أهالي المرضى على أطباء أو طبيبات أو ممرضين أثناء تأدية عملهم مُعاقب عليه بالقانون.. ويطبق قانون التعدي على موظف عام".
aXA6IDE4LjIyNC43MC4xMSA=
جزيرة ام اند امز