هجوم الكابيتول.. رواية جديدة بتوقيع جمهوري

رغم مرور 4 أعوام، لا يزال الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021، جرحا غائرا في جسد الكونغرس الأمريكي.
في خضمّ صراعات حزبية شرسة، تستعد لجنة جديدة بقيادة الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي للتحقيق مرة أخرى في هجوم الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021، بهدف إعادة صياغة الرواية حول أحداث ذلك اليوم.
لا يزال الجمهوريون يشعرون بالمرارة إزاء عمل اللجنة السابقة، التي قادها الديمقراطيون إلى حد كبير وخلصت إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو المسؤول الوحيد عن العنف الذي مارسه مؤيدوه احتجاجاً على نتائج الانتخابات الرئاسية 2020، وذلك وفقاً لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وفي تصريحات لـ"بوليتيكو"، لم يستبعد أحد أعضاء الحزب الجمهوري في اللجنة الجديدة، وهو النائب كلاي هيغينز، استجواب أعضاء اللجنة السابقة، وقال: "لم يكونوا منخرطين في عمل تحقيقي فعلي على أي حال".
هيغينز، الذي روّج لنظرية لا أساس لها من الصحة بأن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) ساعدوا في تنسيق أحداث الكابيتول، أضاف: "لم يكن هذا الأمر مشروعًا قط.. كان دائمًا متحيزًا.. وبالتالي، إذا استجوبناهم، فقد يكون بهدف دفعهم إلى توريط أنفسهم في أكاذيب قدموها على أنها حقيقة".
أما رئيس اللجنة، النائب باري لودرميلك، فكشف أن موظفي الحزب الجمهوري كانوا يعملون بصمت لأشهر، حتى قبل أن يتحرك رئيس مجلس النواب مايك جونسون الشهر الجاري لإضفاء الطابع الرسمي على التحقيق.
وأوضح لودرميلك أن فريقه "يتحدث مع جهات مختلفة"، ويراجع الوثائق، ويتبادل الأفكار حول أهداف التحقيق المحتملة، وقال: "علينا أن ننظر إلى الأمر من منظور واقعي".
وأضاف: "الوضع خطير هناك.. كان هناك الكثير من المدنيين، بالإضافة إلى أعضاء الكونغرس والموظفين وحتى الصحفيين الذين كانوا هنا، وأعتقد أننا جميعًا مهتمون بمعرفة سبب اختراق مبنى الكابيتول بغض النظر عمن فعل ذلك وكيف حدث ذلك؟"
لكن بالنسبة للديمقراطيين، وحتى بعض الجمهوريين، فإن هذا المنطق هو ستار للغرض الحقيقي لعمل اللجنة، وهو إعادة كتابة تاريخ الهجوم لتقليل مسؤولية الرئيس وأنصاره الذين حاولوا تعطيل التصديق النهائي على خسارة ترامب في انتخابات 2020.
وكانت اللجنة الخاصة السابقة قد خلصت إلى أن "خطاب ترامب التحريضي، وأشهر من الادعاءات الكاذبة لإثارة الشك حول هزيمته في انتخابات 2020، قد ألهبت مشاعر مؤيديه قبل وقت قصير من توجيهه لهم بالسير نحو مبنى الكابيتول".
لكن اللجنة أقرت أيضًا بأن مسؤولي أمن الكابيتول لم يكونوا مستعدين جيدًا للهجوم، مما أدى إلى اقتحام المبنى ووقوع عدة مواجهات بين مثيري الشغب والمشرعين.
وقال النائب الديمقراطي جيمي راسكين، الذي شارك في اللجنة السابقة ويشارك في اللجنة الجديدة: "يبدو أنهم غير قادرين حتى على تحديد نظرية المؤامرة التي يريدون الترويج لها.. لا يستطيعون فهم ما يريدون قوله، لأنه مجرد خيوط من الأكاذيب ونظريات المؤامرة".
ويرتبط التحقيق الجديد بعودة ترامب إلى الرئاسة وجهوده الحثيثة لإنكار أي مسؤولية عن الهجوم، واتهام خصومه السياسيين باضطهاد مؤيديه، ففي أول يوم له في منصبه أصدر عفواً عن حوالي 1000 من المشاركين في الهجوم، وأمر وزارة العدل بإسقاط القضايا الجنائية المعلقة ضد مئات آخرين.
ويدور جدل مستمر حول ما إذا كان ينبغي تعليق لوحة تذكارية، سبق أن كلّف بها الكونغرس، لتكريم أولئك الذين حموا مبنى الكابيتول في ذلك اليوم، حيث رفض رئيس المجلس مايك جونسون الأمر، في حين أعرب لودرميلك عن دعمه الشخصي للضباط، لكنه قال إن القرار "ليس من اختصاصي".
ولا تزال اللجنة الانتخابية السابقة، بقيادة النائب الديمقراطي بيني طومسون والنائبة الجمهورية السابقة ليز تشيني، تشكل نقطة حساسة للغاية بالنسبة لترامب والعديد من الجمهوريين، فحتى بعد حلها استمر ترامب في وصف تقريرها بـ"الخدعة"، ووصف قادتها بـ"البلطجية السياسيين".
لطالما كانت إعادة التحقيق في الهجوم أولوية للودرميلك، الذي خضع للتدقيق بسبب جولة لمجموعة من أنصاره في المبنى، اتضح لاحقاً أن أحدهم نشر مقاطع فيديو تحريضية، وسار باتجاه الكابيتول يوم الهجوم، لكن لم يدخله.
وبعد استعادة الجمهوريين الأغلبية في مجلس النواب عام 2023، قاد لودرميلك تحقيقاً "حول إخفاقات وتسييس لجنة 6 يناير"، وذلك بصفته رئيساً للجنة الفرعية للرقابة الإدارية في مجلس النواب، لكنه قال إن بعض الجهات لم تتعاون مع طلباته.
لكن لودرميلك هذه المرة يرأس لجنة فرعية تابعة للجنة القضائية، لذا فهو يتمتع بسلطة استدعاء كاملة لإجبار المدعى عليهم على الامتثال لمطالبه.
وجاء التأسيس الرسمي للجنة بعد أشهر من المفاوضات حول نطاقها وصلاحياتها، بحسب لودرميلك، الذي قال إنه سعى للحصول على اختصاص قضائي أوسع مما كان فريق جونسون مستعداً لمنحه، وذلك قبل أن تضغط إدارة ترامب سراً لبدء عمل اللجنة.
وإلى جانب لودرميلك وهيغينز، تضم اللجنة النواب الجمهوريين مورغان غريفيث، وتروي نيلز، وهارييت هاجمان، بالإضافة إلى النواب الديمقراطيين إريك سوالويل، وجاسمين كروكيت، وجاريد موسكوفيتز.
وبحكم منصبه كرئيس للجنة القضائية في مجلس النواب، سينضم الجمهوري جيم جوردان للجنة، إلى جانب جيمي راسكين كبير الديمقراطيين في اللجنة القضائية.
ولا تضيع اللجنة أي وقت في إطلاق جهود لمراجعة نتائج اللجنة السابقة، ففي وقت سابق من الشهر الجاري، بعث لودرميلك رسائل إلى بعض الشركات والجهات الأخرى التي كانت على اتصال باللجنة السابقة لطلب بيانات حُذفت أو لم تُؤرشف.
ولا تزال التفاصيل الأخرى حول عمل اللجنة في الأشهر المقبلة غامضة. وقال لودرميلك إنه يتوقع إصدار تقرير نهائي، بينما ستُعقد جلسات الاستماع "بناءً على الحاجة واستناداً إلى الأدلة التي نجمعها".
وأضاف أن فريقه يُركز على اللغز الذي لم يُحل بعد، المتعلق بالقنابل الأنبوبية التي وُضعت بالقرب من مكاتب اللجنة الوطنية الجمهورية واللجنة الوطنية الديمقراطية في اليوم السابق لأعمال الشغب، واستعانة (إف بي آي) بمصادر بشرية سرية كانت موجودة في المبنى، وهي أمور غذّت نظرية المؤامرة حول تورط الحكومة في أعمال العنف.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز