الصحافة مهنة المتاعب، لكنها لا تخلو من الغرائب والعجائب.. مهنة شاقة تعتمد على اللياقة واللباقة وتحتاج إلى الدبلوماسية في مواقف خاصة.
في هذا المقال أسرد لكم واحدة من المواقف المحرجة التي تعرّض لها الصحفي محمد صلاح، في بداية مشواره الصحفي بحي الزمالك بالعاصمة المصرية، القاهرة.
يقول الكاتب الصحفي المصري محمد صلاح: عند وفاة أمير الصحافة المصرية، محمد التابعي، "كنت في بداية مشواري الصحفي، وكلّفني رئيس تحرير "أخبار اليوم"، مصطفى أمين، بكتابة قصة صحفية عن الفقيد، وكان ذلك بعد خروجه -أي أمين- من السجن، وكان اليوم يصادف الجمعة، ونشرت الصحف خبرًا قصيرًا عن رحيل محمد التابعي.
ولم يسبق لمحمد صلاح اللقاء بأمير الصحافة في أثناء حياته غير أنه كان يسمع عنه ويقرأ مقالاته الشهيرة.
يضيف الكاتب الصحفي محمد صلاح أنه انطلق مع مصور الجريدة لبيت الراحل محمد التابعي في حي الزمالك، فضغط على جرس الباب، وبعد برهة خرجت امرأة تبدو على وجهها ملامح الحزن، وعندما أخبرها بأنه صحفي في "أخبار اليوم"، فوجئ بصراخها في وجهه وهي منفعلة، وقالت بصوت هستيري: "اطلع بره!"، ثم أخذت تكيل الشتائم لدار "أخبار اليوم" وإلى صاحبَيْها "مصطفى وعلي أمين" وإلى جميع الصحفيين العاملين في المؤسسة.
يروي محمد صلاح: استولى عليّ الذهول وتسمّرت في مكاني، وأنا لا أعرف سبب ثورة السيدة هدى التابعي، غير أن ابنتها "شريفة" حضرت على وقع صوت والدتها وأخذت تهدئ من روعها وأخبرتها بأنه مجرد صحفي وليس له شأن بمسألة الخلاف القديم بين محمد التابعي و"أخبار اليوم".
وأنا أتأمل موقف محمد صلاح مع زوجة أمير الصحافة، هدى التابعي، تذكرت قصة مشابهة حدثت معي عندما أجزتُ مقالًا صحفيًّا لأحد كُتّاب "صحيفة مكة الإلكترونية"، كان مؤيدًا لأحد القرارات القاضية بتوقيف أحد الكُتاب، الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء في اللقاءات الإعلامية.
وفي ظهيرة أحد الأيام تلقيتُ اتصالًا من امرأة تقول إنها زوجة الكاتب الموقوف، وأنها قرأت المقالة واطلعت عليها، وأخذت تعاتبني على النشر، وتقول: "ليس من البطولة أن يكتب الكاتب عن شخص موقوف".. وكما تسمّر محمد صلاح أمام صياح هدى التابعي، تسمرت في مكاني من صوت أم (….) فقد أصابني الذهول واحترت: ماذا أقول، استشعرت موقفها وقدّرت مشاعرها وأخذت أهدئ من ثورتها، وأُثني عليها، وقلتُ إن الكاتب مجرد مؤيد للقرار ويطالب بمعاقبة كل من يتجاوز ولم يتطرق لموضوع زوجك ولا لقضيته..
وبالمناسبة الكاتب يحمل حرف "الدال" وهو رجل مسؤول.
قاطعتني، وقالت: "بحثت عنه وأعرف أن والده شيخ القبيلة".
ختامًا:
المواقف المحرجة التي يمر بها الصحفيون متعددة، هناك من يتفهّم طبيعة العمل الصحفي، ويقدّر، وهناك للأسف من يجهل ولا يعذر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة