"العين الإخبارية" تداهم أوكار الحوثي وتتعقب "درونز" إيران
يوما تلو الآخر يتفنن الحوثي في ابتكار أساليب قتل اليمنيين، باقتناء أحدث ما ترسله إيران في شحنات الموت المهربة.
فلم يعد بيت يمني أو سوق شعبي مكتظ، آمنا من طائرات حوثية مسيرة تأتي على حين غرة لتفتك بدماء الأبرياء.
إزهاق أرواح اليمنيين والتجسس وإطلاق القذائف القاتلة من السماء، وظيفة طائرات "درونز" الحوثية، التي أضحت تحديا جديدا، ومخيفا بالنسبة لأبرياء لم يدر في حسبانهم أن تصبح أسواقهم وقراهم الآمنة وحتى مآدب طعامهم بمرمى مسيرات الانقلابيين، هربتها وطورتها المليشيات الإرهابية.
تطور أسلوب القتل
في 16 و17 مايو/أيار الجاري، وقعت حادثتان منفصلتان؛ لكن الضحايا هم أنفسهم؛ عمال وفقراء وزوار أسواق شعبية، ببلدات ساحلية متناثرة في الريف الجنوبي من محافظة الحديدة (غرب).
في الأولى حلقت طائرة حوثية لتُسقط 3 قذائف هاون على عاملي ورواد مطعم في سوق "الطائف" بمديرية الدريهمي، ورغم تدميرها، فإن الحوثيين أرسلوا في اليوم التالي 3 "درونز" أخرى لتحلق فوق قرية على طريق يؤدي لذات السوق وتسقط ذات القذائف القاتلة على مطعم آخر.
وخلفت الجريمتان 15 ضحية، تناثرت أشلاء 3 منهم ليفارقوا الحياة على الفور، فيما نقل الجرحى على نحو طارئ، وكانوا جميعا من العاملين ورواد السوق الشعبي، وفقا لشهادات سكان أدلوا بها لـ"العين الإخبارية".
الجديد في الحادثتين هو تطور أسلوب القتل؛ إذ درجت مليشيات الحوثي على استخدام نوعان من "الدرونز الإيراني"، وهي مفخخة (انتحارية) تنفجر لدى اصطدامها، وأحدث جرائمها الهجوم على سوق "رغوان" في مأرب (شرق) اليومين الماضيين وسقوط 3 مصابين.
ويستخدم الحوثيون المفخخات بشكل مكثف في الهجمات الإرهابية ضد مصافي النفط والمطارات والمدن داخل اليمن، وفي جواره.
دمج بدائي
وعلمت "العين الإخبارية" من عسكريين مختصين في الدفاع الجوي أن مليشيات الحوثي بدأت منذ 3 شهور في إجراء تجارب بدائية بدمج "درونز" تؤدي دورا مزدوجا (تجسسي وناري) بهدف توفير مخزون الطائرات بدون طيار واستخدامها في عدة مهام إرهابية.
ويعود هذا التطور الخطير إلى دمج مليشيات الحوثي "أجهزة إلكترونية" مهربة من إيران؛ قادرة على تحرير القذائف فور تلقيها إشارة من قاعدة التحكم، وفقا للمختصين العسكريين.
وحسب مصادر أمنية أخرى لـ"العين الإخبارية"، فإن الأجهزة الإلكترونية وأنظمة تشويش وتحكم تدفقت للحوثي مع شحنات ومسيرات مجزأة وقطع خاصة بالطائرات بدون طيار مؤخرا عبر ميناء الحديدة وسواحل شمالي المحافظة وعبر المنافذ الشرقية للبلاد.
صنع في إيران
سخّر الحوثيون دعاية ضخمة لاستعراض طائرات بدون طيار في مارس/آذار الماضي، نظم بعد نحو شهرين من معرض عسكري مشابه للحرس الثوري الإيراني، وقد زعمت المليشيات أنها مصنعة محليا وسمّت أحدها "رجوم"، وهي ذات النوع التي نفذت به المليشيات مجزرتي الحديدة، وتم إسقاط واحدة منها.
كما سجلت القوات المشتركة خروقات حوثية باستعراض جماعي عبر تحليق أسراب من "الدرونز" على خط النار وفوق قرى نائية ومدينة الحديدة، وفيما يبدو استغلت خلو الأجواء من طيران التحالف بموجب تهدئة أممية لتحول المحافظة حقل تجارب.
وحصلت "العين الإخبارية" على تسجيل فيديو من حطام طائرة رجوم الحوثية تبين بعد عرضها على مختصي دفاع جوي مدى أكذوبة المليشيات والتي تستخدم مسيرة إيرانية مستنسخة؛ بنفس تصميم طائرة مخصصة لأغراض التصوير المدني المعروفة بـ "YD6-1000S".
وضمن حملة تعتيم لإخفاء بصمات إيران، نشرت حسابات ومواقع إلكترونية حوثية أنها قامت بشراء هذا النوع عبر الإنترنت، لكن لدى مقارنة حجمها تبين أن هناك فارق يقدر بـ15 سنتميترات عن الطائرة الإيرانية البالغ طولها مترا ونصف المتر.
كما لجأت مليشيات الحوثي -وفقا للعسكرين اليمنيين- إلى تثبيت قطعة حديدية لحمل 3 من قذائف "الهاون 60 mm" والجهاز الخاص بتحرير القذائف لدى إسقاطها.
وتُدخل مليشيات الحوثي مستشعرا لتعديل القذائف المستخدمة لتنفجر لدى ارتطامها بالأرض، وعند "تحريرها تتم بنظام تسديد تقديري غير دقيق؛ إذ لا يتم ضرب كبسولتها كما يتم مدفعيا، لأن الغازات المندفعة ستدمر الطائرة ذات الوزن الصغير"، وفق حديث خبراء عسكريين لـ"العين الإخبارية".
خبراء الإرهاب
وبحسب معلومات خاصة فإن خبراء إيرانيين ومن حزب الله الإرهابي هم من يتولى إعادة تركيب الطائرات، بعد تهريب قطعها المجزأة لليمن، ويتم تحضير بعض الأنواع في ورش وملاجئ بمناطق الحوثيين.
ووفقا للضابط اليمني المقدم وضاح العوبلي فإن خبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، يعملون على وضع تصاميم متعددة للجسم الخارجي، فضلا عن الأجنحة الخشبية ويتم استخدام ألواح رقيقة وخفيفة الوزن هنا باليمن.
وتهرب طهران للحوثيين المحرك "الدينامو"، وعدسات تحت الأشعة الحمراء للتصوير الدقيق من مسافات جوية عالية، فضلا عن قطع أخرى كالحساسات والمستشعرات والهوائيات، ونظام الإرسال والاستقبال والأجهزة الإلكترونية، وفقا للخبير العسكري.
ولاقت جرائم الحوثيين الأخيرة على الأسواق الشعبية في الحديدة ومأرب إدانات حقوقية وحكومية وأممية واسعة، واعتبرتها منظمات يمنية أنها تحمل "مؤشرات بالغة الخطورة" في تطور مسيرات المليشيات التي أوغلت في سفك الدم اليمنيين.
"درونز الموت"
وحذر خبراء عسكريون يمنيون من أن التقنيات الجديدة المهربة لمليشيات الحوثي، تفتح ثغرة أمنية خطيرة مالم يتم درء ذلك بتسليح مضاد واستغلال أبسط الإمكانات المتاحة للحماية القتالية والمناطق المدنية.
وبالنسبة للخبير اليمني المقدم وضاح العوبلي فإن "درونز الموت" الحوثية تكون أكثر خطرا في المناطق الصحراوية والساحلية منها في الجبلية، وكلما اقتربت من الأرض كلما زاد خطر مقذوفاتها.
وأوضح العوبلي في هذا الصدد أن نظام الاستهداف يتم عبر كاميرات الطائرة تحت الحمراء، وتسقط القذائف سقوطا عموديا حرا، وتتأثر بعوامل الرياح وما إلى ذلك؛ ولهذا لا تكون إصاباتها محققة بدقة كبيرة عسكريا في المناطق الجبلية، أما في الصحراء والمدن فيعد استخدام قذائف الهاون "خطرا محدقا خصوصا على المدنيين الأبرياء".
ولفت العوبلي إلى أن مليشيات الحوثي لجأت بالفعل لتحويل نماذج انتحارية سابقة إلى نماذج مخصصة لإطلاق القذائف، وذلك لتوفير أعداد الطائرات ولتوسيع أنشطتها ومهماتها الإرهابية.
وعن التعامل مع هذا الخطر أكد الخبير اليمني أن هناك أنظمة متقدمة لكن بسبب إمكانيات كافة القوات اليمنية والجيش اليمني يمكن استخدام التقنيات المتاحة والمتوفرة من قبيل استخدام آلية "شيلكا" الروسية.
ونوه إلى فاعلية هذا النوع من الآليات لامتلاكه رادارات قادرة على الكشف والتتبع الآلي من مسافة 25 كيلومتر وتدمير الأهداف الجوية المنخفضة بسرعة 500كلم/ساعة في دائرة قطرها 3 كيلومترات وبنسبة إصابة 90%.
ودعا الخبير العسكري التحالف العربي ووزارة الدفاع اليمنية والقوات المشتركة والجنوبية لرفع وتيرة العمل في الحماية الجوية لكافة المحاور والمناطق مع مليشيات الحوثي، من خطر التجسس والرصد والاستهداف بدرونز الموت.
كما شدد على سد المناطق "الميتة راداريا" تحت 5 درجات بالزاوية والتي تتسلل منها المسيرات الحوثية، ما يستدعي اعتماد الحقول الرادارية متعددة المستويات لتجنب هذه التقنيات الإيرانية التي تلبد سماء اليمن بالموت.
aXA6IDMuMTI4LjIwMC4xNjUg جزيرة ام اند امز