إيجارات المساكن ترهق اليمنيين.. بدائل مؤلمة
أجبر الارتفاع الجنوني في أسعار الشقق السكنية والعقارات في صنعاء، نبيل الخولاني (48 عاما) للسكن والعيش في دكان صغير هو وعائلته.
ظل نبيل يبحث عن شقة سكنية ملائمة لأسرته المكونة من 5 أفراد لأكثر من 9 أشهر تناسب دخله اليومي قبل أن يقرر السكن في دكان في الشارع الدائري في العاصمة صنعاء، غير صالحة للعيش الآدمي لفقدانها تفاصيل البيوت المعيشية الآمنة والمناسبة.
ويعد نبيل أحد المواطنين العاملين في الأجر اليومي، وقد أثر ارتفاع أسعار إيجارات الشقق السكنية على حياته وجعلها أكثر مرارة، بالإضافة إلى جشع ملاك العقارات، وتواطؤ الحوثيين.
•• معاناة قاسية
ويقول المواطن اليمني نبيل الخولاني، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه اضطر لمغادرة شقة مسكنه الأولى التي كان يعيش فيها، بعد أن رفع مالك العمارة قيمة الإيجار إلى 90 ألف ريال (165 دولارا)، بعد أن كان مستأجر لها بـ25 ألف ريال يمني (تعادل قرابة 50 دولارا)
- تقليص المنظمات الأممية للمساعدات باليمن.. مخاوف من مجاعة وشيكة
- فيضانات وجفاف.. التغير المناخي يعصف بقطاع الزراعة اليمني
وأضاف أن عمله بنظام الأجر اليومي، لا يمكنه من تحمل دفع إيجار مبلغ وصفه بـ"المُنهك"، وأن ما يتقاضاه من عمله اليومي لا يتجاوز نصف مبلغ الإيجار الذي كان مالك الشقة يطلبه منه.
وأشار إلى أنه يدفع إيجارا شهريا للدكان، الذي تبلغ مساحته (5 أمتار × 3 أمتار مربع) نحو 25 ألف ريال (50 دولارا)، وأنه لم يستطع الحصول على شقة بإيجار قادر على دفعه.
وأوضح أنه ورغم قلة المبلغ مقارنة بأسعار الشقق الجنونية، فإنه تسبب بتقليص تناول بعض وجبات الأكل، ليتوفر مبلغ إيجار الدكان.
ونبيل هو أب لخمسة أطفال، ويعد عائلهم الوحيد، ويحاول جاهدا توفير متطلبات المعيشة اليومية من المواد الأساسية، في ظل ارتفاع معيشي سيئ، وانهيار في اقتصاد البلد بسبب الحرب الحوثية.
وحُدد لـ"نبيل" مهلة ثلاثة أشهر لإخلاء الشقة بعد أن قدمت عناصر من قوات المليشيات إلى مسكنه وإبلاغه بسرعة الإخلاء، ما إن انتهت مهلة الأشهر الثلاثة وتعثر نبيل بالحصول على شقة مناسبة له وأسرته وباستطاعته دفع إيجارها.
وبعد ذلك وجد نبيل نفسه مضطرا لاستئجار أحد دكاكين حارات الشارع الدائري في صنعاء، ليستر أسرته من العراء، وتهجمات المليشيات، تحت مبرر انتهاء مهلة الإخلاء، بحسب ما يحدده قانون الحوثي، وبدون وضع أي اعتبارات للمواطنين الضعفاء، الذين لا قوة ولا سلطة لهم في ظل حكم اللادولة الحوثية.
لم يكن المواطن نبيل الخولاني الوحيد الذي طالته آثار ارتفاع أسعار الإيجارات، فقد أنهك غلاء إيجارات المساكن والعقارات في مناطق سيطرة المليشيات، ملايين اليمنيين، وسط جشع الملاك وضعف القوانين من جهة، وتوقف الرواتب وتواطؤ الحوثيين من جهة أخرى.
•• فرض رسوم مضاعفة
وأدى فرض مليشيات الحوثي الإرهابية رسوما مضاعفة على ملاك العقارات والشقق السكنية، وتوفير بيئة آمنة لمالكي المنازل بارتكاب أبشع التعاملات بحق المواطنين، من حيث وضع تشريع قانوني، بأحقية إخراج المالك للمؤجر في حال تقدم أنه يحتاج إلى شقته للاستخدام الشخصي، وبعدها يقوم بتأجيرها بمبالغ مضاعفة.
هذا التشريع الذي استبعد أي أهمية للمواطنين، كونهم أول ضحايا جشع مالكي العقارات والشقق السكنية، جعل منهم معاناة وقصصا مشردة في الشوارع، باحثة عن مأوى، بعد أن ظلت تبحث عن لقمة العيش رغم قساوة الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي تسببت به المليشيات منذ قيامها بالانقلاب.
•• جبايات العقارات
ناشطون حقوقيون في تصريحات لـ'العين الإخبارية" قالوا إن مليشيات الحوثي ضاعفت رسوم جبايات المنازل والعقارات بشكل غير قانوني، والتي تتقاضاها من مالكي هذه المنازل والعقارات، الأمر الذي دفعهم لرفع الإيجارات على المستأجرين.
وأضافوا أن غالبية المستأجرين هم من النازحين والمعدمين، والموظفين الذين فقدوا أو حرموا من مرتباتهم منذ أكثر من 5 أعوام.
وأشاروا إلى أن العاصمة صنعاء تشهد ارتفاعا غير مسبوق في أسعار إيجارات الشقق السكنية والمنازل، حيث أصبح الحصول على منزل أو شقة للإيجار مشكلة كبيرة تواجه المواطنين، خصوصا النازحين، وأن دكاكين الأحياء تحولت إلى مساكن لمئات الأسر اليمنية في صنعاء.
ونوهوا إلى أن هذه الدكاكين لا تصلح للسكن على المستوى الأسري.
ويعاني المواطنون القاطنون في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، معاناة مأساوية، في ظل فرض المليشيات الجبايات على مختلف القطاعات الخاصة في مناطق سيطرتها.
•• أسعار الشقق
وبلغت أسعار إيجارات الشقق السكنية في صنعاء شقة (أربع غرف، و2 حمام، وصالة، ومطبخ) نحو 250 ألف ريال (500 دولار) في بعض مناطق العاصمة، فيما متوسط أسعار الشقق والتي تتكون غالبا من 3 غرف ومطبخ، 120 ألف ريال يمني.
الناشط اليمني والإعلامي بشير طاهر، يقول خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن آلاف الأسر اليمنية في مناطق صنعاء والحديدة وإب، يشكون من جشع ملاك المنازل وغطرستهم وأنانيتهم بشكل جنوني وكأنهم ينفذون أوامر تابعة للمليشيات لإذلال المواطنين.
وأضاف بشير طاهر أن المواطن في معظم مناطق الحكم المليشاوي، أصبح يعيش الهم طيلة أيامه، والسعي بكل طاقته لتوفير سبل الحياة الضرورية فقط من غذاء ورسوم إيجار.
وأكد أنه عبر هذه الطرق تستغل المليشيات إشغال المواطنين عن المطالبة بحقوقهم، فلا وقت للتفكير بذلك أمام ضغوط متطلبات الحياة الأسرية التي أنهكت رب كل أسرة وتركتهم في سباق دائم مع نهاية الشهر كيلا يصل بهم الحال للإهانة ورميهم إلى الشوارع من قبل ملاك المنازل.
وأشار إلى أن معاناة المواطنين تتفاقم منذ أن سلبت مؤسسات الدولة من قبل المليشيات، التي استباحت كل ما وقع أمام أعينها.
واقع مرير في ظل حكم مليشيات وغياب القانون والدستور تحولت فيها صنعاء وباقي مدن الحكم الحوثي إلى غابة، القوي يأكل الضعيف، وفقا للناشط اليمني.