تحشيدات عسكرية حوثية في البيضاء.. وتحذيرات يمنية من «مجزرة جديدة»
تحشيدات عسكرية حوثية دفعت بها المليشيات، لـ«قمع» قبائل البيضاء بعد يومين من مواجهات في بلاد قيفة، في وضع حذرت منه الحكومة الشرعية باليمن.
وكانت مديرية ولد ربيع الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من محافظة البيضاء (قلب اليمن) شهدت مواجهات بين القبائل ومليشيات الحوثي في بلدة حمة صرار، ما تسبب بسقوط قتلى وجرحى من الطرفين، الأربعاء الماضي، قبل تدخل وساطة قبلية للتهدئة مؤقتا.
وقالت مصادر قبلية ومحلية لـ«العين الإخبارية»، إن تعزيزات عسكرية جديدة لمليشيات الحوثي وصلت إلى المنطقة، تتألف من معدات ثقيلة بينها دبابة ومدرعة ومئات العناصر المدججة بالأسلحة، فيما بدأت طائرات مسيرة بالتحليق المكثف في سماء مناطق قيفة لـ«إرهاب المدنيين ورجال القبائل من أي مقاومة».
وأكدت المصادر أن التعزيزات التي بدأت بالتدفق إلى محيط بلدة حمة صرار تحديدا منذ ظهر الجمعة، تكشف عن «اعتزام المليشيات الحوثية اجتياح المنطقة عسكريا، وارتكاب مجزرة جديدة لا تقل وحشية عن جرائمها السابقة في البيضاء وعموم البلاد»، على حد قول المصادر.
ما أسباب الحشود الحوثية؟
قبل ظهر الأربعاء الماضي، أصيب مواطن يدعى مقبل ناصر الصراري، عندما كان يقود دراجته النارية برصاص عناصر حوثية في حاجز تفتيش في بلدة حمة صرار، بزعم سرعته العالية، عندها تدخل أحد أبناء المنطقة ويدعى سيف مرداس الصراري، لإسعافه، لكن الحوثيين أطلقوا الرصاص عليه وأردوه قتيلا.
ووفقا لمصادر محلية لـ«العين الإخبارية»، فإن الحادثة أشعلت غضب قبيلة حمة صرار، إحدى قبائل قيفة، مما أدى إلى تدافع أبنائها لمهاجمة عناصر الحوثي في حاجز التفتيش، إلا أنهم لاذوا للتحصن في مئذنة مسجد بالمنطقة تتخذه المليشيات كثكنة عسكرية وقاموا بقنص الأهالي، مما دفع رجال القبائل لمحاصرتهم وقتلهم وإحراق المئذنة.
ودفع الحوثيون بتعزيزات للمنطقة لكن القبائل قطعت الطريق في بلدة الوثبة، واشتبكت مع المليشيات بشراسة، قبل تدخل وساطة، سمحت للحوثيين بإنزال جثامين قتلاها في مئذنة المسجد وحاولت احتواء الأوضاع.
إلا أن المليشيات ذهبت لتطويق البلدة عسكريا وحصارها واشترطت تسليم 7 من أبناء القبائل كرهائن قبل أن تستقدم، السبت، قوة كبيرة استعداد لاقتحام البلدة.
ويرى مراقبون أن استقدام الحوثيين لتعزيزات عسكرية وطائرات مسيرة ليس فقط استعراض قوة لتخويف القبائل وانما للانتقام من قبائل البيضاء، إثر دورها التاريخي في مقاومة الإمامة، وكذا بهدف إرهاب باقي القبائل في مناطق سيطرتها بـ«سياسة التنكيل».
لكن ماذا عن رد فعل القبائل؟
في المقابل، ردت القبائل بالانتشار والتمركز في مرتفعات حمة صرار، استعدادا لأي هجوم حوثي مباغت لاسيما مع استمرار المليشيات فرض حصار مشدد على البلدة لليوم الثالث، واستقدام تعزيزات، رغم وجود وساطة قبلية تسعى لاحتواء الأوضاع ومنع تجدد المواجهات.
ويبرر الحوثيون حملتهم العسكرية برفض تسليم قبائل قيفة المتواجدة في حمة صرار، نحو 7 من أبناء البلدة تتهمهم المليشيات بـ«الإرهاب»، وبـ«قتل عناصرها»، فيما يقول رجال القبائل إن ذلك مجرد ذريعة لقمعهم، وإن أحداث الأربعاء كانت إثر قتل وإصابة اثنين من ابنائها بدم بارد بحاجز أمني.
كما دعت قبائل قيفة، مليشيات الحوثي لرفع حواجز التفتيش في بلدة حمة صرار، حرصا على التهدئة وحتى لا يخرج الغضب الشعبي المتنامي عن السيطرة.
تحذيرات حقوقية وحكومية
وأثار استقدام مليشيات الحوثي لتعزيزات عسكرية مخاوف حقوقية وحكومية من «مجازر» حوثية تسعد مليشيات الحوثي ارتكابها.
وأطلق ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة مناصرة واسعة تحت وسم «قيفة ليست إسرائيل يا حوثي» رفضا لاستعدادات المليشيات لـ«شن عملية عسكرية لقمع القبائل، في وقت تتجاهل الرد على إسرائيل بعد ضرباتها على ميناء الحديدة»، على حد قولهم.
وحث الناشطون مشايخ محافظة البيضاء وخصوصا الذين قادوا الوساطة للتكاتف، لإيقاف أي تصعيد للحوثيين ضد المدنيين في مديرية ولد ربيع، وعدم ترك المليشيات تنفرد وتضرب القبائل واحدة تلو الأخرى.
وحذرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من إقدام «مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا، على ارتكاب مجزرة جديدة بحق المدنيين والأطفال والنساء في بلدة حمة صرار بمديرية ولد ربيع في البيضاء».
وعلى لسان وزير إعلامها معمر الإرياني، قالت الحكومة إن «المليشيات استقدمت التعزيزات استعدادا لاقتحام بلدة حمة صرار، في امتداد لجرائم القتل الممنهج ومسلسل الإرهاب المتجذر الذي تمارسه بحق اليمنيين منذ الانقلاب».
وأوضح المسؤول اليمني أن مليشيات الحوثي سيرت «حملة مسلحة بمشاركة الاسلحة الثقيلة المنهوبة من مخازن الدولة من الدبابات والمدفعية والطائرات المسيرة، إيرانية الصنع، لاقتحام البلدة بعد أيام من مقتل اثنين من أبناء القرية على يد عناصر المليشيات، أثناء مرورهم بأحد حواجز التفتيش».
وذكر الإرياني باعتداءات «مليشيات الحوثي منذ انقلابها على مئات القرى والعزل في مختلف المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، وتصعيد جرائمها وانتهاكاتها بحق المدنيين من قتل وتهجير وتفجير للمنازل، ومارست بحقهم الفظائع، ضمن محاولاتها كسر إرادة اليمنيين واخضاعهم لمشروعها الانقلابي وأفكارها المتطرفة».
كما دعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص ومنظمات حقوق الإنسان، للتدخل لمنع «مجزرة حوثية»، والإدانة الصريحة لهذه «الجرائم النكراء لمليشيات الحوثي، وتصنيف الأخيرة منظمة إرهابية عالمية».