من أوكرانيا لأفريقيا.. «المرتزقة» المهنة الأكثر رواجا في ساحات القتال

من أوكرانيا إلى أفريقيا ساحات قتال اندلعت مؤخرًا، مما أنعش سوق المرتزقة، التي شهدت إقبالا غير مسبوق على خدمات الجنود المحترفين المستأجرين.
ومع تنامي الطلب على المهارات القتالية خارج الجيوش النظامية، تحولت دول مثل كولومبيا - التي أنتجت مقاتلين مخضرمين بسبب عقود من الصراع الداخلي – إلى مراكز رئيسية لتصدير «الجنود المرتزقة» الباحثين عن الثراء والمجد، أو فقط لإثارة شغفهم بالقتال، وفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال».
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه رغم ما تحمله جبهات القتال من مخاطر قد تشمل الإصابة أو الوفاة، يقود جيل جديد من المحاربين العمليات القتالية في الخطوط الأمامية للمناطق الساخنة في أوكرانيا والشرق الأوسط، مقابل رواتب مرتفعة.
استمرار الحروب
وأشارت الصحيفة إلى أن تدفق هؤلاء المحاربين لعب دورًا كبيرًا في استمرار الحروب، كون وصول هؤلاء المرتزقة الأجانب ساهم في تحويل جبهات القتال إلى خنادق مليئة بمجموعة متنوعة من اللغات الأجنبية.
وبحسب الإحصاءات، فإن أوكرانيا استقبلت لوحدها نحو 20 ألف جندي أجنبي، جاء بعضهم من منطقة القوقاز المجاورة، بينما جاء آخرون من مناطق بعيدة مثل شبه القارة الهندية وشرق آسيا وأمريكا الجنوبية.
وكان من بين هؤلاء الجنود، مقاتلون من الأرجنتين الذين كانوا منتشرين في هايتي، والبرازيليين الذين حاربوا تجار المخدرات، والكينيين الذين شاركوا في القتال ضد تنظيم القاعدة في أفريقيا، وفقًا للمقابلات والملفات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.
ورغم التدفق الكبير للمقاتلين في الأيام الأولى من الحرب، بمن فيهم قدامى المحاربين الأمريكيين والأوروبيين الذين قدموا للقتال من أجل «الديمقراطية» أو من أجل إثارة المعركة، فإن أعداد المقاتلين الغربيين بدأت في التراجع تدريجيًا مع تحول الحرب إلى معركة شاقة وطويلة.
ورغم تراجع أعداد المقاتلين المرتزقة في العصر الحديث، حيث تم استبدالهم في الغالب بالمجندين والجنود المحترفين، إلا أن هؤلاء المرتزقة لم يختفوا تمامًا. بل إن كولومبيا، التي تمتلك مخزونًا ضخمًا من المحاربين القدامى الذين خاضوا حروب المخدرات لعقود، أصبحت منجم ذهب لمجندي المرتزقة.
وفي وقتٍ يشهد فيه البلد زيادة في عدد القتلى الكولومبيين في الخارج والصراعات الدبلوماسية المعقدة، فإن حكومة الرئيس اليساري جوستافو بيترو تعمل على إصدار قانون يحظر على المواطنين الكولومبيين العمل كمرتزقة.
وقد تلقت وزارة الخارجية الكولومبية طلبات لإعادة جثث 186 جنديًا كولومبيًا قتلوا في أوكرانيا، مما يجعلها من بين أعلى معدلات القتلى من المقاتلين الأجانب في الحرب. كما أكدت الوزارة أن 122 آخرين يعتبرون في عداد المفقودين أثناء القتال.
وقد سلط التقرير الضوء على حالة المقاتل الكولومبي بينيلا، الذي عمل كمرتزق في جيوش أجنبية بعد تقاعده من الجيش الكولومبي في 2014.
وخاض جوني بينيلا معارك مع العصابات المسلحة في غابات بلاده لمدة عقد من الزمان. لكنّ القتال المحموم الذي خاضه في أوكرانيا، جعل قتاله في بلاده أشبه بنزهة، عندما واجه نيران المدفعية الروسية بعد تطوعه للانضمام إلى الجيش الأوكراني.
وذكر التقرير، أن بينيلا يتلقى حاليًا 3300 دولار شهريًا في أوكرانيا مقابل قتاله ضد القوات الروسية، وأوضح أنه لا يخطط للتوقف عن القتال، بل ينوي الانتقال إلى ساحة قتال أخرى حالما يتوقف القتال في أوكرانيا.
واختتم التقرير بالتأكيد على أنه بالنسبة للكثيرين من هؤلاء المقاتلين، فإن الحرب لم تعد سوى وظيفة، رغم المخاطر التي قد يواجهوها سواء في ساحة المعركة أو خارجها.